في الوقت الذي تشرعُ فيه المحكمة الابتدائية بمدينة بنجرير في محاكمة المتهمين باغتصاب الطفلة خديجة السويدي، وهو ما دفع بها إلى الانتحار، يُرتقبُ أنْ تُنظم عدد من الهيئات المدنية وقفة احتجاجية أمام المحكمة، تحت شعار "كل نقص في القانون يكلف آلاف الضحايا من النساء". ووجّه "تحالف ربيع الكرامة"، الذي يضمُّ 25 جمعية، رسالة إلى السلطات الحكومية والتشريعية والقضائية، عقبَ إقدام خديجة السويدي على الانتحار حرْقا إثر إطلاق سراح مغتصبيها، تطالبُ فيها "تطهير التشريعات الوطنية من التمييز ضدّ النساء"، بما يضمنُ توفيرَ حماية قانونية لهنّ. وطالبَ التحالف كذلك بتأهيل المنظومة التشريعية لمكافحة الإفلات من العقاب في الجرائم والتمييز ضد النساء، انسجاما مع الدستور وفي تلاؤم مع التزامات المغرب. كما طالب ب"تدارك القصور الذي شاب مشروع قانون 103-13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، وتجاوز الضعف الذي يميزه، وإصدار قانون شامل لحماية النساء من العنف". وفيما انتقدَ عدد من الجمعيات الحقوقية "التساهل" الذي جرى التعامل به مع مغتصبي خديجة السويدي، دعا "تحالف ربيع الكرامة" إلى تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة المنصوص عليه دستوريا؛ وذلك بتدخل المجلس الأعلى للسلطة القضائية "من أجل التحقيق مع كل من تدخل بصفته القضائية في هذا الملف، من نيابة عامة ومؤسسة قاضي التحقيق وقضاء الحكم". كما طالب التحالف ب"إصدار العقوبات التأديبية في حق من يثبت تورطه في تجاوز القانون أو عدم تطبيقه أو سوء تطبيقه في اتجاه حرمان الضحية خديجة من الحق في العدالة والحماية القضائية". تحالف ربيع الكرامة دعا، أيضا، كل من وزارة العدل والحريات ووزارة الداخلية إلى "التحقيق مع أعضاء الشرطة القضائية الذين أشرفوا على إنجاز البحث التمهيدي، ولم يستنفذوا جميع الإجراءات المسطرية المنصوص عليها بقانون المسطرة الجنائية خلال البحث التمهيدي أو أساؤوا تطبيقها، مما ساهم في استمرار اعتداء الجناة على الضحية وتسبب في انتحارها حرقا". وكانت خديجة السويدي، المتحدرة من مدينة بنجرير، قدْ قامت ليلة 29 يوليوز الماضي بالانتحار بإحراق نفسها، جرّاءَ تهديدها من لدن شبّان تتهمهم باغتصابها وأطلق سراحهم بنشر فيديوهات لها على مواقع الأنترنيت توثّق لحظات الاغتصاب في حال عدم التنازل عن الشكاية التي رفعتها ضدهم. وخلّف الحادث غضبا كبيرا من لدن الجمعيات الحقوقية ورواد مواقع التواصل الاجتماعي؛ وهو ما دفع وزارة العدل والحريات إلى إصدار بلاغ أكّدت فيه تقديم الأشخاص المشتبه فيهم أمام الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، والُحكم يوم 09 غشت الجاري على أحدهم بثماني سنوات سجنا نافذة. وأبدت الجمعيات النسائية والحقوقية والأمازيغية والتنموية المنضوية في تحالف ربيع الكرمة استغرابها لما وصفتْه ب"التضارب الصارخ بين القرارين الصادرين عن محكمة الاستئناف بمراكش بشأن نفس الجرائم قبل وبعد مأساة الانتحار"، متسائلة "هل كان من الضروري أن تنتحر الضحية احتراقا، لكي تشرع العدالة في أخذ المجرى "العادي"؟".