، أن عمله لا يقتصر على القسم فقط، فعمله داخل القسم جزء بسيط. و الجزء الأكبر يقوم به خارج القسم. قد تطرح هذه الفكرة تساؤلات كثيرة: ما هي الأعمال التي يقوم بها الأستاذ(ة) خارج القسم؟ و كم يستغرق من الوقت لإنجاز هذه الأعمال؟ و كيف يوفق بين حياته الشخصية و العملية؟ للإجابة عن هذه الأسئلة، يجب معرفة الأعمال التي ينجزها الأستاذ(ة) خارج القسم و التي تنقسم إلى ثلاثة أقسام: 1- التخطيط : وهو مجموعة من الإجراءات والتدابير التي يتخذها المعلم لضمان نجاح العملية التعليمية التعلمية وتحقيق أهدافها. و من الخطأ الظن أنّ التخطيط للدرس هو مجرد عملية كتابة لمجموعة من الأهداف ولمجموعة من الأساليب التعليمية. بل هو منهج وأسلوب وطريقة منظمة للعمل و تصور مسبق للموقف التعليمي التعلمي و يرتكز على: تحديد الأهداف و اختيار أساليب لتحقيقها (وضع خطة العمل)، و تحديد الزمن اللازم لإنجاز التخطيط و تقييم مدى تحقق الأهداف المحددة. يقضي الأستاذ(ة) أوقات لا يستهان بها في هذه المرحلة الهامة، و التي تأخذ طابع الديمومة. فالتخطيط بدوره ينقسم إلى ثلاثة أقسام. تخطيط على المستوى البعيد، و يتمثل في التوازيع السنوية لمختلف المواد، و الذي ينجزه الأستاذ(ة) بداية كل سنة . القسم الثاني هو التخطيط على المستوى المتوسط، و الذي يسطر خلاله الأستاذ(ة) توازيع شهرية و مجالية و يجب إعدادها لمختلف المواد و ذلك بصفة دورية. و القسم الثالث من التخطيط و الذي يستحوذ على الجزء الأكبر من وقت الأستاذ(ة) خارج القسم، و هو التخطيط على المدى القريب، و يتمثل في تسطير المذكرة اليومية أو دفتر النصوص بصفة يومية، و تحديد الدروس المنجزة خلال اليوم الدراسي و المراحل التي وصل إليها الدرس المنجز، و الأهداف المتوخاة من كل درس و المدة الزمنية المطلوبة لكل نشاط دراسي. و يستدعي التخطيط على المدى القريب أيضا، تسطير جذاذات بصفة يومية، فلكل حصة دراسية جذاذة خاصة، و هذا لكل المواد. و إن أخذنا أستاذ(ة) اللغة العربية في التعليم الابتدائي مثالا: فهو يدرس في المستوى الثاني ابتدائي اللغة العربية و مكوناتها مثل القراءة و التعبير الشفوي و الخط والإملاء، و التربية الإسلامية و مكوناتها مثل القرآن الكريم والعقائد و العبادات و الآداب الإسلامية، و المواد الأخرى مثل الرياضيات و النشاط العلمي و التربية التشكيلية و اللغة الفرنسية و اللغة الأمازيغية . يجب عليه تحضير جذاذة لكل حصة دراسية لكل مكون من مكونات المواد المدرسة في اليوم. بمعدل 6 ساعات عمل يوميا، أي 12 حصة دراسية يومية، يجب تحضير 12 جذاذة. لو تطلب الأمر 10 دقائق فقط لكل جذاذة، ستلزم 120 دقيقة من العمل اليومي خارج القسم، أي ما يعادل 10 ساعات أسبوعية إضافية للوقت الذي يعمل فيه الأستاذ(ة). - 2الإعداد القبلي: و نقصد به أن يتهيأ الأستاذ(ة) نفسياً وتربوياً ومادياً لتعليم التلميذات و التلاميذ ما تتضمنه الدروس من معارف ومفاهيم ومواقف تعليمية، بصيغ عملية هادفة ومدروسة يحقق معها أهداف التعليم المنشودة. وتتم هذه العملية الهامة بصفة يومية، حيث يجب أن يحقق من خلالها الأستاذ حاجيات التلميذات و التلاميذ، و أن يراعي الفوارق الفردية بينهم، و أن يختار أنشطة تعليمية متنوعة و مشوقة ووسائل تحفيزية، و أنه عليه أن يدرج إرشادات تربوية لها ارتباط بموضوع الدرس. دون إغفال أن يكون ضمن خطة الإعداد اليومي للدروس توزيع زمني تقريبي يحقق الاستفادة المثلى من زمن الحصة. و هذه المرحلة أيضا ينجزها الأستاذ(ة) خارج القسم، حيث عليه