آثر عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، الركون إلى جدار الصمت حيال الفضيحة المدوية التي تتعلق بتفويت بقع أرضية لعدد من المسؤولين والشخصيات السامية بأسعار بخسة، وفي أحياء راقية بالرباط، وهي الأراضي التي سوغتها وزارتا الداخلية والمالية بكونها تتعلق باستفادة "خدام الدولة". ورد بنكيران، في خطابه اليوم أمام الملتقى الوطني لشبيبة حزب العدالة والتنمية، على موضوع تفويت بقعة أرضية بسعر زهيد لوالي الرباط، عبد الوافي لفتيت، قبل أن ترشح وثائق جديدة تفيد استفادة مسؤولين كبار آخرين، بدعوته أعضاء حزبه إلى الاحتكام للغة الصمت. وقال رئيس السلطة التنفيذية في هذا الصدد، مخاطبا شبيبة حزبه الذي حمل قبل انتخابات 2011 شعار محاربة الفساد والاستبداد "خصكم تفهموا أنه كاين في السياسة لغة الكلام وحتى لغة الصمت"، قبل أن يردف "ماشي دائما ضروري الإنسان يتكلم، حتى إذا سكت فيها إشارة بليغة". ورفض بنكيران التعاطي مع القضية التي باتت تستأثر باهتمام وتدخلات الكثير من السياسيين والإعلاميين بالبلاد، مكتفيا بالقول إن جوابه تضمنه البلاغ الذي وجهه إلى عموم أعضاء حزب "المصباح"، حيث أمرهم بعدم التعليق أو الإدلاء بأية تصريحات بخصوص "تفويت لفتيت". وكان الأمين العام للحزب، بصفته ناطقا رسميا باسم هذه الهيئة، قد دعا مناضلي ومناضلات حزب العدالة والتنمية، إلى الامتناع عن التعليق على البلاغ المشترك الصادر عن وزيري الداخلية والاقتصاد والمالية، المتعلق بوالي الرباط، أو تقديم أي تصريح بشأنه". وفيما أمر بنكيران أعضاء حزبه بالركون إلى الصمت المطبق حيال "تجزئة خدام الدولة"، انبرى أحد قياديي الحزب، وهو عبد العزيز أفتاتي، كعادته ليعلق على القضية الساخنة، حيث وصف استفادة والي الرباط من بقعة أرضية بمنطقة زعير بثمن لا يتجاوز 350 درهم للمتر مربع، بالفضيحة المدوية. ويحاول رئيس الحكومة "الانحناء أمام العاصفة" بعدم تعليق قيادات حزبه على بلاغ محمد حصاد ومحمد بوسعيد، واللذان ظهر أنهما أيضا كانا من المستفيدين رفقة آخرين، وهو البلاغ الذي اعتبر ما جرى "حملة انتخابية سابقة لأوانها، لاعتبارات سياسوية ضيقة، الهدف منها تحقيق مكاسب انتخابوية صرفة". وعكس بنكيران الذي التزم الصمت وطالب "إخوانه" بالصمت أيضا، يستعد وزيره في السكنى وسياسة المدينة، محمد نبيل بنعبد الله، لإدراج قضية تفويت أراضي في مناطق راقية بالرباط بأسعار رخيصة، في عز فورة العقار المغربي، ضمن جدول أعمال الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية . وتتردد أحزاب سياسية أخرى إزاء فضيحة "أراضي خدام الدولة" بين التفاعل والتعاطي معها على صعيد مجلس النواب، حيث تعتزم أحزاب مساءلة وزير الداخلية بشأنها في جلسة الثلاثاء، بينما تريثت أحزاب أخرى في إبداء موقفها، مطالبة بأخذ الوقت الكافي للاطلاع على الوثائق المنشورة. وكان والي جهة الرباط قد ظهر في قلب "الفضيحة العقارية"، من خلال تفويت بقعة أرضية له بسعر هزيل لا يرقى إلى الأسعار التنافسية باهظة الثمن المعروفة في السوق، قبل أن تظهر أسماء شخصيات أخرى، مثل محمد حصاد ومحمد بوسعيد وحسن أوريد وإدريس لشكر وتوفيق احجيرة وآخرون.