وجه عدد من المختصين انتقادات كثيرة للإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التي تم إطلاقها بشكل رسمي اليوم. وفي هذا الإطار أشار فؤاد المومني، الكاتب العام لترانسبرانسي المغرب، إلى مجموعة من التحفظات والتخوفات بشأن مضامين هذه الإستراتيجية، ومن بينها "غياب الالتزامات المفروضة من أجل الحماية الفعلية للشهود والمبلغين، إضافة إلى غياب التدبير الناجع لمساطر البحث والتحقيق والحكم لكي لا يتحول زمن التحقيق القضائي إلى دعامة للإفلات من العقاب ووسيلة للابتزاز السياسي". على صعيد آخر، أشار الكاتب العام لترانسبرانسي المغرب، في كلمة خلال حفل إطلاق الإستراتيجية إلى مجموعة من الانتقادات التي تهم مجال محاربة الفساد، من بينها اعتباره أن الهيئة الجديدة لمحاربة الرشوة "تشكل تراجعا واضحا تجاه مقتضيات الدستور والتزامات الدولة وانتظارات عموم المواطنين"، ناهيك عن كون "مشروع القانون المتعلق بالحق في الوصول إلى المعلومات سجل تراجعا يؤشر على تعقيد إمكانية المشاركة المواطنة وتكريس غياب الشفافية". وعبر المومني عن أمله في تفعيل الإستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد بشكل سريع "لمواجهة حجم وخطورة الآثار المدمرة لظاهرة الرشوة بالمغرب"، مضيفا: "لا يمكن مواجهة ظاهرة خطيرة معممة معقدة ذات كلفة كبيرة على الاقتصاد والتماسك الاجتماعي بتدابير معزولة وحملات تواصلية تكون في العديد من الأحيان مرتبطة بمحفزات سياسية"؛ مؤكدا أن هناك حاجة إلى سياسة شمولية حقة يتكامل فيها الوقائي والزجري، وتحدد الأهداف والمسؤوليات وآجال التنفيذ، كما تلزم السلطات العمومية بالمسؤولية على الوسائل والنتائج. من جانبه أشار بشير الراشدي، رئيس لجنة الأخلاقيات والحكامة الرشيدة بالاتحاد العام لمقاولات المغرب، إلى أن نجاح أي إستراتيجية يتوقف أساسا على استمرار تعبئة الفاعلين وعامل الزمن والبيئة المؤسساتية والقانونية التي سيتم تنزيلها فيها، منتقدا التأخر الحاصل في أجرأة الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التي تم اعتمادها في دجنبر 2015، مضيفا: "لا بد من يقظة ليتم إطلاق البرامج في وقتها المحدد". كما أورد الراشدي خلال كلمة له مجموعة من التحفظات التي تحملها "الباطرونا" لمجال مكافحة الفساد، قائلا إن "القانون الخاص بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة لا يعكس الإرادة القوية التي كانت وراء دسترة هذه الهيئة". وعبر المتحدث عن قلقه إزاء المخاطر التي يطرحها نص قانون الحق في الوصول إلى المعلومة، قائلا إنه يحمل "صيغا فضفاضة تضم تأويلات مقيدة لهذا الحق الذي من المفروض أن يكون أساسيا لمواكبة آليات محاربة الفساد". وأكد الراشدي أن محاربة الفساد يجب أن تتم على كافة المستويات ومن طرف جميع الفاعلين، ترسيخا لثقافة الشفافية.