مرة أخرى نجحت المؤامرة. نعم نجحت مؤامرة شباب 20 فبراير فجاء العفو الملكي يوم أمس 14 أبريل عن المعتقلين السياسيين الخمسة و آخرين معهم من سجناء محاكمات الفاست فود. لقد تحالف خليط من الشواذ و آكلي رمضان وأعداء الوطن والمتطرفون من كل المذاهب ومرتزقة البوليزاريو والبراهش، يتبعهم الطبالة والغياطة والمتسكعون على أرصفة الفايسبوك فدعوا المواطنين للتظاهر فتظاهروا أولا يوم 20 فبراير 2011. ورغم المجهودات الجبارة لأجهزة الدولة الخفية والعلنية لإخماد الفتنة ورغم خطاب الملك ليوم 09مارس، تظاهر الرعاع والدهماء رافعين شعارات واضحة جريئة لا غبار عليها يوم 20 مارس ثم 03 أبريل ، والبقية تأتي إن شاء الله يوم 24 أبريل، فكلما جاء الموعد، زلزلت الارض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها. صدر العفو إذن مستجيبا لصوت البراهش ومذعنا لأزيز الحناجر، بعد أن ارتفعت خلال ثلاثة سنوات الأصوات في الداخل والخارج تندد بالانتهاكات الصارخة والخروقات الفاضحة التي رصعت هندام المفهوم الجديد للسلطة وزينت جبين المشروع الحداثي الديمقراطي، فأبانت الدولة المخزنية عن وجهها القبيح جدا وهي تتلاعب بالمبادئ وتدوس الأخلاق و تهين العدالة وتسخر من القيم ولا تبالي بتشريد الأسر و بث اليأس زرع والكفر بالوطن. إنها عملية إرهابية بكل المقاييس. جاء العفو كإحدى حسنات روح 20 فبراير التي هبت على أرجاء البلاد لتأتي على الأخضر واليابس من تصورات ومفاهيم للسلطة و التسلط عفا عنها الزمن عندما أطلق البراهش طاقة عجيبة تعشق الحرية والعدالة والكرامة. جاء إذن قرار العفو نتيجة للضغط حيث أدرك المخزن وفهم الملك أن العناد لن يجدي نفعا وأن الإصرار على الحق سيغلب الإصرار على الباطل، وبديهي أن العواطف الإنسانية الجياشة لا علاقة لها بالموضوع وأن الحرص على العدل كقيمة لم يحضر أبدا في المعادلة وإنما المسألة يحكمها ميزان قوى فحسب، ولكن السيناريو يؤكد مرة أخرى أن منطق المخزن لم يتغير ولم يكتسب بعد الحد الأدنى من المروءة والنصيب القليل من الأخلاق ليعبر ببساطة عن الاعتراف بالخطأ و يا لها من فضيلة، بدل إصدار عفو عن أبرياء. العفو عن الأبرياء انتهاك آخر لكرامتهم و استباحة لحرمة المعاجم والقواميس وقلب للمنطق السليم. من الذي لفق التهمة و من الذي شوه السمعة ومن الذي زج بالآخر في السجن؟ لقد قام الملك بتفعيل الجانب القانوني من سلطته بإصدار العفو ولكنه إلى الآن لم يقم بتفعيل الواجب الأخلاقي المتمثل في الإفصاح عن تحمله المسؤولية المعنوية فيما حدث و التعهد بمحاسبة كل الذين تورطوا من قريب أو بعيد في تلك المأساة المهزلة. كنا نتمنى لو كان السيناريو مخالفا، لو زار الملك بنفسه المعتقلين وأخرجهم من السجن و عانقهم و طلب منهم الصفح الجميل بكل شجاعة وكل تواضع في نفس الوقت. ولكن العقلية المتحكمة لا زالت رهينة العقدة المخزنية الرهيبة حيث الملك والمخزن عموما لا يعترف بالخطأ ولا يتنازل شكليا ولو تنازل ضمنيا، تلك العقلية و تلك العقدة التي باستمرارها لا جدوى من دستور قديم ولا جديد، ولا معنى للحديث عن الديمقراطية . ولذلك فالبلاغ الصادر عن وكالة المغرب العربي للأنباء جاء مثالا في لغة الخشب النفاقية المعهودة التي سئمناها حيث ذكر أن قرار العفو هو " استجابة للملتمس المرفوع إلى النظر المولوي السديد من طرف رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان و أمينه العام". ولم يفسر لنا لماذا النظر المولوي بقي غائبا طوال ثلاثة سنوات من المعاناة ولم يصبح فجأة سديدا إلا بعد أن هب نسيم الحرية القادم من الشرق و تحركت جحافل البراهيش في ربوع البلاد. فاللهم بَرهِشْنا برحمتك. [email protected]