ما زالتْ تداعيات نشر قصّة طفليْن يعيشان في الشارع بمدينة تيزنيت، إثرَ تخلّي أمهما عنهما، مستمرّة، بعدَ إقدام وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بتيزنيت على إصدار بيان نفى فيه أنْ تكون النيابة العامّة قدْ أمرتْ بإعادة الطفلين هشام ومروان إلى الشارع، بعدما نقلتْهما الشرطة إلى مفوضية الأمن يوم الجمعة الماضي. بلاغ وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بتيزنيت، الصادر أوّل أمس الاثنين، وجرى تعميمه من لدن ديوان وزير العدل والحريات، اليوم الأربعاء، اعتبَر أنّ ما نُشر حول الموضوع "لا أساس له"، مشيرا إلى أنّ أمّ الطفلين هي التي تقدمت إلى مصالح الشرطة رفقة ابنيها يوم الجمعة مساء، معبرة عن رغبتها في التخلي عنهما نظرا لظروفها الاجتماعية. وأوضح وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بتزنيت أنَّ السيدة التي تقدّمت بطلب التخلّي عن طفليها تمّ إرشادها بالحضور يوم الاثنين إلى النيابة العامّة، لسلوك مسطرة الإهمال؛ وهو ما تمّ بالفعل، حيث تمّ إيداع الطفلين بالمستشفى الإقليمي وفق المسطرة القانونية المعمول بها في هذه الحالة، حسب ما جاء في نصّ البلاغ. مصادر مقرّبة من الموضوع أكّدتْ أنّ النيابة العامّة بتزنيت قدْ أمرت، فعلا، بإعادة الطفلين البالغيْن من العمر ما بين سنتين وثلاث سنوات إلى المكان حيثُ كان يعيشان في سوق صغير في منطقة تسمّى "إكّي واسيف" بتزنيت، بعدما تمّ نقلهما إلى مفوضية الأمن؛ وهو ما خلَّف غضبَ الرأي العام بالمدينة، ودفعَ النيابة العامّة لاحقا إلى تدارك الأمر، خاصّة بعد انتشار قصّة الطفلين على نطاق واسع. وقال مصدر لهسبريس إنَّ وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بتزنيت تلقّى اتصالا هاتفيا من وزارة العدل والحريات، للاستفسار حول حيثيّات موضوع الطفلين هشام ومروان؛ وهو ما دفع به إلى التحرّك لنفي الأخبار التي تداولتها الصحافة، والتي تؤكد شهادات مواطنين في مقطع فيديو وثّق حالتهما بالصوت والصورة صحّتها، إذ أكدت الشهادات أنّ أمّهما تخلّت عنهما منذ مدّة واختفت عن الأنظار. وأورد وكيل الملك بتزنيت، في بلاغه، أنَّ أمّ الطفليْن تقدّمت بطلب التخلّي عن فلذتيْ كبدها مساء يوم الجمعة؛ قالَ الفاعل الإعلامي محمد بوطعام، الذي صوّر مقطع الفيديو ونشره، أنَّ الفيديو هو الذي جعَل الشرطة تتحرّك ونقلت الطفلين إلى مفوضية الأمن، ليُفاجأ الجميع بإعادتهما إلى الشارع بناء على تعليمات النيابة العامة، مضيفا "بلاغ وكيل الملك فيه تناقض، لأنّ أمّ الطفلين اختفتْ منذ مدّة". وتؤكّد شهادة امرأةٍ ما أفادَ به بوطعام، إذ قالتْ في مقطع الفيديو "هذان الطفلان ليس لديهما من يهتم بهما، الجيران تعبوا، وأنا لا أتوفر في البيت على من يعتني بهما ويتكفّل برعايتهما"، قبل أن تضيف: "هنا (تشير إلى خمّ للأرانب) ينامون ويأكلون، ويمكثون في الشارع إلى آخر ساعات الليل". وقال صاحب متجر ظلّ يعتني بهما إنَّ الجيران جمعوا مالا وأجّروا بيْتا لأم الطفل؛ لكنّها رفضت. الضجّة التي خلّفها نشر قصّة هشام ومروان دفعت النيابة العامّة بتزنيت إلى التحرك، حيث جرى نقل الطفلين إلى جناح الأطفال المتخلّى عنهم بمستشفى الحسن الأوّل بتزنيت. وأفاد محمد بوطعام بأنَّ أكبرَهما ستُجرى لهم عملية ختان، إذْ إنَّهما لم يخضعا حتّى للختان، بعدماَ توفي والدُهما، وتخلّتْ عنهما أمهما. وطالبَ المتحدّث بحماية الطفلين من الاستغلال من لدن جهاتٍ تحرّكتْ عقبَ تفجّر قضيتهما، بهدف استغلالها في جمع التبرعات، قائلا: "منذ سنة كاملة لم تتدخّل أيّ جمعية لإيواء الطفلين، واليوم هناك أطراف عديدة تتحرّك، ونحنُ نطالب كلّ من يريد مساعدة الطفلين الاتصال بوكيل الملك، وينسّق مع مدير مستشفى الحسن الأوّل". إنَّ معاناة الطفلين هشام ومروان لمْ تنته بإحالتهما على جناح الأطفال المتخلى عنهم بمستشفى تزنيت، في ظلّ غياب مركزٍ يهتمّ بمثل هؤلاء الأطفال في تيزنيت؛ وهو ما يحتّم نقلهما إلى مدينة أكادير، قصْد تمكينهما من العيش في أحد مراكزها الخاصة بالأطفال المتخلى عنهم.