أخذ قانون مناهضة العنف ضد النساء، المعدّ من طرف وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، نصيبا وافرا من الانتقاد من طرف المشاركين والمشاركات في الندوة الوطنية التي نُظّمت مساء السبت بمدينة الجديدة، حول موضوع "رفع الحيف ومناهضة العنف ضد النساء"، إذ أجمع المتدخلون في الندوة على أن القانون المذكور "مشوّه شكلا ومضمونا، ولا يعدو أن يكون فأرًا وُلد بعد تمخّض جبل". "قانون فارغ ومدونة متناقضة" فتيحة شتاتو، رئيسة شبكة الرابطة إنجاد ضد عنف النوع، أشارت خلال مشاركتها في الندوة الوطنية المنظمة من طرف منظمة نساء الأصالة والمعاصرة، والأمانة العامة الإقليمية للحزب بالجديدة، إلى أن "الكل انتظر قانونا يوفر الحماية والوقاية وجبر الضرر وعدم الإفلات من العقاب والتعويض، في ظل الدستور الجديد، ليتفاجؤوا بقانون فارغ، يغيّب الجوانب الوقائية، ولا يقدم تعريفا للتمييز والعنف؛ بل تراجع عن التعريف الذي جاء في مشروع 2011". وأضافت المتحدثة أن "القانون الجديد عرف تداركا بسيطا في التدابير الوقائية، إلا أنه تراجع عن تجريم السرقة والنصب بين الأزواج، واستبدله بتدبير الممتلكات أثناء الزواج، ولم يدرج الاغتصاب الزوجي وجبر الضرر، كما أنه لم يعمل على تشديد العقوبة في حالة الاغتصاب، في الوقت الذي يعرف القانون ذاته فراغا في تقديم إجابات بشأن الجرائم الجنسية الناتج عنها حمل من حيث ترتيب الآثار"، مستنكرة رغبة الأجهزة الأمنية والقضائية "في الحفاظ على الأسرة ولو على حساب كرامة المرأة". وبعد أن عرضت فتيحة شتاتو ما أسمتها تناقضات مدونة الأسرة في شقها المرتبط بالعنف ضد النساء، أكّدت على وجوب تحمّل الحكومة المغربية مسؤوليتها في مجال العنف المبني على النوع، عبر إقرار قانون إطار يطرح حلولا للظاهرة في شموليتها، على ألا يقتصر على الجانب الزجري فقط، بل يتعداه إلى الحماية والوقاية والزجر وجبر الضرر، وتفعيل مقتضيات الدستور في مجال حقوق الإنسان. نساء معنّفات.. في أرقام وعن الإحصائيات التي قدّمتها شتاتو حول ظاهرة العنف ضد النساء، حسب المراكز التي تتعامل معها شبكة الرابطة إنجاد ضد عنف النوع، فقد استقبلت المراكز خلال الفترة ما بين 2014 و2015 ما مجموعه 4338 امرأة، مسجّلة بذلك 15006 حالات عنف، و695 حالة من قضايا أخرى. واستفادت 230 امرأة و230 طفلا من خدمات مراكز الإيواء، مع تقديم الاستشارة والتوجيه ل509 نساء عبر الهاتف. وأضافت شتاتو أن عدد حالات العنف النفسي المسجلة خلال سنة 2014 بلغ 3928 حالة، مقابل 3033 حالة سنة 2015، مع تسجيل 2314 حالة عنف اقتصادي واجتماعي سنة 2014 مقابل 1796 حالة سنة 2015، و1294 حالة عنف جسدي في السنة الأولى و954 حالة في السنة الموالية، و578 حالة عنف قانوني سنة 2014 مقابل 483 حالة سنة 2015، في الوقت الذي بلغ عدد المعنفات جنسيا في السنة الأولى 318 امرأة مقابل 308 سنة 2015. أما رجاء أزمي حسني، رئيسة منظمة نساء الأصالة والمعاصرة، فأشارت، في تصريح لهسبريس، إلى أن "الندوة الوطنية تأتي في إطار التفاعل مع النقاش العمومي الدائر في الوسطين السياسي والمدني بعد صدور قانون مناهضة العنف ضد النساء"، مؤكّدة أن "الحركات النسائية ناضلت بأشكال متعددة من أجل وضع حد لتلك الظاهرة التي أخذت، في الآونة الأخيرة، أبعادا خطيرة وصلت إلى درجة التمثيل بالمرأة ووجهها". "قانون معيب شكلا ومضمونا" وأضافت أزمي حسني، في تصريح عقب انتهاء الندوة: "إذا كان المغرب يفتح أوراشا كبيرة، فإن مناهضة العنف ضد النساء ورش وجب الانتهاء منه، باعتبار المنظومة الحقوقية متكاملة في ما بينها، ولا يمكن الحديث عن الانتقال الديمقراطي والمرأة معنفة اقتصاديا وجنسيا وقانونيا وسياسيا ومؤسساتيا"، واصفة القانون الجديد ب"المعيب شكلا ومضمونا، بعد المصادقة عليه في 17 مارس من طرف المجلس الوزاري، ليخيّب آمال الحركات النسائية ومنظمة نساء الأصالة والمعاصرة والمنتسبين للصف الديمقراطي الحداثي". المتحدثة أوردت، في تصريحها للجريدة، أن القانون المذكور شكّل رجة في المجتمع، وأخذت جميع الحركات تعبر عن امتعاضها ورفضها له، وأكّدت أن "الهدف من تنظيم الندوة الوطنية، حول رفع الحيف ومناهضة العنف ضد النساء، يتمثل في رصد عيوب ذلك القانون، واقتراح البديل، من أجل إخراج قانون يرقى إلى مستوى تطلعات الحركات النسائية والصف الديمقراطي الحداثي وما تريده المرأة المغربية، والمجتمع المغربي". جدير بالذكر أن الندوة الوطنية المنظمة بالقاعة الكبرى لبلدية الجديد عرفت مشاركة كل من أمينة ممدوحي، عضو المكتب التنفيذي لمنظمة نساء الأصالة والمعاصرة، وعضوي المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة ابتسام العزاوي وسمير أبو القاسم، وفتيحة اشتاتو، رئيسة شبكة الرابطة إنجاد ضد عنف النوع، ورجاء أزمي حسني، رئيسة منظمة نساء الأصالة والمعاصرة، والنائبين البرلمانيين عبد الحكيم سجدة ونبيلة بن عمر، ومحمد لقماني، عضو المكتب السياسي، المكلف بالإشراف وتأطير ندوات منظمة نساء الأصالة والمعاصرة على الصعيد الوطني.