منذ ما يزيد عن أسبوع، وبشكل فاجئ الجميع، تم التوقيع امام الملك محمد السادس على عقد استثمار جديد لشركة رونو في المغرب، يقارب استثمارها الأول في قيمته المالية، بمبلغ يربو من العشرة ملايير درهم. على ان هذا الاستثمار اكبر من الاول واكثر أهمية منه من الناحية الإستراتيجية بالنسبة لقطاع السيارات بالمغرب. فهو يهدف الى خلق مجال منسجم ومتكامل لصناعة السيارات، " ECOSYSTEME"، سيكون الأرضية الخصبة والجذابة لإغراء أي شركة أخرى ترغب في الاستثمار في قطاع السيارات. على أن المفاجئ أيضا في هذا العقد هو توقيت الإعلان عنه وحيثيات توقيعه أمام الملك. فهو تزامن بشكل مدروس مع الزيارة التي قام بها الوزير الأول الفرنسي للجزائر، والتي كان من المزمع التوقيع خلالها على مشروع استثماري لشركة بوجو الفرنسية بالجزائر. تزامن يفهم منه أي عقل بسيط على انه محاولة للحفاظ على التوازن في علاقة فرنسا بكلا البلدين، خاصة من جهة الجزائر التي سيكاد ينفجر الضغط الدموي في عروق حكامها لو تم الإعلان عن المشروع الاستثماري العملاق الثاني لشركة رونو في المغرب، دون تقديم أي شيء قد يحافظ على الأقل للضباط الاشقاء على ماء وجه نخوتهم العسكرية، ولو بشكل صوري وفلكلوري. أقول أي شيء لان المشروع الذي كان مزمعا استثماره من طرف شركة بوجو في الجزائر وتوقيعه أمام أعين الوزيرين الأولين سلال وفالس، لا علاقة له بالذي بدأت الأشغال في تنزيله نفس الشركة بالمنطقة الصناعية التي تم توسيعها بحوالي 170 هكتارا خصيصا لاستيعاب هذا المشروع بمدينة القنيطرة. فمشروع بوجو في الجزائر لا يعدو أن يكون مصنع تجميع وليس تصنيع للسيارات، لا تعدو استثماراته المعلنة، وليس الحقيقية، 170 مليون اورو، على عكس المشاريع التي تستثمرها الشركات الفرنسية في المغرب، سواء بسواء، رونو وبوجو. والتي تبني مصانع حقيقية عملاقة لصناعة السيارات، متكاملة الدورة الصناعية بكل أجزائها وأطرافها، بما فيها صناعة المحركات، والتي لا تستهدف السوق الداخلية كما الحال بالنسبة للجزائر، بل تغزو من خلالها الأسواق الأوروبية والعربية والإفريقية كما تؤكده مبيعات شركة رونو طنجة، والتي تصدر 98 في المائة من إنتاجها نحو 73 بلدا في العالم بعلامة "مصنوع بالمغرب" ! على أن الأكثر مفاجئة هو إلغاء التوقيع على عقد بوجو في الجزائر في آخر لحظة، وذلك إلى اجل غير محدد، وحيثيات وظروف هذا الإلغاء. لقد انقلب وزير الصناعة الجزائري على نفسه، وكذب تصريحاته السابقة التي أكد فيها جاهزية المخطط المالي لهذا المشروع، حيث صرح مباشرة أثناء حفل استقبال الوزير الأول الفرنسي أمام وسائل الإعلام على أن عقد استثمار بوجو لم يكتمل بعد لان وزاراته منشغلة ولم يكن لديها الوقت الكافي للعمل على المشروع، وانه تم تأجيله إلى أجل آخر غير معلوم ! لقد تردد هذا الإلغاء في كل الصحافة والرأي العام الجزائريين كانتكاسة مهينة للاوليغارشية الجزائرية الحاكمة، والتي أكثرت التطبيل لهذا المشروع منذ شهور، لينفلت من يدها في آخر لحظة، وينفجر في وجهها كالبالون الهوائي الذي أكثر الأولاد من اللعب به، وكعلامة فشل لمنهج