ردا على أصحاب الفتاوى الشاذة حين يحشر « الفقيه » أنفه في كل صغيرة وكبيرة ، في كل شاردة وواردة،يصبح تافها .... حين يطلق « الفقيه » العنان لخياله ،فيصول ويجول،ويزيد وينقص،ويتحايل على النصوص،ليلوي أعناقها حتى تطاوعه في الإفصاح عما بخياله المريض،ويُخرج ما في لاشعوره من عُقد... حين يفعل « الفقيه » هذا أو بعضَه،يفقد وقاره،ويبيع رزانته،ويمتهن كرامته،ويسيء إلى دينه وعلمه وخلقه ... وإلى الناس أجمعين.. حين يستبد ب « الفقيه » الهوسُ،ويسكنه الوسواس الخناس،ويضرب أخماس لأسداس،فيصدر فتاوى كما يتقيأ – شرف الله قدركم-ويقول بآراء كأنه يستقيها من ( ....... ) لا من قاعات العلم والدرس ومجالس التفقه والذكر... إنه بهذا يطرد البقية الباقية من حيائه،ويجعل مروءته في مهب الرياح .. حين يصبح « الفقيه » مجرد بهلوان،يرقص فوق كل الحبال،ويستنجد بكل قشة كي يقصم ظهر الحقيقة الجلية،ويضحك على الخلق في وضح النهار ، يكون قد حفر لنفسه هوة سحيقة،وسقط على أم رأسه، وخسر التقدير والاحترام،بل وأخرج نفسه من دائرة التوقير والاهتمام ... للأسف الشديد، أصبح هذا حال ثلة من الذين يسمون مجازا «فقهاء» وما هم بفقهاء ، ولكن غباء القوم شديد،وفي نفوسهم مرض،وأرادوا للناس مرضا.فتراهم ينعقون في كل واد ويقولون موبقات لا تقنع الحمقى من الناس ،فكيف بمن حباه الله بالعقل المفكر وزانه بالمنطق السليم والفطرة النقية،وأعطاه الحجة ليحكم على الأشياء بعقله وفطرته،فلا يستفتي دجالا ولا يسأل فقيها محتالا. وإلا قولوا لي بربكم : هل سمعتم أن أحمق – وقانا الله كل أصناف الحمق – ضاجع جثة أو فكر مجرد تفكير في ذلك ؟ هل رأيتم سيدة فقدت عقلها واختلت موازينها تُرضع رجلا كبيرا بلحيته كي يصبح إبنها ؟ وهل طرق يوما بابكم ،من فقد عقله وأصبح مخبولا ،لا يميز بين الخل والعسل، ثم طلب منكم أن تزوجوه فلذة كبدكم التي لم تبلغ بعد عشر سنوات ؟ إذا كان الحمقى والمخبولون والمجانين ومن أصيبوا بمس أو نقص في التمييز لا يجرؤون على إتيان هذه المنكرات،بل ولا يطوف ببالهم أن يفكروا أو يقتربوا من هكذا سلوك شاذ وفظيع،فلماذا يجرؤ من يسمون أنفسهم «فقهاء» ، بالدين عالمين،ولأحكامه ضابطين،وعلى أصوله حريصين،لماذا يجرؤون على نشر فتاوى ما أنزل الله بها من سلطان؟ وهم يحسبون أنهم حازوا الفضل كله،وليس بعد علمهم علم،ولا فوق فهمهم السقيم فهم،ولا أقلت أرض ولا أظلت سماء،عقولا كعقولهم،ولا جماجم كجماجمهم صلابة ووقاحة وهلم تخديرا وتحويرا. «الفقيه» الذي يفتي بأن ترضع الموظفة زميلها في العمل،حتى تصبح خلوتها به حلالا.و«الفقيه» الذي يقول بزواج بنت تسع سنوات وهو يراها لا تقوى على حمل دميتها الصغيرة المزركشة،فكيف تقوى على تحمل مسؤولية بيت أو عناء أسرة ؟ أم أن القوم يربطون كل شيء بالعملية الجنسية،وأنى لها ذلك أيضا لو كانوا يخجلون... فكيف يفكرون أو يحللون ؟؟.و«الفقيه» الذي يبيح للزوج أن يعاشر زوجته جثة هامدة،كأنه جلمود صخر حطه السيل من عل،ألا يتقي الله في مشاعر الناس وأحاسيسهم ونبضات قلوبهم وسرائر وجدانهم ؟ ألا يقيم هؤلاء للعقل وزنا ؟، ألا يراعون العرف الاجتماعي؟ ، ألا يسمعون صوت الفطرة النقي ؟ ألا يخشون الله في عباد الله ؟ قد تكون لهؤلاء الناس أعطاب نفسية أو عقد مرضية أو هلوسات شيطانية ،ذلك شأنهم ولهم أن يقولوا ما يشاؤون متى يشاؤون وكيف تسول لهم أنفسهم.ومنتهى الشجاعة الأدبية والجرأة الأخلاقية، أن يقولوا : هذه وجهات نظرنا ونحن نتحمل مسؤولية ما نقول،دون الاحتماء بنصوص من القرآن أو الحديث . لكن مشكلة هؤلاء أنهم يريدون ،وبكل قوة وجرأة على دين الله، وبكل وقاحة، وتجاوزا للعقل والمنطق،أن ينسبوا كلامهم للدين وأن يجعلوا فتاواهم جزءا من أحكام شريعة الله.مما يفتح بابا للنقاش العقيم ، والردود والدخول في دوامات لا نهاية لها.إن دين الله منزه عن عبث العابثين وهلوسات المبطلين.