يجد عشاق جمع الشارات التذكارية، أو تلك القطع المعدنية الصغيرة التي يتم وضعها على صدر البذلات أو تعلق بالحقائب والقبعات، في الألعاب الأولمبية التي تحتضنها مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية حاليا مرتعا خصبا وموعدا مواتيا لممارسة هوايتهم المفضلة، إذ يسعون إلى الحصول على تلك "الجوهرة النادرة"، ومن يدري فقد يبتسم لهم الحظ بالبرازيل ويتحقق حلم طالما راود الكثيرين منهم. وتشكل دورة ريو، التي تتواصل فعالياتها إلى غاية 21 غشت الجاري، بامتياز، سنة هذه الشارات المعدنية التذكارية، التي تعرف أيضا ب"الدبابيس الأولمبية"، حيث تشغل بال هواة جمعها الذين يحرصون على تبادلها حيثما التقوا خارج الحديقة الاولمبية. ومع وجود 800 نموذج وثلاثة ملايين وحدة تم إنتاجها بمناسبة الألعاب الأولمبية الحالية وأولمبياد ذوي الاحتياجات الخاصة التي ستجري بريو دي جانيرو لاحقا، يبدو أن المجال سيكون واسعا أمام عشاق هذه الهواية للسعي إلى الحصول على القطع الأكثر شهرة أو الظفر بالناذر منها، والتي يمكن بيعها بمئات الدولارات على مواقع البيع المخصصة لذلك على الشبكة العنكبوتية. واستطاع عشاق هذه الشارات التذكارية، والذين يطلق عليهم على سبيل التحبيب "رؤوس الدبابيس"، خلق أسواق حقيقية موازية بريو دي جانيرو التي قدموا إليها من مختلف مدن العالم، لأجل تبادل أو بيع تلك القطع الصغيرة التي تؤرخ لذكرى الالعاب الاولمبية والبلدان المشاركة فيها لأزيد من مائة سنة. فالبنسبة للبعض، فإن تبادل "دبوس" يمكن أن يتجاوز مجرد الشغف كما هو الحال بالنسبة لدان بيكر، الذي لم يغب عن أية دورة للألعاب الأولمبية منذ سنة 1980، فهذا الأمريكي ولكي يعيش حلمه كجامع للشارات التذكارية حرص على حضور جميع دورات الالعاب الاولمبية.. لكنه لا يشتري تذاكر حضور المنافسات. ويوضح بيكر بالقول "قد أضيع على نفسي فرصة الحصول على دبوس خاص طالما سعيت إلى امتلاكه إذا ما كنت أقضي وقتي في متابعة المنافسات". وإذا كان جمع الشارات المعدنية يعتبر نشاطا يجلب إليه الكثير من المولعين الأجانب، فقد اكتشف البرازيليون شغفا بالعملات التذكارية الخاصة بالألعاب الأولمبية. وسواء بالمحلات الرسمية أو لدى الباعة المتجولين بالشوراع، باتت القطع النقدية المعدنية من فئة ريال برازيلي تستأثر باهتمام الكثيرين. فبالنسبة لإدفيجي دي بريتو (بائعة متجولة) فقد عرفت كيف تغتنم الفرصة وتجني أرباحا إضافية بفضل العملة الأولمبية. فقبل أربع سنوات كانت تجوب شارع "ريو برانكو"، أهم محج بمدينة الكاريوكا، تبيع الكعك مقابل ريال برازيلي واحد، ولكنها اليوم فضلت بيع العملة الأولمبية (قطعة معدنية من فئة ريال)، وهو قرار تعتبره صائبا لأنها أصبحت تبيع القطع النقدية أكثر مما كانت تبيع الكعك، ففي مقابل قطعة ريال واحد تحصل على خمس ريالات على الأقل. ويبدأ العرض بعشر ريالات مقابل قطعة ريال ويمكن أن يرتفع بسرعة إلى 300 ريال، إذا ما كان الهدف هو الحصول على أندر القطع المعدنية، بينما تظل القطع النقدية المصنوعة من المعادن النفيسة حكرا على بعض المحلات المتخصصة. وقد أصدر البنك المركزي ما مجموعه 36 قطعة نقدية تذكارية وتم إنتاج 20 مليون وحدة. ومع ذلك، فإنه من بين جميع هذه القطع تظل القطعة المعدنية التي تمثل تسليم المشعل الأولمبي من لندن إلى ريو دي جانيرو الأكثر ندرة، لا سيما وأنه لا يوجد منها سوى مليونين و16 ألف قطعة، مما يجعلها محط اهتمام هواة جمع القطع النقدية الذين يبقون على استعداد لدفع أغلى الأثمان مقابل الحصول عليها. تقول أنا باولا غاما، التي قدمت إلى ريو من ولاية ميناس جيرايس رفقة زوجها، أديرسون سماريني، إن هذه القطعة بالذات يمكن أن يصل ثمنها إلى 150 ريالا إذا كانت في حالة جيدة. وبالاضافة إلى الشارات المعدنية والقطع النقدية يظل لجمع الطوابع البريدية عشاقه أيضا خلال دورة الألعاب الأولمبية، وهو عشق يجد تفسيره في الكم الهائل من الطوابع البريدية التي تم إصدارها في مختلف أنحاء العالم احتفاء بأكبر حدث رياضي كوني. ويقول فيرنادو فرانسا ليتي، الذي جمع، على مدى أزيد من 30 سنة أكثر من 4000 من الطوابع البريدية، إن الهواية مكنته من أن يعيش دوما أجواء الألعاب الأولمبية، مشيرا إلى أنه حتى البلدان التي لا توفد أي رياضي للمشاركة في الألعاب تحرص على إصدار طوابع أنيقة بمناسبة التظاهرة الرياضية الأولمبية. ويضيف أن الطوابع البريدية تعتبر "مصدرا جديدا للمعلومات فهي تمكن من الاحتفاء بالرياضة وأيضا بالثقافات الأخرى"، معتبرا أن جمع الطوابع البريدية التي تكتسب قيمتها التاريخية مع مرور الوقت، يعد أفضل طريقة للاحساس بمتعة الرياضة. الشارات المعدنية والملصقات وأجزاء أوراق الصحف، والقطع النقدية التذكارية والطوابع البريدية.. كلها تبدو رائعة من أجل الانغماس في أجواء الالعاب الاولمبية والتقاط الذكريات المخلدة لها، شريطة التوفر على القدرة المالية أو على أشياء أخرى للمقايضة.