لقي القرار الذي اتخذته بلدية بيروت مطلع هذا الشهر بشأن منع سير الدراجات الهوائية ووضع النراجيل وتنزيه الكلاب على كامل الأرصفة في منطقة الكورنيش البحري في العاصمة اللبنانية، موجة من الترحيب من قبل رواد هذه المنطقة، قابلها في الوقت نفسه آراء رافضة له كليا أو جزئيا. وكانت بلدية بيروت قد اتخذت تلك القرارات بعد تلقيها عدة شكاوى مؤخرا من ظاهرة اصطحاب الكلاب للتنزه على رصيف الكورنيش البحري للعاصمة اللبنانية، بالإضافة إلى عادة وضع النراجيل والكراسي من قبل مجموعات من الشباب، وكذلك قيادة الدراجات الهوائية بشكل يعيق حركة المتنزهين وممارسي الرياضة. عضو مجلس بلدية بيروت، خليل شقير، برر هذا القرار في تصريحات للأناضول بأن "المساحات والأماكن العامة هي ملك لكل اللبنانيين"، لافتا إلى أن "هناك العديد من الأشخاص يربون حيوانات أليفة ومن ضمنها الكلاب ولهم الحق بأن يتنزهوا معها لكن على أن يلتزموا ببعض الضوابط مثل أن يكون الكلب معلقا بسلسلة فلا يتم إطلاقه في مكان عام بما يسمح له بالتعرض للمشاة". وأضاف أنه على أصحاب الكلاب أيضاً لكي يتمكنوا من التنزه برفقتها أن "يكونوا على قدر من المسؤولية والاحترام للمكان العام بحيث يقومون بجمع براز كلابهم". وتطرق إلى انتشار ظاهرة تجمعات الشباب مع النراجيل على الكورنيش، وهو أبرز منطقة شملها المنع بالإضافة الى حرج بيروت الطبيعي (وهو أكبر مساحة خضراء في العاصمة بيروت وتقدر مساحته بنحو 330 الف متر مربع)، وكذلك "ساحة ساسين" في منطقة الأشرفية شرق بيروت، مشيرا إلى أن البلدية تجاوبت مع اعتراضات سكان العاصمة. وأردف عضو بلدية بيروت أن "هناك الكثيرين الذين تقدوا بشكاوى إلى البلدية بأنهم لم يعودوا يقبلون بأن يتوجه أولادهم، وتحديدا بناتهم، للتنزه على الكورنيش لأن الأمور لم تعد تحتمل، وهناك مضايقات". وشدد شقير على أنه "لا يمكن لأي شخص أن يدخن النرجيلة في مكان عام ويقوم بفعل الاحتشاد على الرصيف، فذلك أولا غير مسموح على الأرصفة (قانونا)، وثانيا، تحدث مضايقات وتحرشات ببعض الأشخاص". وأوضح أن جانبا آخر من هذا القرار يتعلق كذلك بالحد من الكلاب الشاردة التي من الممكن أن تشكل خطرا على المارة أو الفقراء واللاجئين الذين يفترشون بعض أرصفة العاصمة مع أطفالهم. ولفت إلى أن الاتجاه لدى بلدية بيروت هو تحويل "حرج بيروت" إلى محمية طبيعية، قائلا: "نحن نتكلم على مساحة خضراء ترفيهية ورياضية وبيئية بحتة، لا يمكنني القبول بشرب النراجيل داخلها، فلا يمكنني أن أضمن حسا عاليا من المسؤولية لدى كل الناس بألا تترك ورائها الفحم وغيرها من مخلفات النرجيلة". ونوه أن ذلك يعني أن "الحرج الذي عملنا سنوات لتطويره ليكون متنفسا لأهل بيروت وأولادهم وسكانها بل ولكل اللبنانيين ممكن أن يتعرض لحريق يمثل كارثة بيئية بسبب سهو أو قلة وعي ومسؤولية". وأوضح شقير أن تطبيق هذا القرار سيتم على مستويين، الأول من قبل "فوج الحرس" التابع لشرطة بلدية بيروت والثاني من قبل قوى الأمن الداخلي "وذلك بعد أن أرسلت البلدية توصية بهذا الشأن إلى محافظ بيروت زياد شبيب الذي سيرسل بدوره مذكرة إلى قائد قوى الأمن الداخلي في بيروت العميد محمد الأيوبي ليتم التدقيق والتشديد في تطبيق القرارات"، لكنه أكد أن "الدور الأساسي في تطبيق أي قانون وأي مبدأ هو للمواطن". من جانبه، رحب غالبية اللبنانيين من رواد الكورنيش "بهذا القرار التي باشرت البلدية بتطبيقه من خلال وضع لافتات على الرصيف البحري تطلب من رواد الكورنيش عدم قيادة الدراجات الهوائية الكبيرة أي من قبل