ومن قال لهؤلاء أنه لا بد من حشر الإسلام في كل صغيرة وكبيرة وتافهة وحقيرة.!! *** رأت عائشة رضي الله عنها شبابا يمشون ويتمارون في مشيتهم ، فقالت : من هؤلاء ؟ فقيل : نساك ، فقالت : كان عمر بن الخطاب إذا مشى أسرع ، وإذا قال أسمع ، وإذا ضرب أوجع ، وإذا أطعم أشبع. هكذا كان الدين في نظر الرعيل الأول من المسلمين،كان مكارمَ أخلاق وقوةً وصلابةً وتعاطياً مع كل الأمور بجدية وإخلاص،بعيدا عن الاهتمام بتوافه الأمور وليِّ أعناق النصوص والحديث عن الحلال المنبوذ أو الحرام المعهود،وهلم كلاما فارغا لا يسمن ولا يغني من جوع. وعندما حاجَّ قومٌ من بني إسرائيل نبيا لهم: لماذا بعث الله لهم طالوت ملكا ولم يُؤْتَ سعةً من المال ؟ )قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم (،فهي القوة في المعرفة والعلم والجسم ، وليس توافه الأمور. لأن الدنيا تؤخد غلابا .وأمتنا تعيش تحديات كبيرة تجعل الانشغال بتوافه الأمور نوعا من ''الخيانة الأخلاقية'' ،لأنه لا يُعقل أن يكون شباب في شتى بقاع العالم العربي يجودون بأعز ما يملكون لدرجة التضحية بدمائهم وأرواحهم ومستقبلهم من أجل إنهاض عزيمة الأمة وتحريرها من الأغلال التي ترسف فيها منذ الأمويين،والدفع بها إلى مصاف الأمم المتحررة والمتطورة،في حين يشتغل فقهاء آخر الزمان بتوافه الأمور والتلاعب بالفتاوى التي تلهي أكثر مما تفعل أي شيء آخر فيه ولو قليل من المنفعة.وصدق من قال : وتعظم في عين الصغير صغارها*** وتصغر في عين العظيم العظائم فهؤلاء المتفيهقون يظنون أنهم طرقوا أبوابا في العلم عظيمة،وتحرروا إلى درجة الخوض في كل المواضيع مهما كانت حساسيتها.لكنهم في الحقيقة،كل إنجازهم،أنهم يوضحون لنا بالدليل الملموس والحجة القاطعة أن دين الله أرقى وأسمى من تلاعب المشعوذين وتنطع المتنطعين. *** أيها الناس ،الآن وقد صار جليا أن مثل هذه الفتاوى لا تليق بدين الله، ولا تنسجم مع المنطق السليم،ولا تخاطب العقل المتحرر من القيود ،ولا تجد طريقها إلى الوجدان الذي هذبته المعارف وصقلته الروحانيات ، ولا تزيد القلب إلا صلابة والوجه إلا عبوسا واكفهرارا . أيقنوا أن دين الله فوق كل هذا العبث،وخارج دائرة تصورات المرضى والمهلوسين.لأن الدين لا يمكن أن يصادم أبدا ثوابت الفطرة السليمة،ولا بديهيات العقل السليم. فلا تصدقوا هؤلاء الفقهاء وإن ارتدوا لبوس التقوى والزهد والخشوع، ولا تصدقوهم وإن استندوا إلى عشرات النصوص،لأن الله لم يأمر أحدا أن يُطَلّق عقله ويصادم فطرته،كي يرضي هؤلاء الفقهاء.فإن كان من طريق إلى التقوى واليقين والاطمئنان،فاعلموا أنه طريق العلم وحده،فبالعلم تتحطم الأساطير وتفك القيود ويتحرر الناس من الكهنة والمشعودين.وبالعلم أصبح للأمم سلطان قاهر في الأرض والسماء، وملكوا من فوقنا الفضاء. وبالجهل والفتاوى المتخلفة رضينا بالأرض والفيافي نسرح فوقها ،ونتبع كل ناعق،فقط لأنه يحشر آيات في غير محلها،وأحاديث في غير موضعها،أثناء كلامه ،يريد بذلك إرهاب العقول وقمع حس التحرر في النفوس.فلا خلاص من فتاواهم،ولا صعود في معرج الخشوع واليقين،ولا قرب من الله إلا بالعلم ،واقرؤوا إن شئتم قول المولى الكريم : ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ) فاطر/28 صدقوا عقولكم،واستجيبوا لنداء الفطرة الطاهرة النقية المنبعث من أعماقكم ،واضربوا بفتاوى الفقهاء عرض الحائط.إن الله وهبكم نور العقل لتتبينوا طريقكم،وهداكم سبل العلم لتتحرر إرادتكم ،ويسمو وجدانكم،وتزدان بالشمائل الكريمة والأخلاق الفاضلة إنسانيتُكم.إن الله عز وجل،بهذه النعم،عن هؤلاء المهرجين، أغناكُمْ. دعوهم يضاجعوا جثت الأموات،ويغتصبوا براءة الصغيرات،ليحملوا أوزارهم كاملة ...فإن دين الله لن ينال منه جهل الجاهلين،ولا عبث التافهين ... يا ناطح الجبل يوما ليوهنه *** أشفق على رأسك لا تشفق على الجبل لكن ، هل مازالت فوق بعض الجثث رؤوس ؟؟ [email protected]