على بعد أيام قليلة من إجراء الانتخابات الجماعية والجهوية، تعددت القراءات حول السيناريوهات الممكنة والتحالفات التي ستفلح في قيادة جماعات وجهات المملكة للسنوات الست المقبلة. وفي الوقت الذي يشتد فيه صراع الحملة الانتخابية لدرجة السب،والشتم بين الأحزاب السياسية، وخصوصا الخصمين العدالة والتنمية، الذي يقود الحكومة، وحزب الأصالة والمعاصرة المعارض، يرى العديد من المحللين، في تصريحات لهسبريس، أن التحالفات بالجماعات والجهات لن تخضع لمنطق الأغلبية والمعارضة، مجمعين على ضرورة تقارب الPJD و الPAM في أكثر من جماعة وجهة. محمد حفيظ، الأستاذ الجامعي والمختص في الشأن الحزبي، يرى أن تحالفات ما بعد استحقاقات 4 شتنبر لن تخضع لمنطق الأغلبية والمعارضة التي تدبر بها الأمور في البرلمان والحكومة، مشيرا إلى أننا سنشهد تحالفات بين الخصوم الحاليين، مثلما هو الشأن بالنسبة للأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية، والحركة الشعبية والاستقلال. وقال حفيظ، في تصريح لهسبريس، "العدالة والتنمية سيقدم نفس المبررات التي قدمها إبان تحالفه مع حزب التجمع الوطني للأحرار إبان تشكيل النسخة الثانية من الحكومة، وذلك بعدما كال له من التهم الشيء الكثير"، مشيرا إلى أن هذا الأمر لن يكون جديدا على الساحة السياسية المغربية. وأوضح الأستاذ الجامعي أن التحالفات الحالية لن يكون لها تأثير على تشكيل المجالس الجماعية والجهوية بعد إعلان النتائج الانتخابية، مستدلا على ذلك بكون "العديد من المؤشرات اتضحت من خلال الترشيحات التي قدمتها الأحزاب"، وهو نفس الأمر الذي ذهب إليه عبد الرحيم منار اسليمي، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط. وفي هذا السياق يرى اسليمي، في تصريح لهسبريس، أن "كل التحالفات متوقعة بين جميع الأحزاب، وهذا سيخلق مشاكل بالنسبة للعدالة والتنمية الذي يقود الحكومة"، مبرزا أن سبب ذلك راجع بالأساس لرفع لعدد المرشحين بشكل كبير، وهو ما سيجعله مخترقا من قبل مرشحين لا علاقة له بهم. وقال اسليمي: "رفع الPJD لعدد المرشحين، وخصوصا المرشح العامل أو المستخدم البعيد عن إيديولوجية الحزب سيجعله بالضرورة يتحالف مع الأصالة والمعاصرة في العديد من الجماعات والجهات"، مضيفا أن "هؤلاء لا ينضبطون للقيادة السياسية الوطنية مما سيجعل الحزب الذي يقود الحكومة اليوم يعاني مما عانى منه حزب الإتحاد الاشتراكي في السابق". وفي الوقت الذي تعددت في القراءات حول السيناريوهات الممكنة، بين قائل بعودة حزب الأصالة والمعاصرة إلى تصدر المشهد الجماعي والجهوي، على غرار ما حدث في "جماعيات 2009"، ذهب البعض الأخر إلى إعطاء الأسبقية خلال أول انتخابات لما بعد دستور 2011 إلى حزب الاستقلال، فيما تم استبعاد حصول حزب العدالة والتنمية على المرتبة الأولى رغم التفاؤل الكبير الذي تبديه قيادته. اسليمي اعتبر أن حزب الأصالة والمعاصرة سيتصدر المشهد في الانتخابات المقبلة، متبوعا بحزب الاستقلال الذي ستكون له نفس حظوظ حزب التجمع الوطني للأحرار، مشيرا إلى أن "حزب الحمامة" يظل في وضعية مريحة ستسمح له باحتلال المرتبة الثانية. وأضاف المتحدث نفسه أن "حزب العدالة والتنمية سيحتل المرتبة الرابعة أو الخامسة، حيث سيكون في منافسة قوية مع حزب الحركة الشعبية"، مسجلا أن حزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سيأتي تموقعه مباشرة بعد هذه الأحزاب. "ترتيب منار اسليمي" للخريطة الحزبية ما بعد انتخابات 2015 هو نفس الترتيب الذي أكده محمد حفيظ الذي أشار إلى أنه "من خلال الترشيحات يتضح أن الأحزاب الأولى ستكون هي الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال، والتجمع الوطني للأحرار، وبعدهم حزب العدالة والتنمية في المرتبة الرابعة". وفي هذا الاتجاه اعتبر محمد حفيظ أن "السيناريوهات في المغرب مرتبطة بالخريطة التي أريد لها أن تصنع ويتم تهييؤُها منذ مدة، وسيتم وضعها"، مستغربا من التصريحات التي تصدر عن رئيس الحكومة الذي شكك في الانتخابات المهنية السابقة، والذي يتحدث فيها عن شراء الأصوات وتدبير التحالفات وغيرها، والحال أن هذه الخروقات التي رصدها تحتاج التحرك نحو القضاء. من جانبه أوضح اسليمي أن سبب إعطائه ل"حزب المصباح" المرتبة الرابعة مرده للجسم الانتخابي المغربي الذي يتجه إلى تصويت عقابي على حزب العدالة والتنمية، مشيرا لكون الاحتجاجات التي رافقت "مهرجانات بنكيران الخطابية" هي نوع من الاحتجاج على الأداء الحكومي. وبعدما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الرباط أن "درجة التسييس في المجتمع المغربي وصلت مستويات قياسية"، وتوقع أن تتجاوز نسبة التصويت ال50 في المائة، أوضح، أن "سيكولوجية العدالة والتنمية جعلته يعزل نفسه، ويتحمل المسؤولية الكاملة عن التدبير الحكومي الذي تضرر منه المواطن بشكل كبير"، مضيفا: "المغاربة يحسون اليوم أن فرصة الانتخابات الجماعية مواتية لمعاقبة الحزب الذي يقود الحكومة على أدائه التدبيري على المستوى الوطني".