الشغب والضوضائية الدبلوماسية، الذي تتبناه الجزائر في تدبير علاقاتها الخارجية، الاقتصادية والتجارية، كما لو أنها تلعب في حديقة قصر غرداية. لقد مارست الأوليغارشية المعسكرة لعقود لعبتها الوحيدة المفضلة، لعبة شراء الأسلحة وممارسة الضغوط ويدها محشوة في أكياس البترودولارات التي كدستها الدولة بفضل حقول النفط والغاز. وبعد أن عادت اثمنة النفط إلى مستوى معدلاتها التاريخية وأصبحت أكياس الخزينة تنزف من كل جانب، وطوقت الأزمة الاقتصاد الجزائري من كل صوب، استفاق العسكر مهرولين في كل اتجاه، متذكرين ضرورة تحريك عجلة الاستثمار وتنويع روافده، بدءا بجلب الرأسمال الأجنبي. انه إذا كانت أمور الأوليغارشية الحاكمة قد تحولت بسرعة من حال الرخاء إلى حال العسرة، فإن نفسيتها العنترية وغرورها الغوغائي العسكري، ومنهجها في تدبير شؤون البلاد لم يتغير منه شيء بعد. فهي لا تفهم، حيث يلزمها الوقت والتجربة لذلك، على أن لعبة التجارة والاستثمار لها قواعد أخرى مختلفة تماما عن لعبة دبلوماسية الدنانير التي دأبت على إنفاقها بسخاء لشراء العطف على كركوزها البوليزاريو داخل كل المحافل الدولية، في محاولة لتحافظ لنفسها على رسالتها التاريخية التحررية المنتهية الصلاحية، بشكل يذكرنا بمغامرات دونكيشوط مع الطواحين الهوائية العملاقة، والتي ترديه أرضا كلما هم بمهاجمتها. هذا المنهج هو بطبيعة الحال في قطيعة تامة مع النهج المتكتم والرصين للدبلوماسية المغربية في هذا المجال، حيث ضَل هذا المشروع الاستثماري الثاني والعملاق وذو الآثار الإستراتيجية العميقة لشركة رونو في المغرب، ضَل سرا منيعا إلى حين إعلانه، حيث كان توقيعه مفاجئة كبيرة للقريب والبعيد. والأكيد أن وقعها على الجارة الجزائر كان كوقع الضربة القوية التي يتلقاها الغفلان على وجهه، وهو يحتسي شربة من كوب الصداقة الفرنسية الجزائرية. إن هذه الحلقة فقرة من فقرات مسلسل التنافس بين الأشقاء الذي يعرفه خط الرباطالجزائرباريس، والذي تحقق فيه المملكة اليوم انتصارات حاسمة، تجعل الجزائر تبدي باستمرار امتعاضها علنيا من قوة التقارب وعمق الانسجام الذين يعرفهما خط محمد السادس هولاند. هذا الخط الذي اظهر فيه المغرب قدرة مبهرة على رسم أساس جديد تتوازن فيه العلاقات على كل المستويات بين البلدين. وتجعل فرنسا تتخذ بكل الجدية والتقدير اللازمين مصالح المملكة بعين الاعتبار. وقد تمت ترجمة كل هذا عمليا من خلال النهاية السعيدة التي عرفها التوتر الشديد الذي حصل بين البلدين إثر استدعاء الحموشي أثناء تواجده في الديار الفرنسية من طرف الشرطة القضائية، دون أي سابق إنذار، وبناء على شكاية متحاملة. وهو ما اعتبرته المملكة مسا خطيرا بسيادتها وأمنها ورموزها، فأوقفت التعاون القضائي مع فرنسا، ولم تقبل بعودته إلا مقابل ضمانات حقيقية حول التنسيق القضائي بين البلدين، بما فيه الإخبار القبلي للمغرب بكل المعلومات، بما فيها القضائية، التي تشكل أهمية للدولة ورموزها، مع ضرورة إعادة الاعتبار للشرطي المغربي الأول السيد الحموشي، بعد أن كان سيخضع للاستنطاق المفتوح على إمكانية الاعتقال