تخوض نقابات العدل منذ أسبوعين إضرابات عن العمل بعد هدنة دامت ثلاثة أشهر على إثر توقيع اتفاق مع الوزارة في فبراير الماضي. وبررت الجامعة الوطنية لقطاع العدل والنقابة الوطنية للعدل اللتان كانتا سباقتين للإعلان عن الإضراب، سبب التصعيد إلى ما قالت عنه تهريب الملف المطلبي للشغيلة العدلية وإدخاله من جديد إلى نفق التعتيم والغموض تشتم منه رائحة مؤامرة جديدة يتم التهييئ لها لمعاودة سيناريو 10 يوليوز 2008 بإصدار النظام الأساسي لموظفي قطاع العدل في نسخة جديدة دون تغيير في الجوهر وبدون تكلفة مادية، حسب بلاغ النقابة التابعة للكنفدرالية، بينما قالت النقابة العدلية التابعة للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب أن هناك توجها داخل وزارة العدل يهدف إلى إفراغ اتفاق فبراير 2011 من جوهره المتمثل في إخراج النظام الأساسي المحفز والمحصن، والإمعان في رفض مقترحات ليس لها أي كلفة مالية، من قبيل الحماية القانونية لموظفي العدل واستقلالية كتابة الضبط. وحسب مصادر مطلعة فإن الحكومة سبق لها أن شكلت لجنة وزارية مكونة من ممثلين عن وزارة العدل ووزارة تحديث القطاعات العامة ووزارة المالية، حُدد لها هدف إيجاد حل عاجل من خلال تنفيذ ما تم الاتفاق حوله بين وزارة العدل ونقابات القطاع في فبراير الماضي. وعقدت هذه اللجنة عددا من اللقاءات لم تُشرك فيها التمثيليات النقابية، وماتزال اللجنة المذكورة تشتغل رغم تجاوزها للجدولة الزمنية المحددة لها بموجب اتفاق فبراير 2011، وحسب المصادر نفسها فإن العرض الذي أصبح جاهزا ومتفقا حوله بين ممثلي الوزارات المعنية يتضمن تحويل ما يسمى في قطاع العدل بتعويضات الحساب الخاص التي كان مقررا أن يستفيد منها موظفو القطاع كل ستة أشهر، إلى الراتب الشهري و توزيعها على أشهر السنة، وتبلغ قيمة التعويضات المشار إليها حوالي 25 مليون درهم كان من المفترض أن يستفيد منها أكثر من 12 ألف موظف بالقطاع على قسطين في السنة، والتي تم ضخها بموجب قانون المالية لسنة 2011 في وعاء الحساب الخاص بوزارة العدل، ستحتسب ابتداء من يوليوز 2011 في الراتب الشهري للموظفينن وستكون ما بين 800 درهم و2700 درهم من دون احتساب 600 درهم التي أقرتها الحكومة لجميع موظفي القطاعات العمومية بموجب اتفقا 26 أبريل 2011 المتعلق بالحوار الاجتماعي. وذكرت مصادر "هسبريس" أن التعويضات سيتم توزيعها بحسب الفئات، حيث سيستفيد المرتبون في السلم الخامس من 800 درهم، والسلم السادس من 900 درهم، والسلم الثامن 1150 درهم والسلم التاسع 1300 درهم والسلم العاشر 1500 درهم والسلم الحادي عشر 2200 درهم، وخارج السلم 2900 درهم. وفيما يتعلق بالترقية تم الاكتفاء في عرض وزارة العدل بخمس سنوات للترقية بالمباراة عوض ست سنوات، وتسع سنوات للترقية بالاختيار عوض عشر سنوات، بينما تم اقتراح تخفيض سنوات الانتظار من أربع سنوات إلى ثلاث سنوات. كما رفعت نسبة الحصيص إلى 35 في المائة عوض 33 في المائة، ووافقت اللجنة التي أعدت العرض أيضا على حذف السلم السابع بقطاع العدل. وعن رأيه في هذا العرض قال ابلقاسم المعتصم عضو المكتب الوطني للجامعة الوطنية لقطاع العدل وعضو لجنة الحوار مع وزارة العدل إن العرض لم يُقدَّم بعد من قبل الجهات المسؤولة إلى النقابات بشكل رسمي، وأن كل ما يتم نقاشه بين موظفي العدل هو مجرد تسريبات عن اللجنة التي أعدت العرض، مؤكدا في تصريح ل"هسبريس" أن ما تضمنه العرض المذكور لم يرقَ إلى تطلعات موظفات وموظفي قطاع العدل خاصة هيئة كتابة الضبط، معتبرا أن هناك مؤشرات غامضة في العرض تتعلق أساسا بإخضاع هذه الزيادة للضرائب بعد أن كانت معفية منها بموجب مرسوم الحساب الخاص، وأيضا لكونها تعمق التفاوت بين الفئات حسب المتحدث، وأضاف المعتصم أن هناك مطالب تقدمت بها نقابته لا تحتاج إلى أية كلفة مالية بقدر ما تحتاج إلى ما قال عنه إرادة حقيقية في إصلاح هيئة كتابة الضبط، ومن هذه المطالب إقرار استقلالية هيئة كتابة الضبط وفق ما هو معمول به في عدد من الدول، ولم يتطرق إليها عرض الحكومة. يشار إلى أن عددا من محاكم المملكة شهدت شللا تاما خلال الأسبوع الماضي بسبب احتجاج موظفي العدل، ومن المتوقع أن تغلق المحاكم أبوابها بسبب إعلان ثلاث نقابات في القطاع عن إضراب جديد أيام 24 و25 و26 ماي 2011، كما ستنظم نقابات العدل وقفات احتجاجية أمام عدد من المحاكم، في الوقت الذي ما يزال فيه محمد الناصري وزير العدل خارج أرض الوطن منذ عدة أيام.