قالت سعاد بريكش، المهددة بمغادر شقة زوجها التي قضت بها أزيد من 54 سنة، وسط شارع إبراهيم الروداني، إنها "اكتوت بنار المحامية زينب الرميد التي تسببت في تشريدها رفقة العديد من جيرانها، بعد طردهم يوم الخميس من شقق قضوا بها أزيد من 60 سنة بمعاريف الدارالبيضاء". ولا تخفي بريكش، أم الطفلة كوثر، المصابة بمرض الصرع والتوحد، تأثرها، بعد قدوم مفوض قضائي مدعم بأزيد من 40 من عناصر الأمن بدائرة غاندي، وعناصر القوات المساعدة، والذين هجموا على شقق سكنية على الساعة السابعة والنصف صباحا، وأصحابها نيام، وفق ما أكده المتضررون، في تصريحات مصورة أدلوا بها لهسبريس. تتوقف سعاد بريكش عن الكلام لبضع ثوان من أجل مساعدة ابنتها كوثر، البالغة من العمر عشر سنوات، والتي لا تستطيع الاعتماد على نفسها في أي تصرف ولو بسيط، على تعديل ملابسها ومحاولة تهدئتها بعد الصدمة التي أصيبت بها وهي تشاهد قوات الشرطة والقوات المساعدة والمفوض القضائي يعمدون إلى جر مجموعة من السكان بالقوة لإخراجهم من مساكنهم، قبل أن تقول: "ابنة وزير العدل، زينب الرميد، تساند صاحب هذا العقار الذي اقتناه سنة 2004 من المزاد العلني بمبلغ زهيد، وتساعده على إفراغنا من شققنا التي قضى معظم سكانها أزيد من 60 سنة على الأقل وهم يقطنون فيها بكل طمأنينة، دون أن تأخذها الشفقة بالأشخاص المعاقين المقيمين في هذا السكن، أو حتى مراجعة الملف للوقوف على مجموعة من المعطيات المثيرة". آمال واجيدي، جارة بريكش التي تقطن بالبناية نفسها، والتي كان مصيرها الطرد، أمس الخميس، قالت في تصريح لهسبريس إن ابنة وزير العدل، المحامية زينب الرميد، هي التي أشرفت على كل المساطر القضائية التي تم بمقتضاها الإعداد لطرد أزيد من 100 شخص ممن يقطنون في هذه البناية التي تضم 22 شقة و7 محلات تجارية بمنطقة "المعاريف" في شارع إبراهيم الروداني بالدارالبيضاء، والتي تم الاعتماد فيها على قرار وقع عليه كل من العمدة السابق محمد ساجد، والوالي خالد سفير، يوم 3 شتنبر، أي يومين قبل الانتخابات الجماعية، يقر بأن هذه البناية آيلة للسقوط. وتؤكد الواجيدي أن القرار اعتمد على خبرة أحادية الجانب، أنجزت سنة 2008 لفائدة صاحب هذا المجمع، الذي يمتد على مساحة 1687 مترا مربعا، أنجزها مكتب الدراسات "تيكنيتاس"، والذي لم يفحص الشقق السكنية. وتقول هذه السيدة: "لم يسبق لأي شركة أن حلت بشققنا لإنجاز أي خبرة، والآن يتم استصدار حكم استعجالي لتشريدنا من طرف شخص تنوب عنه ابنة وزير العدل..فأين هو العدل؟". وقال مجموعة من الأشخاص الذين تم طردهم من شققهم السكنية إن المفوض القضائي والقوات العمومية الحاضرة لم يتوانوا عن جر النساء من داخل شققهم السكنية. وقالت إحدى المطرودات المتقدمات في السن في تصريح مصور: "لقد قاموا بجري دون شفقة ولا رحمة، وتسببوا لي في إصابات على مستوى أطرافي". ويؤكد السكان أن عددا كبيرا منهم لم يتوصلوا بإعلام إفراغهم من مساكنهم، مؤكدين أن القرار الوحيد الذي توصلوا به جاء من "مقدم الحي"، الذي أتى بوثيقة تحمل توقيعي والي مدينة الدارالبيضاء، خالد سفير، ومحمد ساجد، العمدة السابق، الذي كان يقوم بحملة انتخابية لفائدة لائحته الانتخابية الخاصة بمجالس المقاطعة، تأمرهم بمغادرة شققهم السكنية في أجل أقصاه أربعة أيام. هذا القرار الصادر في هذا التوقيت دفع السكان إلى التساؤل عن الكيفية التي تمكن من خلالها ساجد من توقيعه إبان حملته الانتخابية، 24 ساعة قبل الشروع في عملية التصويت على المنتخبين، وهو القرار الذي يهدد ما يزيد عن 100 شخص بالتشرد، لتأتي بعد ذلك ابنة وزير العدل وتشرع في المسطرة القضائية لطردهم، "وهو ما نجحت فيه بالفعل"، يضيف المتضررون. حالة الرعب لم تتوقف بعد، إذ تنتظر أسرة كوثر، المصابة بالتوحد، ومعها باقي سكان الطابق الأول، قدوم القوة العمومية لإفراغهم من شققهم وهدم البناية التي تضم واحدا من أقدم رياضات الدارالبيضاء، لإقامة عمارة سكنية من 7 طوابق، بمساعدة المحامية زينب الرميد، التي تنوب عن صاحب العقار في هذه القضية المثيرة للجدل.