الاحتياطي، ولما لا المحاكمة ! لقد شكل تجاوز هذه الأزمة، والصرامة التي أبداها المغرب من موقع القوة التي يمتلكها في مجالات التدبير الأمني والاستخباراتي، وحاجة كل أوروبا إلى خدماته في هدا المجال، شكل الانعكاسة التي أخذت على إثرها العلاقات الفرنسية المغربية انعطافا حقيقيا، مضمونه الاحترام والتقدير العميق للملكة ولمواقفها ومصالحها الحيوية، ارتسمت من خلالها معالم شراكة استراتيجية جديدة أكثر متانة وانسجاما. كل هذا بعد أن مرت هذه العلاقة بمرحلة تدبدب، بدأت بوصول فرانسوا هولاند الاشتراكي إلى قصر الاليزيه، الاشتراكيون الذين يميلون تاريخيا إلى الجزائر، وهو ما أكده هولاند بزيارته للجزائر قبل المغرب في أول قفزة له إلى بلد خارج أوروبا، في خروج عن العرف المألوف من طرف الرؤساء الفرنسيين السابقين، والذين دأبوا على زيارة المغرب أولا. وعلى الرغم من هذا الانعطاف من طرف هولاند الذي يمكن أن نفهم أسبابه في كونه أراد آنذاك أن يتميز في كل شيء عن سابقه ساركوزي، وبعث إشارة قوية للجزائر لتجاوز التوتر الذي عرفته العلاقات الجزائرية الفرنسية على عهد ساركوزي، فإن الملك عمل منذ البداية بكل ذكاء وحنكة على ضمان استمرار تميز العلاقات الفرنسية المغربية، بوضعها في سياق علاقات البلدين التاريخية والاستراتيجية، والتي تتجاوز اليمين واليسار. وقد ظهر ذلك جليا منذ البداية حيث حضي الملك باستقبال شخصي في قصر الاليزيه مباشرة بعد انتخاب هولاند، حيث ظهر حرص الملك على السبق في هذه الزيارة. وعلى الرغم من زيارة هولاند بعد ذلك للجزائر أولا عِوَض المغرب، فقد تغاضى المغرب عن ذلك، تفهما للظروف السياسية التي وصل فيها هولاند للحكم، وتم تنظيم استقبال غير مسبوق للرئيس هولاند خلال زيارته الأولى للملكة، حيث تمت إحاطة زيارته بكل العناية والاهتمام، وقف من خلالها هولاند على متانة العلاقات التي تربط البلدين، وعلى قوة المؤسسات في المملكة، خاصة المؤسسة الملكية، وكذا كل الجوانب التي تجعل اليوم من المغرب قوة صاعدة، تبعث على الثقة والاستقرار. إن هولاند اهتدى مع الوقت إلى الحقيقة الثابتة التي كانت تنقصه، والتي تضع المغرب في خانة الشريك الذي لا يمكن المجازفة بمتانة العلاقات التي تربط بلدا كفرنسا به. ان التدبدب في العلاقات الفرنسية المغربية التي عرفتها المرحلة الأولى من حكم هولاند يعود في عمقه إلى الصورة المغلوطة التي كانت تلف مواقف هولاند من المغرب. هذه الصورة التي تغيرت تماما مع توالي فرص اللقاء والتعارف التي تقاسمهما الملك محمد السادس والرئيس فرانسوا هولاند. انتهت بوقوف القيادة الفرنسية على حقيقة النموذج المغربي الفريد، وعلى دور المؤسسة الملكية كقوة متجدرة ورصينة، تشكل التعبير الكامل للإجماع الوطني، واحد أقوى دعائم الهوية المغربية، والضمانة الحقيقية التي تجعل المغرب اليوم قويا، آمنا، متلاحما وقادرا على خلق الاستثناء الإيجابي في محيطه المنهار. هذه الحقائق جعلت الرئاسة الفرنسية تراجع مواقفها وتظهر حرصا زائدا بالتعاون مع المملكة، خاصة في المجالات الاقتصادية والأمنية والدبلوماسية. كل هذه التطورات التي