البالغين، أو وضع الكراسي من أجل تدخين النرجلية أو تناول الطعام، تمهيدا لتنفيذه من قبل شرطة البلدية ولاحقاً قوى الأمن الداخلي التابعة لوزارة الداخلية كذلك. لكن هناك البعض ممن رفضوا القرار كليا أو جزئيا، معتبرين أنه على البلدية تنظيم النشاطات لا منعها خصوصا أن الكورنيش يشكل متنفسا للبنانيين عموما وسكان المدينة خصوصا. ووصف رضا سرحان، 48 عاما، القرار بأنه "خطوة جيدة"، مشددا على أن "المبدأ هو أن يكون الكورنيش البحري نظيفا"، خصوصا أنه من رواد هذا المكان بشكل يومي. وتمنى رضا "تخصيص خط خاص على الكورنيش لسير الدراجات الهوائية وأن يلتزم الناس بذلك". محمد علي سنو، البالغ من العمر 50 عاما، اعتبر أن "القرار جيد خصوصا بالنسبة للدرجات النارية والكلاب". وأضاف أنه "بالتأكيد ليس منظرا حضاريا أن ترى كثافة انتشار النراجيل على الكورنيش، خصوصا أن هذه المجموعات التي تلتف حول النراجيل تكون عادة من الشباب التي تمارس "التلطيش". وفضلت نزيهة حيدر، البالغة 35 عاما، أن "يتم فرض غرامات على المخالفين لهذا القرار" من قبل البلدية، ولفتت إلى أنها تخاف على ابنتها الصغيرة التي ترافقها على الدراجة الهوائية على الكورنيش، من الاصطدام بالدراجات الكبيرة، وأردفت نزيه: "حتى بالنسبة للكلاب، نراهم يهجمون فجأة علينا، فكيف نتصرف؟". في نفس الاتجاه، رحب علي درويش (32 عاما) بالقرار كليا، قائلا: "كان يجب ان يطبق قبل ذلك""، وأضاف أنه "بالاضافة الى ازدحام الكورنيش بالنراجيل، هناك قضية الكلاب التي لا تحترم من يخافون الكلاب أو ذلك البعض الذي لا يطيق الكلاب أو يصاب بالقرف منها خصوصا أن برازها صار يملأ الكورنيش". لكن نعمت، 55 عاما، والتي رفضت ذكر باقي الاسم، عبرت عن رفضها للقرار، قائلة: "أنا ضده لأن الكورنيش هو المتنفس لأهل المدينة". وتساءلت: "إذا كان القانون يمنع التدخين في الأماكن المغلقة حتى داخل المقاهي، فأين نذهب؟ من المفترض أن يكون البحر هو المتنفس للتدخين والنرجيلة"، وأضافت بنبرة تحد: "سأدخن حيثما أريد .. ولتأتي البلدية لمنعي"، لكن نعمت أيدت منع الكلاب على الكورنيش، وأوضحت أن "ليس هناك من يلاحقهم وينظف أوساخهم". نيكول ، البالغة40 عاما، ولم تذكر باقي الاسم، قالت إن "القرار لا يزعجني شخصيا لأني غير مدخنة ولا اقتني كلبا"، لكنها في الوقت نفسه استغربت القرار متسائلة لماذا لا يتم تطبيق ما هو موجود في بلدان أخرى بهذا الشأن. وتابعت: "كنت أعيش في أوروبا وهناك يمكن للناس أن تتنزه مع كلابها في أرقى شوارع باريس لكن مع إجبارهم على جمع أوساخ الكلاب وإلا يغرمون". كما أيدت نيكول قرار منع النرجيلة "لأنه لا ينقصنا تلوث فوق ما هو موجود"، وذلك أيضا يسري على الدرجات الهوائية والنارية لأن "هناك الكثير من حالات التصادم بين راكبي الدراجات والمشاة". ورأت سميحة، 48 عاما، أنه "ليس من حق البلدية أن تمنع هذه النشاطات بل أن تنظمها وتضبطها"، مقترحة "تخصيص مساحة معينة من الكورنيش البحري لمن يريد تدخين النرجيلة". أما عماد، 43 عاما، فأعرب عن شكوته من "الأوساخ على الكورنيش وبقايا الفحم من قبل من يدخنون النرجيلة، قائلا: "من يريد أن يوسخ رئتيه بالدخان فهو حر، لكن لا يحق له أن يشوه المنظر العام". من جهته، يهزأ حسين، البالغ 18 عاما، وهو يحمل نرجيلته في حقيبة على ظهره ومنقل الفحم في يده، من القرار، قائلا: "اعتدنا دائما أن ندخن على الكورنيش، فكيف وصلنا إلى أيام يتم منع ذلك؟"، وأقر بأنه سيستمر بذلك، وإذا مرت دورية للشرطة فسيخفي النراجيل كي لا يروها. *وكالة أنباء الأناضول