بشر الخطاب الملكي يوم 9 مارس 2011 بوضع حد لعطالة المؤسسات الدستورية القائمة عبر جيل جديد من الإصلاحات السياسية والإدارية والاقتصادية مكفولة بضمانات دستورية مرتقبة، تجعل بلادنا تنتقل من مرحلة الانتقال الديموقراطي إلى مرحلة البناء الديموقراطي لدولة عصرية وحداثية. وذلك استجابة لمطامح الشباب المغربي المعبر عنها، بكل تحضر، في مسيرات 20 فبراير المجيدة. لكننا نلاحظ عدم جدية باقي مكونات المشهد السياسي و الحزبي المغربي وعدم انخراطه الحقيقي في عملية الإصلاح . كيف ذلك؟ حتى نكون صرحاء، يجب الإقرار بالفشل الذريع الذي منيت به قيادات الأحزاب الوطنية في تدبير مرحلة الانتقال الديموقراطي، بحيث تكيفت مواقف قياداتها، وفق مصالحها الذاتية، مع التراجعات التي عرفها مسارنا الديموقراطي، و خصوصا بعد الخروج عن المنهجية الديموقراطية في 2002، وطمعا في الكراسي الوزارية، تم التراجع عن تطبيق مضامين هذا القرار/ الموقف السياسي، فتمت المشاركة في حكومة دشنت التراجع عن المسار الديموقراطي الذي بشر به التناوب التوافقي، مما أفقد الأحزاب الوطنية "مصداقيتها" لدى مكونات المجتمع المغربي، و أخمد جذوة وحماسة مناضليها من جهة ، و من جهة أخرى تم إلباس العمل الوزاري لبوس الإنتهازية، فأضحت "تاوزاريت" سبة في حق أصحابها، بينما الوزارة ما هي إلا عبئ ووزر تحمل مسؤولية تدبير الشأن العام وواجهة نضالية لتطبيق مضامين مشروع مجتمعي وفق قناعة فكرية و سياسية مشتركة بين قواعد الأحزاب المشاركة . إن الأحداث التي عرفها المغرب مؤخرا، تأثرا بالوضع الإقليمي والعربي المتطلع إلى إرساء ربيع ديموقراطي عربي، والتي دشنتها حركة 20 فبراير المجيدة دفعت بالشباب المغربي العازف عن الحياة السياسية ببلادنا، خصوصا جيل ما بعد حرب الخليج الثانية المنتمي للأحزاب الوطنية، إلى نفض الغبار عنه والانخراط مجددا في التعبئة الشاملة لإعادة الحياة في شرايين الأحزاب السياسية المغربية. إلا أن هذه الإرادة المتجددة اصطدمت بجدار سميك يحاصرهم و يحد من حركيتهم، يشبه جدار الفصل العنصري الذي أقامته إسرائيل لحصار المناضلين الفلسطينيين، وبالتالي فالقيادات الحزبية المعمرة، وحفاظا على مصالحها المادية ولتغطية فسادها السياسي، فإنها لم تذخر جهدا، في وضع المطبات والعراقيل أمام المناضلين الشرفاء المنتمين للأحزاب المغربية الهادفين إلى خلق ثورة هادئة تتغيا إعادة تأهيل هذه الأحزاب بإفراز نخب جديدة في مستوى تطلعات المرحلة، و ذلك عبر تشبيك المصالح وتبادل الأدوار بين مختلف المستفيدين من ضبابية الوضع و إحتراف خلط الأوراق والمواقف السياسية المتضاربة (ضميس الكارطة) لإدامة التربح الغير المشروع المرتكز على إقتصاد الريع على حساب جيوب الموطنين البسطاء و دافعي الضرائب !!! أصالة عن نفسي ونيابة عن مجموعة من شباب و اتحاديو 20 فبراير، نؤكد ثقتنا في نبل حركة 20 فبراير الهادفة إلى الارتقاء بالحياة السياسية المغربية إلى صف الديموقراطيات الحديثة. وعليه نتوجه لجلالة الملك محمد السادس بملتمس حل الحكومة الحالية وتشكيل حكومة تقنية مؤقتة لتدبير المرحلة المقبلة في أفق تنظيم الانتخابات التشريعية بعد الاستفتاء على الدستور الجديد، نظرا للتدني الخطير في مستوى شعبيتها بسبب استغلالها من طرف القيادات الحزبية السرمدية، كأصل تجاري تتم به التوافقات بين مختلف اللوبيات المكونة للمشهد الحزبي المغربي. هذا الملتمس، بالطبع، لا ينفي كفاءة بعض الوزراء الحاليين وجديتهم وتفانيهم في آداء مهامهم، لكنهم أيضا يظلوا رهائن لقيادات حزبية انتهازية لا تتردد في مساومتهم بفرض أعضاء دواوين لا تتجاوز كفاءتهم مستوى الخدمات التي يقدمونها للقيادة / المأساة أو تسليط الآلة الدعائية الحزبية، بتواطئ مع ذوي القلوب الضعيفة، للتشهير بالمسؤولين الشرفاء بهدف تطويعهم خدمة لمآربهم الخاصة (...) مما أدى إلى إضعاف الأحزاب السياسية خدمة لأجندات خاصة (...) كما نرفع إلى جلالته كذلك ملتمسا بحل البرلمان المغربي، لكونه لا يحظى بتمثيلية الشعب المغربي ولا يمارس دوره الرقابي والتشريعي المفترض. فما هو إلا واجهة دعائية لمحدثي النعمة و تشكل حصانته الدرع الواقي لمفسدي الحياة العامة. وبالتالي، فهو برلمان فاقد للمشروعية لأنه لا يتمتع إلا بأصوات تقل عن خمس الكتلة الناخبة، وفاقد كذلك للشرعية لكون أكثرية أعضائه قد ظفروا بمقاعدهم الوثيرة عبر استعمال المال الحرام و شراء الأصوات وليس بفضل ثقة الناخبين على قلتهم !!! وغني عن البيان أن هذا البرلمان يضم "نوابا و مستشارين" تميز مسارهم التدبيري بإفساد الحياة السياسية المغربية منذ عدة عقود، مع التذكير بأن مصادر ثرواتهم كانت دوما مثارا للشبهات وعليهم الرحيل عاجلا. و في الأخير، لا يسعنا إلا أن نذكر بأن لكل وقت آذانه و لكل زمان رجالاته. فكما نؤكد على أن المرحلة المقبلة تستوجب القطع مع جميع أشكال والمسلكيات الحزبية الانتهازية المنتمية للعهد البائد والقضاء على جميع أشكال الريع واللاعقاب. وحتى نتمكن من خلق أجواء سياسية جديدة ببلدنا و إعادة الاعتبار للحياة السياسية بالمغرب، لكي نحس آنذاك كمواطنات و مواطنين مغاربة أن لصوتنا الإنتخابي قيمة و هو المحدد الوحيد لتجسيد إختياراتنا السياسية عبر فرز برلمان مغربي حقيقي، ومن تم الإنخراط في ملكية برلمانية كفيلة بضمان الحقوق الفردية و العامة. فإذا كان المواطن مطالب بتأدية ضرائبه، فمن حقه محاسبة المسؤولين عن تدبير المال العام و ضمان إجراء انتخابات نزيهة و شفافة و دون حياد سلبي من طرف السلطة، و ذلك لفرز أغلبية برلمانية قادرة على تشكيل حكومة قوية بناء على مشروع سياسي محدد المعالم و الأهداف و الآجال. لذا، فإن الشباب المغربي يتطلع لإشارات جديدة مواكبة للعهد الجديد.