شدّد أنيس بيرو، الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، على أن الهجرة ظاهرة معقدة تطرح رهانات واسعة ومتنوعة؛ وهو ما يجعل دراستها وتدبيرها غاية في الصعوبة. الوزير أكد، اليوم الاثنين خلال كلمته في افتتاح أشغال الدورة الأولى للجامعة الموضوعاتية الأورو إفريقية لشبكة الهجرة، حول موضوع "الهجرة والمهاجرون في قلب الفعل السياسي"، بمدينة أكادير، أن "البحث العلمي المتصل بمظاهر الهجرة يبقى ضرورة لفهم الظاهرة، إلى غاية رفع تلك التحديات المطروحة". وأشار أنيس بيرو، الذي كان يتحدّث أمام ممثلي أزيد من 17 دولة من إفريقيا وآسيا وأوربا بفضاء اللسانيات في كلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة ابن زهر، إلى أن أهمية موضوع الدورة نابع من ضرورة تفعيل المقاربة التشاركية بين الباحثين وصانعي القرار السياسي، من أجل معالجة إشكاليات الهجرة في مجملها، معتبرا الجامعة فضاء لمواكبة صانعي الفعل السياسي في التدبير المسؤول والعقلاني لشؤون الهجرة، وتطوير السياسات الدولية في هذا المجال. وذكر الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة بالخطاب الملكي بمناسبة الذكرة ال63 لثورة الملك والشعب، الذي أشار إلى التزام المغرب في حماية حقوق المهاجرين والمحافظة على كرامتهم، بالإضافة إلى توجه المغرب في اعتبار ظاهرة الهجرة رافعة للتنمية وأداة للتماسك بين الأقطار وحاملا للتنوع الثقافي ومسؤولية مشتركة بين دول المصدر والعبور والاستقبال، لحسن تسيير التنقلات البشرية، وفقا للوزير بيرو. واستطرد أنيس بيرو بالقول إن هذه المظاهر والتجليات سيتم التذكير بها في الندوة التي ستُخلّد الذكرى الثالثة لإعلان السياسة الوطنية الجديدة في مجال الهجرة واللجوء السياسي، التي ستُنظمها الوزارة في ال9 من شتنبر المقبل بالرباط، تحت عنوان "السنة الثالثة من السياسة الوطنية في مجال الهجرة وحق اللجوء السياسي.. الحصيلة والانتظارات"، وستكون الندوة مناسبة لتبادل الآراء والتجارب بين مختلف المتدخلين المحليين والدوليين حول الهجرة واللجوء السياسي. واستعرض المسؤول الوزاري العديد من البرامج المفعّلة من أجل تسهيل إدماج المهاجرين واللاجئين في المغرب؛ ضمنها تسوية عملية استثنائية لتسوية الوضعية الإدارية للأجانب المقيمين في وضعية غير قانوية خلال سنة 2014، وتبني قانون حول التصدي لظاهرة الاتجار في البشر، ومشروع قانونيْن حول اللجوء السياسي والهجرة، ومخطط إدماج المهاجرين في المجتمع المغربي، لا سيما في مجال الصحة والتعليم والسكن والتكوين المهني والشغل، وخلق آلية لمساعدة المهاجرين في وضعية صعبة، وتقوية الشراكة الواسعة في مجالات المرتبطة بالهجرة بين مختلف دول الشمال كما الجنوب. وأضاف بيرو أن المقاربة المعتمدة حاليا من لدن المغرب تسير في نفس مسار التوجهات والمبادرات في مجال الهجرة الدولية؛ "ففي سنة 2006، فإن "نداء الرباط" شكل سابقة مهمة للتعاون الجهوي والبيجهوي في مجال الإجابة عن أسئلة الهجرة، لتنسيق الجهود بين الدول في اتجاه مقاربة مشتركة". كما أن المغرب لعب دورا غاية في الأهمية في مخطط مسلسل الرباط، الذي كان يهدف إلى إعداد إطار للحوار وتفعيل مبادرات ملموسة وعمليّة لوقف الهجرة غير الشرعية، وتنزيل سياسة متمركزة حول الهجرة والتنمية، يورد الوزير بيرو. وفي سنة 2015، وبقمة "لافاليث"، التي جمعت قادة الدول والحكومات الأوروبيين والأفارقة من أجل مناقشة سبل تقوية التعاون لرفع التحديات المطروحة في مجال الهجرة، "فإن المغرب أسس لحكامة تدبيرية في المجال مبنية على "مسؤولية كل واحد وتضامن الجميع"، وسياسته كانت نموذج جهويا في التدبير المسؤول والمتضامن لظاهرة الهجرة"، كما أن الوضع المتقدم للمغرب لدى الاتحاد الأروبي وتموقعه في إفريقيا يحفزان المغرب إلى الاستمرار في نهجه شراكة عامة ومندمجة ومتضامنة في مجال الهجرة بين القارتين، وفقا لبيرو. وفي السياق، تطرق المتحدث إلى مساهمة المغرب في إعداد الدورة الأولى ل"المنتدى الدولي حول الهجرة والتنمية"، من 9 إلى 11 يوليوز 2007 ببروكسيل، كما سيترأس، بمعية ألمانيا، بناء على ذلك، المنتدى في 2017 و2018. وقد استغل المغرب مشاركته في اللقاء الثاني حول الحوار، على أعلى المستويات في سنة 2013 بهيأة الأممالمتحدة، للدعوة إلى تأسيس رابطة إفريقية للهجرة والتنمية، بهدف تعزيز نظرة إفريقية مشتركة حول الهجرة، مرتكزة على القانون الدولي واحترام حقوق الإنسان، يقول الوزير الذي أن المغرب يعتبر الهجرة رافعة للتنمية بالنسبة للمهاجر، لبلده المستقبل والأصلي، "ولا ينظر إليها كتهديد اقتصادي أو اجتماعي". ومن جهتها، قالت زينب العدوي، والي جهة سوس ماسة، إن تشجيع التبادل العلمي والمعرفي بين فرق العمل والبحث، وتقاسم الأفكار والمقترحات بخصوص الهجرة، يجملان "ملتقاكم هذا فضاء أكاديميا بامتياز، وملتقى للمبادرات الفكرية الخلاقة الهادفة إلى إيجاد حلول إنسانية وطموحة لمقاربة الأبعاد المتشابكة لظاهرة الهجرة، حلول تتماشى ونظرة الملك محمد السادس، والتي تضمنها الخطاب الملكي بمناسبة الذكرة ال36 لثورة الملك والشعب". واعتبرت العدوي النداء الملكي "دعوة صريحة إلى تعميق التفكير العلمي والأكاديمي، بخصوص قضية الهجرة والعيش المشترك في كافة تجلياته، ومساهمة الجامعة في وضع تصورات ومقترحات كفيلة بمساعدة السلطات العمومية على وضع المقاربات السليمة وفق حكامة جيدة لموضوع الهجرة".. كما ذكرت بأن المملكة المغربية تولي أهمية بالغة لإشكالية الهجرة، من خلال تخليد اليوم الوطني للمهاجر، في 10 غشت من سنة؛ "ناهيك عن وضع آليات موجهة إلى تذليل كل الصعاب التي يواجهها مغاربة العالم".