كانت لافتة في الآونة الأخيرة التحركات التي بصم عليها إلياس العماري، رئيس جهة طنجة- تطوان- الحسيمة، بخصوص عقد اتفاقيات وإقناع مسؤولين أجانب بالاستثمار في الجهة الشمالية للمملكة. فبعد "منحة غيتس" المثيرة للجدل، خرج العماري ليكشف إبرام مجلس الجهة اتفاقية جديدة مع مسؤولين صينيين، على هامش الزيارة الملكية الأخيرة إلى الصين. الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة أماط اللثام، خلال ندوة نظمت أخيرا بالدار البيضاء، عن حيثيات الاستثمارات التي ستقوم بها الصين في الجهة الشمالية، موضحا أن مجلسه "باشر اتصالات مع كثير من البلدان، وحاول الخروج من الشركاء التقليديين، ومن هنا جاءت الصين، خاصة بعدما أعلنت استثمارات كبيرة بغلاف مالي يصل إلى 60 مليار درهم بإفريقيا خلال قمة جوهانسبورغ". وأشار العماري، الذي قام بزيارة حزبية قبل أيام إلى إقليم كردستان بالعراق، إلى تخصيص الجهة ألف هكتار من الأراضي كان قد طالب بها المسؤولون الصينيون من أجل إنجاز مشاريع واستثمارات مهمة، مؤكدا على أهمية الجهة ورمزيتها التاريخية لدى الصينيين، والمتمثلة في شخصية "ابن بطوطة". التحركات الأخيرة لرئيس جهة طنجةتطوانالحسيمة أثارت العديد من التساؤلات حول صلاحيات الماسك بزمام المنصب الذي أفرزه التقسيم الجهوي الجديد، والتي رآها البعض تجاوزا لصلاحيات الدولة، ممثلة في وزارة الاقتصاد والمالية، خاصة بعد ما بات يعرف ب"منحة غيتس"؛ إلا أن الأخيرة، وعلى لسان الوزير محمد بوسعيد، أكدت أنها "هي المشرفة على الموضوع". التسويق السياسي تحركات إلياس العماري، الأمين العام ل"حزب الجرار"، يضعها أحمد البوز، أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، في إطار "التدافع السياسي بين الفاعلين الحزبيين الذي يدخل ضمن خانة الترتيبات المتعلقة بالمرحلة القادمة، وما ستعرفه من استحقاقات انتخابية". وربط البوز، في تصريح لهسبريس، مبادرات رئيس الجهة الشمالية ب"السياق السياسي الذي يعرف منافسة شرسة بين حزبين، هما الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية"، كاشفا أن جزءا كبيرا من الأوساط السياسية يعتبر هذه "الخرجات" المتكررة عبارة عن "تحضيرات لوصول العماري إلى منصب رئيس الحكومة، وفوز حزبه بالانتخابات المقبلة". "المسألة لا تتعلق بصلاحيات رئيس الجهة، بل إن الأمر يتعلق بتحركات سياسية" يقول البوز، الذي أضاف أن "قائد الجرار يحاول تلميع صورته من خلال تقديم هذا النوع من المبادرات في الصحافة، التي تربطه علاقة جيدة بها". مبادرات مشروعة وإذا كانت مبادرات إلياس العماري مجرد "تحركات سياسية"، حسب أحمد البوز، فإنه "لا عائق قانونيا يمنع منها"، يقول محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، الذي أكد أنه "من حق العماري التسويق لنفسه عبر نهج مبادرات مماثلة، كما يقوم بذلك رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، في خطابه السياسي الذي يمارس فيه الشعبوية". وأوضح الغالي، في تصريح لهسبريس، أن "التحرك من أجل جلب مشاريع وخلق مبادرات لتنمية الجهة لا يخلق أي مشكل قانوني أو دستوري، إلا أن المصادقة عليها يجب أن تتم بموافقة الدولة"، مضيفا أن "مثل هذه المبادرات تدخل في إطار دينامية مستحبة، يجب أن تكون في إطار قواعد لعب الدولة". "القانون التنظيمي للجهات يمنح لرئيس الجهة صلاحيات مهمة، بيد أن كل شيء يتم في إطار السياسات العامة للدولة المغربية"، يقول المحلل السياسي ذاته، والذي أضاف أن "اتفاقيات الشراكة التي يقوم بها العماري لا بد أن تخضع لمصادقة سلطة الوصاية". * صحافي متدرب