اتخذت معها العلاقات بين باريسوالرباط منحا إيجابيا، بعد أن كانت في البداية فاترة ويلفها التوجس من الجانب الفرنسي، يقابلها منحى عكسي فيما يخص خط الجزائرباريس، حيث بدأت العلاقات بإشارات قوية من الجانب الفرنسي، ولكنها أظهرت تدهورا مستمر بتقدم الوقت، تدهور بدت سماته بارزة خلال الزيارة الأخيرة للوزير الأول الفرنسي للجزائر في إطار اللقاء الاستراتيجي الذي يجمع البلدين. حيث اتفق كل المتتبعين على فشل هذه الزيارة في خلق أي دينامية متبادلة، خاصة في شقها الاقتصادي والاستثماري من جهة الجارة الجزائر. ولقد كان العنوان الكبير لهذا الفشل هو إلغاء توقيع عقد استثمار شركة بوجو بالجزائر. وعلى ما يبدو، فالذي دفع الأشقاء الجزائر إلى هذا الفعل القوي هو حجم الاستثمار المحدود الذي تقترحه شركة بوجو بالجزائر، مقارنة من جهة بحجم الاستثمارات التي تقوم بها هذه الشركة في المغرب، ومقارنة من جهة أخرى بالاستثمار الجديد الذي أقدمت عليه شركة رونو في المغرب، والذي كانت مراسيم توقيعه أمام الملك في تواز تام مع تواجد الوزير الأول فالس في الجزائر. هذا المشروع الذي من المؤكد أن الأرقام التي أعلن عليها أعطت الصداع والدوخان للمسؤولين الجزائريين، ففضلوا إلغاء الإعلان عن استثمار متواضع لبوجو لتفادي الشوهة أمام إخوتهم الأشقاء المغاربة. وعموما، يمكن تلخيص النجاحات التي يحققها المغرب أمام الجزائر في دائرة مثلث الرباط، الجزائر، باريس في المجالات الثلاثة التالية : - الصورة العامة : كتبت صحيفة جزائرية في تعليقها على فشل زيارة الوزير الأول فالس للجزائر مقالا تعرض فيه ثلاث عوامل أدت إلى التدهور الطويل الأمد لصورة الجزائر في الأوساط الرسمية والشعبية على السواء في فرنسا. أولا، صورة الرئيس بوتفليقه المريض، كحالة درامية تترجم عدم قدرة الجزائر على التخلص من ماضيها وهواجسها ونظامها المتكلس من كثرة الشيخوخة، ويجعل سيناريوهات ما بعد بوتفليقه مليئة بالمخاطر السياسية والأمنية لهدا البلد الشقيق، خاصة في سياق الأزمة الاجتماعية التي فتحت أبوابها على الجزائر إثر التراجع المهول في عائداتها من النفط والبترول، وعدم قدرة ميزانية الدولة على الاستمرار في شراء السلم الاجتماعي. ثانيا، التشنج الذي حصل بين الدولة الجزائرية والصحافة الفرنسية اثر رفض التأشيرة لصحفي من جريدة لوموند يفترض إن يكون هو من ربط بين الرئيس بوتفليقه وأموال باناما، ما جعل كل الصحافة الفرنسية تندد بهذا الموقف، ويقاطع العديد منها زيارة فالس للجزائر، كجرائد لوفيغارو ولوموند وليبراسيون وقناة التلفزة العمومية فرانس 2 وTF1 وغيرها. ثالثا، دخول الجزائر في نفق اقتصادي مسدود لا يبعث على الاطمئنان إثر انهيار أسعار البترول، ما ينذر بمستقبل قاتم لدولة تستمر في اقتناء مختلف الأسلحة الفتاكة، على الرغم من دخول ميزانيتها عمليا في الوقت الميت قبل النضوب نهائيا. وعلى عكس هذه العوامل، سردت نفس الجريدة الجزائرية عناصر تعتبرها عوامل قوة تخدم الصورة الإيجابية للمغرب في الأوساط الشعبية والرسمية الفرنسية على السواء. فالمغرب اليوم يستفيد في فرنسا من صورة