تحدث منار اسليمي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، عن سياق الانتخابات التشريعية المقبلة بعد خمس سنوات من إقرار الدستور، موضحا أن موازين القوى السياسية بالمغرب تغيرت خلال هذه الفترة. وقال اسليمي، خلال ندوة نظمها مركز الأبحاث والدراسات في شؤون الهجرة بشراكة مع المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، إن حزب العدالة والتنمية الذي يقود التحالف الحكومي أنتج أسطورة تفيد بأن صعوده إلى الحكومة ضمن الاستقرار للمغرب، مقابل أسطورة "التحكم" الذي يتهم به حزب الأصالة والمعاصرة، مضيفا أن الدولة نجحت في احتواء "البيجيدي"، وبات تيارا لا يشكل مشاكل. في هذا السياق، اعتبر اسليمي أن عملية الاحتواء التي حصلت لحزب العدالة والتنمية تؤشر على الصراع الحاصل بين الأمين العام عبد الإله بنكيران وبين القيادي في الحزب عزيز الرباح، بينما لم تقرأ الأحزاب المعارضة توجه الدولة، ودخلت في تعبئة ضد "البيجيدي"، وهذا ما ستكون له تكلفة كبيرة في الانتخابات المقبلة. وعن علاقة بنكيران مع القصر، أوضح أستاذ العلوم السياسية أن رئيس الحكومة استطاع الفصل بين قربه من الملك كشخص وتعامله مع المؤسسة الملكية، بالإضافة إلى تدبير علاقته بالمحيط الملكي، وقدم نفسه على أنه يطبق جميع الأوامر ولا يوجد أي توتر بين الطرفين. في المقابل، اعتبر المتحدث ذاته أن حزب الأصالة والمعاصرة أنتج، هو الآخر، ما أسماها "أسطورة المشروع الحداثي الديمقراطي"، والذي لا يعرفه المغاربة باعتباره مشروعا تجريديا، في حين يتبنى "البيجيدي" مشروع السياسة المعيشية، كما أن "البام" يعمل جاهدا من أجل استغلال شرعية الإنجاز الجهوي الذي يشتغل عليه أمينه العام إلياس العماري. وتابع منار اسليمي التأكيد على أنه في حال إذا لم يفز حزب العدالة والتنمية بالانتخابات المقبلة، فإن وضعيته ستكون صعبة في المستقبل، وقد يسير في اتجاه ظهور تيارات معارضة داخله، كما هو الحال بالنسبة لحزب الأصالة والمعاصرة، فيما عرج على مسألة التحالفات بالقول إنه لا توجد فيها خطوط حمراء، ويبقى الطرح القائل بهذه المسألة خاطئا. أما في ما يخص السياق الدولي لهذه الانتخابات، فأوضح المتحدث ذاته أنها ستعرف ضغطا دوليا كبيرا تتداخل في معادلته ثلاثة عناصر مؤثرة؛ وهي التيار الفوضوي الذي يقود الإدارة الأمريكية، والمشروع البريطاني الأمريكي الذي يدعو إلى إدماج الإسلاميين المعتدلين من أجل المحافظة على استقرار الأنظمة العربية، والتحولات التي وقعت في السياسة الخارجية الأمريكية. في السياق ذاته، تطرق اسليمي إلى عدد من المتغيرات التي تعرفها المنطقة؛ منها أن الخليج يطلب من المغرب البطء في مسلسل الإصلاحات لأنه يعرف أن المغرب نموذج بالنسبة للأمريكيين، والتغيرات في التوجه لدى حزب النهضة التونسي التي سيكون لها انعكاسات. أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط وصف الانتخابات المقبلة بأنها الأخطر في تاريخ المغرب، وإذا ما حصل احتجاج عليها فسيتم توظيفه من طرف الخليج، مضيفا أنها ستعرف محاولات لتوجيه الرأي العام في اتجاه معين، في حين إن النخبة لم تفهم بعد أهميتها، خاصة مع ما حدث في الانتخابات الجماعية الفارطة التي ارتبطت بترسيم الجهوية والصحراء.