بجانب مسجد حبيب النجّار الذي يعدّ الأقدم على تراب الأناضول، وكنيسة بيري المبنية داخل كهف؛ تقع مدرسة محمد باشا، التي يعود تاريخ بنائها إلى 442 عاماً، ليزيد من رونق ولاية هطاي التركية التي تقع جنوب البلاد، وتبهر أنظار الزائرين بجمالها وفنها المعماري. في عام 1574، أمر محمد باشا، الذي كان يشغل منصب وزير السلطان العثماني سليمان القانوني، ببناء مدرسة في ولاية هطاي التي تعدّ مهد الحضارات، وأشرف على عملية البناء المعماري التركي الشهير "سنان" واختيرت منطقة باياس مكاناً للمدرسة. المدرسة البالغة مساحتها الإجمالية قرابة 15 ألف متر مربع تتميّز بفنها المعماري اللافت للأنظار، حيث تجذب الزخارف الموجودة على تاج الباب الموضوع في المدخل الرئيسي انتباه الزوار. وتحتوي المدرسة على خانات تحيط بساحة كبيرة وتضمّ غرفا صغيرة صُمّمت على شكل قُبّة خصصت لاستضافة العابرين من الولاية، إضافة إلى حمّامين واحد للرجال والآخر للنساء، ومبنى للدراسة وحديقة وجامعا و45 دكاناً تجارياً. ويتوسط الغرف الصغيرة برج يبلغ ارتفاعه 6 أمتار صُمم بهدف المراقبة وتأمين سلامة الغرف والساحة، فيما تلفت سماكة الجدران انتباه الزوار. وتتوسط حديقة المدرسة شجرة زيتون عمرها 13 قرنا، يقال إنّ "أوليا جلبي بن درويش محمد ظلي" المعروف برحلاته الطويلة ضمن بقاع الإمبراطورية العثمانية قد استظلّ بظلها. وقامت مديرية الأوقاف العامة في تركيا بترميم المدرسة عدّة مرات. وإلى جانب جمالها الطبيعي الذي يظهر نهاراً، فإنّ إضاءتها الليلية تبهر الزوار أيضاً. وفي هذا السياق، قال صباح الدين ناجي أوغلو، رئيس جمعية السيّاح في ولاية هطاي، إنّ مدرسة محمد باشا التي بناها المعماري سنان تعدّ من أهم الآثار التاريخية الموجودة في تركيا. وأفاد ناجي أوغلو بأنّ ولاية هطاي تحتضن العديد من الآثار التاريخية والطبيعية والأماكن الثقافية، مشيراً إلى أنّ المدرسة تعدّ امتدادا للحضارة العثمانية ومعلماً من معالمها الممتدة من المجر إلى مكّة المكرمة. وتابع ناجي أوغلو قائلاً: "ولاية هطاي تحتضن العديد من الآثار والمعالم التاريخية؛ من بينها مدرسة محمد باشا، التي تعدّ شريان المنطقة، فالمنشآت الخيرية التي بناها الوزير الذي سميت المدرسة باسمه، ممتدة من دول البلقان إلى الحجاز. وتكثر هذه المنشآت على أطراف الطرق التي يستخدمها التجّار والمسافرون والحجاج؛ وذلك بغية تقديم الخدمات لهم". وأكّد ناجي أوغلو أنّ كافة الزوار الذين يقصدون المدرسة ينبهرون بجمالها الفني والمعماري، مشيراً إلى أنّها ما زالت محافظة على رونقها وروعة زخارفها بسبب الترميمات المتكررة التي أجريت عليها. * وكالة أنباء الأناضول