جد إيجابية، خاصة داخل الأوساط الرسمية، والتي يتوفر فيها على حلفاء حقيقيين، لهم قدرة قوية على حماية المصالح المغربية في دوائر القرار. - مجال الاستثمارات : في مقابل محدودية الاستثمارات الفرنسية في الجزائر، والتي تتصرف الشركات الفرنسية إزائها كسوق للبيع فقط، وليس أرضية مضمونة للإنتاج، في مقابل دلك، تعتبر فرنسا المستثمر الأول في المغرب، حيث يعتبر حجم الاستثمارات الفرنسية وحيوية شركاتها وإقبالها على توطين مصانعها وخبراتها داخل التراب الوطني احد أهم أوجه التعاون المتين الذي يترجم متانة العلاقات الفرنسية المغربية. وهي تشكل علامة ثقة بالنسبة للمغرب ودعما معنويا على مستوى سوق الاستثمارات الدولية لا يقدر بثمن، حيث تعطي هذه الاستثمارات بطاقة زيارة بيضاء للمغرب، تمكنه من التطلع لجذب أي مستثمر مهما كان حجمه. ويعتبر استثمار رونو الأخير مرورا إلى السرعة القصوى في مجال هذه العلاقات، حيث تؤشر على انخراط فرنسا نهائيا في دعم جاذبية المغرب وجعله وجهة للاستثمار الدولي من خلال إعطائه الفرصة لتوفير أرضية منسجمة لصناعة السيارات (ÉCOSYSTÈME)، تعتبر الحلقة الأصعب في بناء أي قطاع اقتصادي متكامل. - قضية الصحراء : وهي الشوكة التي لا تهبط أبدا في علقوم الحكام في الجزائر، الذين لم يأنوا أي جهد استطاعوه لثني موقف فرنسا التابت والداعم للمغرب في قضية الصحراء، والذي يعتبر مقترح الحكم الداني أرضية جدية لحل هذا النزاع. هذا الموقف يشكل بالنسبة للحكام في الجزائر عقدة غائرة وجرحا لا يندمل باعتبار موقف فرنسا الداعم باستمرار للمغرب بشأن هذه القضية، ما يجعل البلدين في مواجهة مكشوفة في هذا الملف، حيث تعتبر الجزائرفرنسا العقبة الحقيقية التي تمنعها من تحقيق أي تقدم في هذا الملف في الاتجاه الذي تريده. وقد جاءت الأزمة الحالية التي تمر منها العلاقات بين المغرب والأمين العام للأمم المتحدة لتؤكد هذا المعطيات. حيث تعتبر الجزائر أن المغرب ما كان ليقوى على إخلاء الشق المدني من بعثة المينورسو وتقليص شقها العسكري لولا الدعم الفرنسي القوي للمغرب، وضمانه ورقة الفيتو التي لم تردد فرنسا يوما في رفعها كلما كان تمت أي قرار يمس بمصالح المملكة ومواقفها في ملف الصحراء. في الختام، ونحن نتقاسم هدا الفصل من فصول التنافس المستمر بين دولتين جارتين شقيقتين، لابد من الأسف على المنحى السريالي الذي تصر الجزائر على رسمه لعلاقاتها بالمغرب، منحى الصدامية والعدوانية. لقد أنفقت الجزائر كل جهود دبلوماسيتها للنيل من وحدة المغرب وسمعته وإشعاعه داخل المحافل الدولية، ورهنت كل واجبات الجوار والأخوة والوحدة في الدين واللغة والتاريخ والمصير والمستقبل، وكل الفرص الهائلة المتاحة في التكامل البناء بين البلدين، على مشجب رسالتها المقدسة في تحقيق مبتغى تقرير المصير للشعب الصحراوي. هدا الشعب الصحراوي المغربي الذي يعيش اليوم كامل المواطنة في بلده المغرب، والمنخرط كليا وعضويا في تثمين كل النجاحات التي يحققها مغرب اليوم، في كل مجالات التنمية والديمقراطية، وفي كل ربوع الوطن. *أستاذ جامعي، دكتوراه في علوم التدبير والتسويق