في غمرة فصل الصيف وامتلاء الشواطئ المغربية بالمصطافين للاستمتاع بالأجواء الصّيفيّة، انطلقت هذه الأيام حملة على موقع "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي تدعو إلى "تخصيص جزء من الشواطئ للنساء بالمغرب"، على غرار تجارب ناجحة في عدد من البلدان، مثل الإماراتوتركيا وداغستان. الحملة الافتراضية التي انطلقت تحت وسم "بحر النساء"، وأطلقتها صفحة "بدونها لن أكون" الفيسبوكية، التي تعنى بحملات للتوعية موجهة للنساء المغربيات، دشنت النقاش في الموضوع في أفق تنزيل الفكرة على أرض الواقع. وأعطت الفاعلة الجمعوية أمال هواري انطلاقة الحملة بتدوينة: "سنبدأ كأعضاء صفحة "بدونها لن أكون" عبر مواقع التواصل المطالبة بتخصيص شواطئ خاصة بالنساء..انخرطوا انخرطوا". اختلاف على الفكرة وأثارت الفكرة جدلا على الفضاء الأزرق، بين متفق مع تخصيص فضاءات للنساء في الشواطئ المغربية وبين رافض لاعتبارات متعددة. وقال "مبارك فسكاوي": "معكم من الآن: شواطئ للنساء/ شواطئ للرجال، على غرار حمام للنساء/ حمام للرجال، مرحاض للنساء/ مرحاض للرجال"؛ فيما قالت "أمال س.": "نريد حرية التمتع بالسباحة في البحر دون أن نكون مجبرين على لباس "حجاب"، أو أن نكون شبه عراة.. من حقنا التمتع دون أي إحراج أو تطفل". أما هناء فشددت على موافقتها على الحملة الافتراضية بشروط، قائلة: "لا أقول كل النساء يجب أن يحرمن من البحر الذي فيه اختلاط.. لنا الاختيار: لي بغات بحر مع نساء تمشي، ولي بغاتو مع الرجال تمشي..المهم حنا 70% من نساء المغرب مكيعوموش مرتاحين"، مضيفة: "المرأة حرام تشوفها كتعوم.. هذا دين الإسلام. المرأة المحجبة كتعوم وكتخرج مسكينة..". أما الفريق المعارض للفكرة فقدم عددا من المبررات، ومنه حميد عرور، الذي قال في تعليق له: "قريبا أحياء للنساء وأحياء للرجال، شوارع للرجال وشوارع للنساء..أي منطق هذا؟"، ليضيف عماد علالي: "مع كامل الاحترام .. تأجيج للفرقة والصراع بين مكونات المجتمع، نحن في غنى عنه"، مردفاً: "في الحاجة إلى توجيه النقاش نحو المشترك..لا أختلف مع الفكرة أعلاه، لكنه ليس الوقت المناسب لطرح هذا النقاش..هناك أولويات أكثر إلحاحا". في حين يرى ياسين بنحمان أن "الشاطئ النسائي سيتميز بالضجيج، في حي أن الشاطئ الرجالي سيتميز بالهدوء"، موردا: "المسجد في رمضان خير دليل على كلامي"؛ فيما اعتبر حفيظ غالي أن "من الأفضل أن نعلن حملة وطنية لإلغاء معاشات الوزراء والبرلمانيين ومحاربة الريع السياسي والاقتصادي.. وأن نحارب القرارات اللاشعبية التي اتخذتها الحكومة، وأن نقف في وجه الزيادات في فواتير الماء والكهرباء بدون وجه حق"، حسب تعبيره. هواري: الحملة ستنزل إلى أرض الواقع وقالت أمال هواري، الناشطة الجمعوية وإحدى المشرفات على الحملة: "ستنطلق الحملة من العالم الافتراضي إلى الواقع، بعد أن نقيس مدى التجاوب من طرف رواد مواقع التواصل الاجتماعي"، مشيرة إلى أن أعضاء "الصفحة الفيسبوكية" رصدوا تجاوبا كبيرا مع "الهاشتاغ"، مضيفة: "بعض الحداثيين تقبلوا الفكرة، ونحن نرى أن من حقنا أن نطالب بمثل هذا الحق في مقابل مغاربة آخرين يطالبون بالإفطار العلني في رمضان، وحرية اللباس، والحريات الجنسية والمثلية". ونفت هواري، في تصريح لهسبريس، أن تكون دواعي حملة "بحر النساء" سياسية، موضحة: "لا علاقة للحملة بأي توجه سياسي أو فكري؛ بل المبرر واضح وبسيط، هو أني أريد أن أسبح في الشاطئ بكامل حريتي ودون مضايقات من الرجال.. وهناك عدد من الشرائح النسائية التي لا تريد الاختلاط مع الرجال في الشواطئ؛ وهي حرية شخصية في نهاية المطاف"، فيما شددت على أن عددا كبيرا من النساء غير المحجبات انضموا إلى الحملة. وتورد المتحدثة ذاتها أن "الحملة لا تحمل دعوات للفصل بين الجنسين في الشواطئ"، قائلة: "بالعكس، نحن نقول إن الشواطئ ستبقى على شاكلتها، ومن يريد الاختلاط الحاصل حاليا فله ذلك.. لكننا نطالب بتخصيص شواطئ نسائية مراقبة، كما الشواطئ من قيمة VIP التابعة للمنتجعات والفنادق المصنفة". تجارب وفي ظل غياب شواطئ نسائية بالمغرب، تعيش عدد من الدول المعدودة التجربة في سياق ما يطلق عليه "سياحة العوائل"، و"سياحة حلال"، وهي خطوة أطلقتها على سبيل المثال بلدية دبيبالإمارات، إذ خصصت بموجب قانون يومين أسبوعيا للنساء لقضاء الوقت على شاطئي الجميرا والممزر، في غياب الذكور وحتى الأطفال ممن يتجاوز عمرهم أربع سنوات. أما في جمهورية داغستان، فقد أنشأت الحكومة شاطئا خاصا بالنساء المسلمات على ساحل بحر قزوين في مدينة "محج قلعة"، يتوفر على كافة المستلزمات النسائية، بما فيها فرق الإنقاذ التي تتألف من النساء فقط؛ فيما لا يسمح أبدا للرجال بالدخول وحتى الأطفال الذكور ممن تزيد أعمارهم عن 6 سنوات؛ وهو المشروع الذي يوفر صالونات للتجميل ومطاعم وخدمات لتأجير قوارب النزهة. في أنطاليا، جنوبتركيا، التي تلقب بالوجهة السياحية الإسلامية، لترويجها "السياحة الحلال"، يتم تخصيص شواطئ وأحواض للسباحة معزولة للنساء داخل الفنادق والمُنتجَعات، يتم الولوج إليها عبر "قسم السيدات"، حيث أجهزة أمن خاصة، كما لا يسمح بدخول آلات التصوير والهواتف، باعتبار أن السيدات ينزعن الحجاب ويمارسن الرقص على أنغام الموسيقى، فيما تخضع هذه الشواطئ والأحواض لرقابة شديدة. كما يمنع في الجانب الآخر دخول النساء إلى "شواطئ الرجال".