تستعد هولندا لممارسة مزيد من الضغط على السفارات الأجنبية التي لا تحترم قوانين العمل المعمول بها. هذا ما وعد به أوري روزنتال وزير الخارجية الهولندي يوم الأربعاء الماضي أثناء نقاش في البرلمان حول وضعية الأعوان (الموظفين) المحليين المغاربة في السفارة والقنصليات المغربية في هولندا. غير مقبول عبرت كل الفرق البرلمانية عن امتعاضها من الطريقة التي تتعامل بها السفارة ووزارة الخارجية المغربية مع ملف الأعوان المحليين، واعتبروها "غير مقبولة". بل ذهب برلماني عن الحزب الاشتراكي إلى الطلب من الوزير البحث في إمكانية سحب "اعتماد" السفير، بحسب ما أفادنا أحد الأعوان المحليين الذي تابع النقاش في البرلمان. لكن الوزير روزنتال أوضح أن الإجراءات القضائية ضد السفارة تظل محدودة لما تتمتع به السفارات الأجنبية من حصانة تنص عليها المواثيق الدولية. وقد أبدى الوزير استعداده لإرسال لجنة تفتيشية للسفارة وتكليف مصلحة الضرائب بإجراء فحص للمستندات المغربية ذات الصلة، إلا أن ذلك يحتاج لإذن مسبق من السفير، كما أن الوثائق تشملها الحصانة الدبلوماسية أيضا. وعبر عون موظف رفض ذكر اسمه، عن تفاؤله من أن يؤدي عرض القضية على البرلمان الهولندي إلى إيجاد حل للمشاكل العالقة، لاسيما أن البرلمانيين وممثلي الوزارات المعنية الحاضرة في النقاش ساندتهم في مطالبهم: "انصب النقاش مائة في المائة في صالح الأعوان المحليين. فالبرلمانيون والوزير واللجان الوزارية الحاضرة، كلهم اتفقوا على أن هذا الوضع ينبغي أن يتغير، ويوضع له حد بطريقة أو أخرى". تصعيد على خلفية هذه القضية التي بدأ الرأي العام الهولندي يهتم بها منذ بداية السنة الجارية، استدعي السفير المغربي مرتين لوزارة الخارجية الهولندية للاستفسار، ولا يستبعد الوزير الهولندي الالتجاء لوسائل ضغط دبلوماسية أخرى، إما عن طريق السفارة الهولندية في الرباط أو عن طريق طرح الموضوع مباشرة أمام نظيره المغربي وقد يصل الأمر إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في أسوأ الحالات، بحسب ما أوردته وكالة الصحافة الهولندية الرسمية. إلا أن روزنتال استدرك أن القضية لم تصل بعد إلى هذا المستوى. تجلى من أسئلة البرلمانيين الهولنديين أنهم يريدون من وزير الخارجية بحث كل وسائل الضغط الممكنة لحل قضية الأعوان المحليين، ليس فقط داخل البعثات المغربية بل وأيضا في باقي البعثات الأجنبية التي لا تحترم قانون العمل المعمول به في هولندا. يقول العون المحلي المغربي في تصريح لإذاعة هولندا العالمية إن الوزير "نصح" السفير المغربي بالإسراع في إيجاد حل لمستخدميه قبل أن يقوم وزير الخارجية المغربي بزيارة رسمية لهولندا في مقبل الأيام، حتى لا تشغل هذه القضية الحيز الأكبر من المباحثات بين الجانبين. وعود أحد أعضاء جمعية 'الضمان‘ للأعوان المحليين في هولندا أكد لإذاعة هولندا العالمية أن سفير المغرب استقبل ممثلين عنهم خلال الأسبوع الماضي ووعدهم بالعمل على إيجاد حل لمشاكلهم. ولكنه اتبع وعوده ب "تهديد" مبطن. "كان لدينا لقاء مع السفير خلال الأسبوع الماضي وهناك وعود أعطيت لنا، ولكنها وعود لا تفي بالغرض وليست في مستوى تطلعات هذه الشريحة من الشغيلة. مشكلة الأعوان كبيرة، إلا أن الحلول المقدمة بسيطة. قدمت لنا أيضا أعذار واهية مثل ارتفاع تكلفة العون المحلي إذا تم الالتزام بقانون الشغل الهولندي". وأضاف العون المحلي في تصريحاته للإذاعة أن السفير "هدد" الأعوان في نهاية لقائه بهم عندما لمح إلى استقدام مستخدمين بديلين من المغرب. "أنا بإمكاني طردكم واستقدام آخرين من المغرب إذا لم توقفوا هذه الإضرابات". من جهة أخرى طلبت إذاعة هولندا العالمية مرتين من السفارة، دون جدوى، التعليق على تصريحات وزير الخارجية الهولندي أمام البرلمان، ومضمون المباحثات مع ممثلي جمعية الأعوان المحليين. وعند كل محاولة يطلب من الإذاعة معاودة الاتصال مرة أخرى. لا تراجع يؤكد الأعوان المحليون أنهم لن يتراجعوا عن حقهم في التظاهر والاحتجاج حتى تتحقق مطالبهم "كاملة". "كنا عازمين، بعد تهديدنا مباشرة، أن نشرع في إضراب يوم الثلاثاء الماضي. ولكن بعد التفكير ودراسة الأمر بروية ورزانة قررنا منح مهلة مشروطة للسفارة تمتد حتى نهاية شهر مايو. فإذا لم نتوصل بجميع مستحقاتنا ولم تتحقق جميع مطالبنا التي تقدمنا بها منذ أكثر من سنة، فسنصعد الأمر بطريقة لن تكون في صالح السلطات المغربية ولا المواطن المغربي الذي يراجع المصالح القنصلية؛ لأننا سنوقف العمل تماما بدءا من فاتح يونيو المقبل".