أن يحضر أيضا كل ما يلزمه للدروس التي سينجزها مع المتعلمات و المتعلمين، من وسائل و معدات ديداكتيكية، و من أهمها بالنسبة للتعليم الابتدائي مثالا: الدفاتر، و نستطيع تخيل عدد الدفاتر التي يجب أن يقضي الأستاذ(ة) في تحضير نماذج الخط و النقل و الإملاء في اللغة العربية أو اللغة الفرنسية و اللغة الأمازيغية، و إن قمنا بعملية حسابية بسيطة لمثال من المستوى الأول ابتدائي: قسم دراسي بمتوسط 35 تلميذا و تلميذة، يتعلمون كتابة حرفين أسبوعيا في اللغة العربية، حيث يجب على الأستاذ(ة) تحضير نماذج مرتين أسبوعيا بمتوسط صفحة لكل تلميذ و تلميذة، أي يقوم بكتابة 70 نموذجا أسبوعيا. لو فرضنا أن كتابة نموذج واحد يستغرق دقيقتين، فلكتابة النماذج أسبوعيا تلزم 140 دقيقة. تنضاف إلى العمل الذي قوم به الأستاذ(ة) خارج القسم. وزيادة على ذلك يقوم نفس الشيء بالنسبة للغتين الفرنسية والأمازيغية بالنسبة للمستوى الثاني ابتدائي. نستطيع تخيل الوقت الذي يقضيه الأستاذ(ة) في الإعداد القبلي، ناهيك عن إعداد الوسائل للقيام بتجارب بالنسبة لمادة النشاط العلمي. -3 التقويم : و هو العمليّة الّتي تستهدف الوقوف على مدى تحقيق الأهداف التربويّة ومدى فاعليّة البرنامج التربويّ بأكمله من تخطيط وتنفيذ وأساليب ووسائل تعليميّة. و هو ينقسم إلى قسمين: القسم الأول يتمثل في تقويم بناء المتعلمات و المتعلمين لتعلماتهم و الوقوف على مكامن الخلل للتدخل و معالجتها. تنقسم هذه المرحلة إلى جزأين: الجزء الأول ينجز داخل القسم، و منه إنجاز أنشطة تقويمية مرحلية و تكوينية و إجمالية. و الجزء الثاني ينجز خارج القسم، و هو ما يهمنا في هذا المقال، حيث يجب على الأستاذ(ة) تصحيح كل منتوجات التلاميذ و التلميذات المنجزة داخل القسم، سواء تعلق الأمر بدفاتر الخط (والتي تحدثنا عنها في الفقرة السابقة أي 140 دقيقة أسبوعيا لتصحيح الدفاتر ) أو دفاتر التمارين التقويمية، أو أوراق التقويمات التكوينية و الإجمالية، وكمثال على هذا: أستاذ(ة) مادة علوم الحياة والأرض بالمستوى الثانوي الإعدادي، يدرس 10 أقسام من المستويات الثلاثة للسلك الإعدادي، بمعدل 40 تلميذا و تلميذة في القسم، أي ما مجموعه 400 متعلم و متعلمة. يجد نفسه أمام 400 ورقة لتصحيحها و استثمارها داخل الفصل. ولو فرضنا أن الأستاذ(ة) يقضي 5 دقائق لتصحيح كل ورقة، فستلزمه 2000 دقيقة من العمل لتصحيح كل الأوراق، أي ما يعادل 33 ساعة من العمل. و التي تنضاف أيضا لساعات العمل التي يقوم بها الأستاذ(ة) خارج القسم. نفس المثال يبقى صحيحا بالنسبة لبقية المواد و بالنسبة لأساتذة التعليم الثانوي التأهيلي. والقسم الثاني من التقويم يتجلى في تقويم كلي لإنجاز الدرس من طرف الأستاذ(ة)، والوقوف على مدى نجاعة أو فشل مرحلة التخطيط التي سبق أن قام بها، و ذلك لتغيير المعايير الغير ملائمة في المرحلة السابقة و تفادي ما من شأنه عرقلة سير العملية التعليمية التعلمية. سواء تعلق الأمر بتغيير الوسائل أو المنهجية المتبعة أو تغيير الأساليب التعليمية التي استخدمها الأستاذ(ة) في دروسه. يبدو واضحا الآن، أن مهنة الأستاذ(ة) ليست بسهلة، و أنه يقوم بعمل جبار و لساعات متواصلة و بصفة يومية، و الفكرة السائدة عن أوقات الفراغ الكبيرة التي يتمتع بها خارج القسم، هي فكرة خاطئة و لا صلة لها بالواقع. أما عن العطل الدراسية، فهي فترات يحتاجها كل من التلميذ(ة) و الأستاذ(ة) لتجديد نشاطه و مراجعة التعلمات السابقة و الاستعداد للفترة المقبلة من السنة الدراسية.