عقب وقفات ومسيرات احتجاجية بكل من القصر الكبير وبرشيد، تنديدا بالاعتداءات والسرقات المعروفة ب"الكريساج" التي يتعرض لها المغاربة تحت التهديد بالسلاح الأبيض في واضحة النهار، جاء الدور على مدينة سلا التي تعتبر بعض أزقتها وأحيائها نقطا سوداء "تعاني انفلاتا أمنيا خطيرا"، وفق السكان الذين أفادوا بأن جريمة "بتر يد مواطن حاول التدخل لإنقاذ سيدة من الاعتداء تقدم مؤشرات واضحة على ما وصل إليه الأمر بالمدينة". وندد بلاغ ل"تنسيقية ساكنة حي الرحمة" بما أسمته "الغياب الصارخ للأمن"، داعية إلى وقفة احتجاجية سلمية عشية يوم غد أمام مسجد الرحمة بالحي ذاته، مطالبة السلطات بالتفاعل بشكل إيجابي مع شكايات المواطنين والعمل على الحد من الجريمة وانتشار العصابات. وطالب البلاغ، توصلت به جريدة هسبريس الإلكترونية، ب"ترقية مدينة سلا من مستوى منطقة أمنية إلى ولاية أمنية، وتوفير الإمكانية المادية واللوجستيكية لذلك"، وإعادة العمل بشرطة القرب، وجعلها في خدمة المواطنين وفي احترام تام لحقوق الإنسان، فضلا عن "مراجعة جذرية للمعايير وللوائح المستفيدين من مسطرة العفو". ودعت ساكنة مدينة سلا إلى تشديد العقوبات السجنية في جرائم الحق العام المتسببة في عاهات مستديمة، زيادة على تعويض المتضررين من ضحايا العنف الإجرامي باعتبار أن الدولة هي المسؤولة رقم واحد عن توفير الأمن، وتخصيص خلية خاصة من أجل الاستماع لضحايا "الكريساج" ومتابعة وضعهم. البلاغ التنديدي دعا إلى تخصيص شرطة دراجين خاصة بالولوج وتفقد الأزقة 24 ساعة على 24؛ حيث ينشط "الكريساج"، وليس تجولها في الشوارع الرئيسية، والعمل على الإحالة الفورية لتصريحات ضحايا "الكريساج" على وكيل الملك، وعدم تجميدها بمكاتب أمن سلا. وترى ساكنة مدينة سلا أنه رغم كل الطمأنة التي تحاول إدارة الأمن تسويقها إلا أن نسبة الجريمة المشاهدة يوميا تجعل إحساس المواطنين بالفراغ الأمني قويا؛ حيث عدّد البلاغ الاعتداءات في "السرقة تحت التهديد بالسلاح، والعصابات المنتشرة والمتحركة بشكل جماعي بدون حسيب أو رقيب، وجرائم العنف الجنسي، وانتشار القرقوبي بشكل فاضح، وغيرها". تفاعلا مع احتجاجات المواطنين المغاربة، اعتبر الناشط الحقوقي أنغير بوبكر أن المجهودات المبذولة من طرف الساكنة في شتى المدن ستقلص حتما من "الكريساج"، لكنها لن تقضي عليه على اعتبار أن الظاهرة تتداخل فيها عوامل مختلفة، معتبرا أن المقاربة الأمنية العقابية ضرورية لكنها غير كافية. وطالب أنغير الدولة، ضمن تصريح للجريدة، بمراجعة سياستها السجنية، وجعل المؤسسة السجنية فضاء للتكوين والتثقيف والتخليق، لافتا إلى أن معظم ممتهني "الكريساج" من ذوي السوابق السجنية الذين فشل المجتمع والمؤسسات السجنية في تربيتهم وردعهم، "أما المقاربة الأمنية الصرفة فالدولة تقوم بمجهودات كبيرة ومعتبرة"، منبها المجتمع والمدرسة إلى القيام بأدوارهما التي تنازلا عنها في التأطير وتهذيب النفوس، ليخلص إلى أن "الردع والسجن لا يكفيان لمواجهة الكريساج والجريمة والانحراف".