بفك الحصار عن مناطق سيطرتها في حلب شمالي سوريا السبت الماضي، حققت المعارضة السورية تقدماً عسكرياً كبيراً بعد سلسلة انتكاسات عسكرية مرت بها خلال الأشهر الماضية في محيط المدينة، أمام قوات النظام السوري المدعومة بمليشيات طائفية وغطاء جوي روسي. وإلى جانب البعد العسكري لهذا التقدم، فسيكون له انعكاسات إيجابية على الصعيد السياسي، حيث يعطي المعارضة السورية ورقة قوية في أي مفاوضات مقبلة مع النظام، نظراً للأهمية التي تتمتع بها مدينة حلب، ثاني أكبر مدن سوريا وعاصمتها الاقتصادية قبيل اندلاع الأزمة في البلاد قبل أكثر من 5 سنوات. وأكدت فصائل المعارضة في عدة مناسبات خلال الأيام الماضية، أن معركة حلب لن تتوقف وستواصل عملياتها العسكرية إلى حين الاحتفال ب"بتحرير مدينة حلب بشكل كامل". وقال العميد أسعد الزعبي، رئيس وفد المفاوضات التابع للمعارضة السورية إلى جنيف، إن "من حق المعارضة الاستفادة من هذا النصر التاريخي(فك الحصار عن حلب) وفرض مطالبها في المفاوضات المقبلة في حال انعقادها وهي التنفيذ فوري لمرجعية جنيف1 و القرار رقم 2118، الصادر عن مجلس الأمن، بدون أي تأخير أو تغيير". وأشار الى أن القرار 2118 ومقررات بيان جنيف1 الصادر عام 2012 يشيران بوضوح إلى الوقف الفوري للحصار والقصف من قبل قوات النظام وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وتحقيق الانتقال السياسي، وهو ما لم يلتزم به النظام. وأضاف الزعبي أن روسيا أرادت بعد حصار حلب وبالاتفاق مع الولاياتالمتحدة "تسخير قرارات مجلس الأمن في ضرب الثورة وفرض أمر واقع إلا أن تقدم المعارضة في حلب أعاق تلك الخطط"، وفق قوله، معتبرا أن معركة حلب "حدث تاريخي وتجاوز لكل مبادئ العمل العسكري". وأوضح أن جيوشا -في إشارة إلى جيش النظام والحرس الثوري الإيراني والميلشيات الأخرى الموالية له- وهي تمتلك كل أنواع الأسلحة وتحظى بدعم جوي روسي استغرق معها حصار أحياء المعارضة بحلب 6 أشهر، بينما احتاجت المعارضة 5 أيام فقط لاجتياح أهم وأقوى قلاع النظام بالرغم من ظروف التفوق المادي، التي يتمتع بها النظام السوري وحلفائه. وأكد الزعبي أن هذا "النصر" يدلّ على "القوة الكبيرة التي باتت تتمتع به المعارضة السورية المسلحة بفضل توحدها، وستكون بداية كبيرة لانتصارات أخرى"، وفق تعبيره. من جهته قال المقدم محمد جمعة بكور قائد "جيش المجاهدين"، أحد أكبر فصائل المعارضة المشاركة في معركة حلب، أن مراحل كسر الحصار عن الأحياء الشرقية بمدينة حلب(الخاضعة لسيطرة المعارضة) تم إنجازها بدقة عالية وكما هو مخطط لها تماماً، متوعداً بأن تكون المرحلة القادمة "مرحلة للتوغل في عمق المناطق الخاضعة لسيطرة النظام في المدينة وقطع طرق الإمداد عنها وتطويقها". وبين بكور، أن قوات النظام حاليا مطوَّقة في عدة مناطق بحلب أبرزها معمل "الإسمنت" بالقرب من حي الراموسة جنوبي مدينة حلب الذي استعادته المعارضة مؤخراً، موضحاً أن النظام حالياً لايملك إلا طريق إمداد واحد للجزء الخاضع لسيطرته داخل مدينة حلب، يمر في الشيخ نجار شمال شرقي حلب، والسفيرة (شرق) باتجاه خناصر شمال شرقي محافظة حماه وسط سوريا. ولفت إلى أن فصائل المعارضة تخطط في المرحلة القادمة للمعركة لقطع هذا الطريق وحصار النظام في حلب بعد أن كان هو من يقوم بحصارهم. ومضى بكور بالقول أنه بعد الانتهاء من مرحلة "تقطيع الأوصال" سيتم الانتقال إلى مرحلة السيطرة على المدينة كلها ،لافتاً إلى أن على التخطيط للمعارك المقبلة يتم على مستوى عالي من الدقة والإعداد. ووجه قائد "جيش المجاهدين"، رسالة إلى المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، قال فيها إن فصائل المعارضة "لا تهدف لاحتلال المناطق التي يقطنوها كما يفعل النظام وحلفائه من الميليشات الطائفية، وإنما لتحريرهم من استبداد النظام"، متعهداً ب"حماية الجميع على اختلاف أديانهم وطوائفهم إلا من تورّط في دم السوريين فسيتم محاكمتهم". وكانت فصائل المعارضة شنّت مطلع الأسبوع الماضي هجوماً واسعاً على مواقع النظام بريف حلب الجنوبي الغربي، وسيطرت على العديد من مقرات ونقاط النظام، لتتمكن في نهاية الأسبوع من الوصول إلى الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة وتفك الحصار الذي فرضته قوات النظام على المدينة لأكثر من شهر بعد سيطرتها على طريق الكاستيلو، شمالي غربي حلب. وتنقسم أحياء مدينة حلب حالياً إلى قسمين شرقية تسيطر عليها فصائل المعارضة منذ أكثر من 3 أعوام، وغربية خاضعة لسيطرة قوات النظام والميليشيات التابعة له.