مثل نطحة زين الدين زيدان الشهيرة ضد اللاعب الإيطالي ماركو ماتيرازي، في نهائي كأس العالم لسنة 2006، ظهرت نطحة جديدة في المغرب، مع فوارق بين النطحتين، كون الناطحة الشابة مواطنة مغمورة، وليست بشهرة "زيزو"، فيما المنطوحة وجه تلفزي معروف، هي دنيا بوتازوت، أو "الشعيبية". ونالت نطحة خولة، شابة في بداية عقدها الثاني، للممثلة المغربية مخلفة كسرا مزدوجا لأنفها، تداعيات لم تكن في الحسبان، حيث انقسم المغاربة صفين، الأول يؤازر خولة لكونها دافعت عن "حق دستوري" يتمثل في المساواة حتى لو كانت في الوقوف في طابور ملحقة إدارية، والثاني ساند بوتازوت في محنتها الصحية. والد خولة أكد في تصريحات صحفية مختلفة أن ابنته ليست "مشرملة" كما زعم البعض، وبأنها كانت تقف في صف أمام مكتب تصحيح الإمضاءات بمقاطعة إدارية بالبيضاء، قبل أن تدخل "الشعيبية" وتتجه مباشرة إلى المكتب، بعد أن استقبلها الموظفون بحفاوة وبشاشة، وأنجزوا لها ما جاءت من أجله. وتابع الأب المكلوم بحبس ابنته على ذمة التحقيق، بأن هذا المشهد أثار امتعاض الواقفين في الطابور، ومن بينهم خولة التي عبرت عن انتقادها لما جرى، فالتفتت بوتازوت نحوها، وحصل شنآن تطور إلى صفع الفنانة للفتاة، قبل أن ترد هذه الأخيرة بنطحة غير مقصودة في أنف دنيا. وفيما سارت صديقة خولة في ذات الاتجاه، حيث أكدت أن الشعيبية كانت هي الظالمة بصفع خولة، وتحذيرها من كونها تتحدث إلى فنانة معروفة، ذهبت بوتازوت إلى أن للحقيقة وجه آخر يتمثل في كونها تعرضت لاستفزاز من طرف خولة، تحول إلى اعتداء عليها، مؤكدة أنها وقفت مثل الآخرين في الصف. الوقوف في الصف لقضاء غرض إداري، أو في مصلحة عمومية، مشهد ألفه المغاربة كثيرا، وهو ما دفع البعض لمناصرة خولة على موقع فيسبوك، من خلال دفاع العديد من الصفحات على الفتاة الناطحة، خاصة أنها تعرضت للاعتقال، ورفضت المحكمة إطلاق سراحها. وأطلق نشطاء حملة واسعة لمساندة خولة، باعتبار أنها دافعت عن كرامتها وحقها في المواطنة، ودافعت أيضا عن حقها الدستوري في مساواة الجميع أمام القوانين، في الوقت الذي تناول آخرون الموضوع بطريقة فكاهية، داعين "كبور"، رفيق الشعيبية في سلسلة "الكوبل" إلى أن يردع زوجته. قصة خولة والشعيبية تحولت إلى مادة دسمة في المنابر المغربية، ووجدها المعلقون فرصة لإبداء آرائهم وأفكارهم، حتى أن هناك من حاول أن يشبه خولة بالمواطنة الأمريكية "السوداء" روزا بارك، والتي تسبب رفضها ترك مقعدها في الحافلة لرجل أبيض، ورميها في السجن بسبب ذلك، في ثورة عارمة للسود ضد التمييز العنصري. الحقوقيون كان لهم أيضا رأي فيما حصل، حيث قال بعضهم إن الفنانة كان عليها احترام الصف، وعدم تجاوز المواطنين، لكن بالمقابل العنف المستخدم ضد الممثلة لم يكن مبررا، لأن هناك طرق سليمة أخرى لتصريف الخلافات والنزاعات، والتعبير عن الشكايات والتظلمات. وطالب خالد السموني، ناشط حقوقي، بالإفراج عن خولة، معتبرا أن "قرار اعتقال الفتاة ووضعها رهن الحراسة النظرية دون متابعتها في حالة سراح، قرار تعسفي اتخذ تحت تأثير الرأي العام، لأن الفتاة المعتقلة، وهي طالبة، كانت في حالة دفاع عن نفسها وكرامتها، ولم تكن تنو الاعتداء على الفنانة وإلحاق الضرر بها". الإعلامية فاطمة الإفريقي بالمقابل أكدت أن "ما تتعرض له بوتازوت من تجريح أو تجاهل من بعض الفنانين صادم ومحزن جدا"، مطالبة بوقف "هذه الحملة الشرسة ضد الفنانة، وأن يتطوع زملاؤها بمبادرة صلح لإغلاق هذا الملف، وتبعات هذا الحادث الذي يمكن أن يتعرض له أي إنسان في لحظة غضب أو هشاشة نفسية".