حجّ عشرات المواطنين إلى ساحة ضريح محمد الخامس بالرباط، بعد زوال اليوم الاثنين، لمتابعة مرور كوكب عطارد أمام قُرْص الشمس، وهُو الحدث الذي لا يتكرّر إلا نادرا. المواطنون الذين قصدوا ساحة ضريح محمد الخامس تابعوا مرور عطارد عبر مناظير فلكيّة، وفّرتْها جمعية الرباط لعلم الفَلك، في إطار الأنشطة العلمية والثقافية التي تنظمها. رئيس الجمعية، عبد الحفيظ باني، اعتبرَ، في تصريح لهسبريس، مرور كوكب عطارد أمام قرص الشمس "حدثا متميزا"، لكونه لا يحدث سوى ما بين 14 إلى 16 مرة في كل قرْن. وكان آخرُ عبور لكوكب عطارد أمام الشمس قد حدث سنة 2006، فيما سيحدث العبور الثاني سنة 2019، ولن يعبر كوكب عطار أمام قرص الشمس بعد ذلك سوى سنة 2030. وبحسب الإفادات التي قدّمها عبد الحفيظ باني، فإنَّ كوكبيْ عطارد والزَّهرة وحدهما، من بين كواكب المجموعة الشمسيّة، اللذان يعبران أمام قرص الشمس. ويظهرُ كوكب عطارد، عبر المنظار، على شكْل نقطة سوداء صغيرة، لا يُمكن مشاهدتها بالعيْن المجردة، ولا يَحجُبُ مرورُ الكوكبِ ضوءَ الشمس مثلما يحدث في حالة الكسوف. ويرجع ذلك -بحسب إفادات عبد الحفيظ باني- إلى صِغَر حجم كوكب عطارد؛ حيث لا يمثل قُطره سوى 1 على 160 من قُطر الشمس؛ أيْ إنّ قُطر الشمس أكبر من قطر عطارد ب160 مرّة. مرور كوكب عطارد أمام قرص الشمس يؤكّد صحّة ما تنبّأ به عالم الفلك "يوهان كبلر"، بطريقة رياضية، منذ القرن السادس عشر، من أنّ كوكب عطارد سيمرّ أمام قرص الشمس، "لكنه للأسف لمْ يعِش ليرى بأمّ عينية صحّة ما تنبّأ به"، يقول عبد الحفيظ باني. وأضاف المتحدّث أنَّ هدف جمعية الرباط لعلم الفلك من إتاحة الفرصة للمواطنين لمتابعة أحداث الفَلك عبر تلسكوبات مُكبّرة ومزوّدة بمرشّحات لحماية العين، هو تقريب العامّة من الأحداث العلمية، الفلكية بصفة خاصة، وتقديم علوم الفلك بطريقة مبسطة للمواطنين، خاصة للشباب. وتعْكسُ وضعية عِلم الفلك بالمغرب حالة البحْث العلمي بصفة عامّة في المملكة، وقال عبد الحفيظ باني في هذا الصدد: "ما نقوم به هو خطوات بسيطة جدّا في علم الفَلك"، ويرجع ذلك إلى غياب الإمكانيات المادية. ورغم غياب هذه الإمكانيات، إلا أنّ علماء الفلك المغاربة يبذلون جهودا للتقدم بهذا العلم؛ حيثُ جرى قبل أيام تنصيب تليسكوب جديد في مرصد أوكايمدن التابع لجامعة القاضي عياض بمراكش، "ولكن تبقى هذه الخطوات جد بسيطة"، يقول رئيس جمعية الرباط لعلم الفَلك. وعلى الرغم من أنّ وزارة التعليم العالي والبحث والعلمي رفعتْ ميزانية البحث العلمي، خلال السنوات الأربع الأخيرة، إلا أنّ هذا المجال، وفق باني، مازال بحاجة إلى دعم، داعيا وزارتيْ التعليم العالي والتربية الوطنية إلى بذل جهود وتخصيص ميزانيات إضافية للبحث العلمي. وتسعى جمعية الرباط لعلم الفَلك إلى "مُصالحة" الأطفال الصغار والشباب مع العلوم، وقال باني في هذا السياق: "في مجتمعنا هناك تخوف من العلوم، فمنذ أن كنا صغارا ونحن نتخوف من التوجه إلى العلوم، على اعتبار أنها تخص الغربيين، وهدفُنا في الجمعية هو تقريب الأطفال والآباء من علم الفَلك، باش يعرفو بلي العلوم راه ديالنا حتى حنا ماشي غي ديال الغربيين".