بعد أسابيع قليلة من مصادقة الحكومة على مرسومين متعلقين بتنفيذ "كوطة" 7%، ورفع سن ولوج الأشخاص في وضعية إعاقة إلى الوظيفة العمومية، يضع برنامج "معهم حيث هم"، الذي تنتجه هسبريس، بشراكة مع وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، ملف تشغيل الأشخاص في وضعية إعاقة تحت مجهر التحليل. ويفتح برنامج "معهم حيث هم" ملف تشغيل الأشخاص في وضعية إعاقة عملا بمبدأ تكافؤ الفرص وعدم التمييز على أساس الإعاقة. وفي هذا الإطار حملنا سؤالا واضحا للوزير المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، محمد مبديع، بشأن المرسومين ومدى ضمانهما حق هذه الفئة في الشغل، والذي أكد، في تصريحه للبرنامج، أنهما سيمكنان من ذلك. وأوضح مبديع أن التنصيص على "كوطة" خاصة كان مجرد منشور وزاري غير ملزم للقطاعات الوزارية، "لكنه الآن أضحى التزاما حكوميا ينبغي تنزيله على أرض الواقع"، وفق تعبيره، شارحا كيف أن "المباريات الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة تبقى أهم المكتسبات، بالإضافة إلى رفع سن الولوج إلى الوظيفة العمومية، مع التأكيد على حصيص موحد يشمل المعنيين بالمباريات الخاصة، عبر تجميع عدد المناصب من القطاعات الحكومية، باستثناء المناصب المالية المخصصة لحاملي السلاح"، على حد قوله. وتفاعلا مع الموضوع، صرح رشيد الكنوني، مدير مديرية النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة بوزارة التضامن، أن فكرة المباريات الخاصة كانت مطلبا من التنسيقيات الموجودة في الشارع، "استجابت لها وزيرة التضامن، ودافعت عنها في كل الاجتماعات تحصينا للمناصب المخصصة للأشخاص المعاقين"، متابعا بأن احتساب الحصيص المخصص "لم يعد قطاعيا ينفذه كل قطاع بشكل منفرد، بل أصبح مهمة لجنة مختلطة ستشكلها رئاسة الحكومة". وناشد المسؤول ذاته، أمام كاميرا "معهم حيث هم"، التنسيقيات المحتجة في الشوارع اجتياز المباريات المعلنة، متعهدا ب"ضمان الوزارة تنزيل هذا الحصيص بكل مسؤولية"، على حد تعبيره. وفي سياق انفتاح البرنامج على الرأي الآخر، غيّرنا زاوية التعاطي مع الملف إلى الاتجاه المعاكس، صوب التنسيقية الوطنية للمكفوفين المعطلين حاملي الشهدات، التي تحتج في شوارع الرباط منذ خمس سنوات. وقال سعيد العلمي، ممثلاً عن التنسيقية، إن هذين المرسومين "جاءا فقط لتهدئة الأوضاع وإخلاء الساحة من المحتجين"، ليواصل بسرد معاناة المجموعات التي "تفترش الأرض وتمارس التسول في الشارع، رغم حصولها على شهادات جامعية"، حسب تعبيره، معتبرا أن هذا المرسوم "ينبغي أن ينفذ بطريقة انتقالية، تعطى فيها الأولوية للمتواجدين في الشارع ممن مورست في حقهم شتى أنواع الانتهاكات"، على حد قوله. واعتبرت فاطمة الزهراء المجدولي، إحدى ممثلات التنسيقية الوطنية للمكفوفين المعطلين، أن "معاناة الإناث أكثر فظاعة مما يعانيه الذكور"، معللة ذلك بكونهن يتعرضن لما أسمته "انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان" أثناء مطالبتهن بحقهن في التشغيل، "سواء من القوات العمومية أو من المجتمع الذي ينظر إليهن نظرة دونية مفعمة بالاحتقار"، حسب تعبيرها واستغربت الشابة الحاصلة على إجازة في الترويض الطبي من تونس إخراج المرسومين "دون العودة إلى من يعنيهم الأمر من المعطلين في وضعية إعاقة". ويعرض "معهم حيث هم" تجربتين إنسانيتين اختلفت سبل بحثهما عن مورد رزق. ويتعلق الأمر بالشاب منصف، الحاصل على ماستر في تسيير المقاولات، وهو من ذوي الإعاقة الحركية، والذي حاول مرارا اجتياز المباريات، إلا أنه لم يتخط حاجز الامتحان الكتابي في كل مرة، باستثناء تلك التي تقدم فيها بترشيحه دون شهادة تثبت إعاقته، ليعود خالي الوفاض من الامتحان الشفوي. وعلى العكس من منصف، اختار يوسف طريق الاحتجاج في الشارع عوض اجتياز المباريات، منضماً إلى تنسيقية المكفوفين المعطلين، ليجد الحاصل على إجازة في الأدب العربي من جامعة فاس سايس نفسه بائعا للمناديل الورقية في شارع محمد الخامس وسط العاصمة الرباط، وهي مهنة يرى فيها ذلا وإهانة باعتبارها "تسولا مقنعا"، حسب تعبيره، بعدما كان يحلم بتدريس اللغة العربية للأجيال المقبلة.