أصبحت جماعة الإخوان المسلمين في أمريكا "منظمة مشبوهة" بحسب الأوساط السياسية الأمريكية بعد أن صادقت اللجنة القضائية في مجلس النواب في فبراير الماضي على مشروع قرار يدعو الخارجية الأمريكية إلى اعتبار هذه الجماعة "منظمة إرهابية" تدعم الإرهاب وتموله وتعتمد في استراتيجيتها على الجهاد الأكبر الهادف إلى تدمير الحضارة الغربية والقضاء عليها من الداخل. جاء تبني قرار اللجنة القضائية في مجلس النواب الأمريكي بناء على مقترح تقدم به السيناتور الأمريكي تيد كروز في الثالث من نونبر 2015 من أجل الدعوة إلى حماية الأمن القومي الأمريكي بشكل أفضلمن جماعة الاخوان المسلمين التي صنفت في قائمة المنظمات الإرهابية من طرفروسيا، وكازاخستان، وسوريا، ومصر، والسعودية، والإمارات العربية، وفق ما جاء في بعض حيثيات القرار. ومن بين المراجع التي اعتمدتها مسودة القرار لتعزيز حيثياتها، هناك كتاب نشره الأستاذ الجامعي رتشارد ميتشيل سنة 1969 تحث عنوان "جماعة الإخوان المسلمين" يوضح فيه تاريخ الجماعة المبني على العنف الذي نظر له حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، الذي يعتبر الموت غاية الجهاد ويجعل من الاستشهاد طريقا إلى الانتصار. فمن المعلوم أن جماعة الإخوان المسلمين تأسست في مصر سنة 1928 بهدف إنشاء خلافة إسلامية ثيوقراطية وجعلت من العنف وسيلة لتحقيق غايتها وأهدافها وفقا لمنطوق شعارها القائل: "الله غايتنا، والقرآن دستورنا، والرسول زعيمنا، والجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا". علاوة على ذلك، هناك كتاب حديث العهد يقف محتواه خلف التطورات والمواقف الحاصلة الآن بخصوص تنامي التخوف والتوجس من النوايا الإسلامية في أمريكا. ويتعلق الأمر بالكتاب الذي نشره دافيد ريبوى سنة 2013 في مطبوعات مركز السياسات الأمنية الأمريكية تحت عنوان "مذكرة توضيحية من أرشيف جماعة الإخوان المسلمين في أمريكا". وقد نشر هذا الكتاب على إثر محاكمة بدأت فصولها الأولى في أغسطس 2004 عند اعتقال سائق سيدة ترتدي لباسا إسلاميا كانت تقوم بتصوير جسر بمريلاند الأمريكية، حيث تبين لاحقا لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي أن السائق المعني بالأمر متورط في تمويل الإرهاب وأن منزله بفرجينيا يحتوي على وثيقة مهمة للغاية قدمت سنة 2008 ضمن إثباتات إدانة في قضية ما سمي بمحاكمة مؤسسة الأرض المقدسة، ويتعلق الأمر هنا بالمذكرة التفسيرية للهدف الاستراتيجي العام للجماعة في أمريكا الشمالية المحررة بتاريخ 22 ماي1991باسم محمد أكرم، أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في أمريكا وأحد قادة حماس. ويبدو جليا من نص هذه المذكرة التوضيحية أن هدف جماعة الإخوان المسلمين في أمريكا هو تخريب البيوت الأمريكية بأيدي الأمريكيين وبأيدي المسلمين وفقا للدور المنوط بالإخوان في هذه المذكرة التفسيرية التي توضح أنه "لا بد أن يستوعب الإخوان أن عملهم في أمريكا هو نوع من الجهاد العظيم في إزالة وهدم المدنية أو الحضارة الغربية وتخريب بيوتها الشقية بأيديهم وأيدي المؤمنين لكي يتم جلاؤهم ويظهر دين الله على الدين كله" في إشارة ضمنية إلى قضية إخراج المسلمين ليهود بني النضير وطردهم من المدينة في عهد الدعوة النبوية المدنية. إن الذاكرة الأمريكية ما تزال تستحضر ما عانه الأمريكيون على أيدي عدد من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أو من تغذى من فكر الإخوان المسلمين من أمثال محمد عطا الذي ساهم في الهجوم بالطائرة على مركز التجارة العالمي في نيويورك في أحداث 11 شتنبر 2001 والشيخ عمر عبد الرحمان الذي أدين بالمؤبد في قضية تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك يوم 26 فبراير 1993. يبدو جليا أن أفكار وأفعال الشيخ عمر عبد الرحمان لا تختلف في جوهرها عن مضمون المذكرة التفسيرية للهدف الاستراتيجي العام لجماعة الإخوان المسلمين في أمريكا الشمالية. فالشيخ عمر عبد الرحمان الذي يقضي حاليا عقوبة السجن المؤبد في أمريكا دخل الولاياتالمتحدةالأمريكية في يوليوز 1990 وأصدر، حسب جريدة الأقباط اليوم "فتوى في أمريكا أعلن فيها الشرعية لسرقة البنوك وقتل اليهود في الولاياتالمتحدة. ودعا المسلمين إلى الهجوم على الغرب وقطع وسائل النقل في بلدانهم، وتدمير اقتصادهم، وحرق شركاتهم والقضاء على مصالحهم وإغراق سفنهم وإسقاط طائراتهم، وقتل منهم من في عرض البحر والهواء أو الأرض". لقد أصبح العداء للإسلام وللمسلمين في أمريكا واضحا للعيان في التجمعات السياسية والحملات الانتخابية للمتنافسين على الترشيح للرئاسة في حزب الجمهوريين من عيار دونالد تراب وتيد كروز الذي تقدم بمشروع القرار الذي صادقت عليه اللجنة القضائية في مجلس النواب الأمريكي والقاضي بمطالبة الخارجية الأمريكية بإدراج جماعة الإخوان المسلمين على قائمة المنظمات الإرهابية. وتتلخص أسباب ذلك في تهديد الجماعة الإسلامية للأمن القومي الأمريكي وتنامي موجات العنف والإرهاب الإسلامي التي تضرب بلا رحمة ولا هوادة في مختلف ربوع العالم. وقد يأتي المستقبل المنظور بالجديد في هذا الباب، ذلك أن جماعة الإخوان المسلمين توجد تحت مراقبة السلطات البريطانية، كما أنها تشكل موضوع اهتمام لذا العديد من الهيآت والشخصيات المهتمة بمناهضة منابع وأشكال الإرهاب الإسلامي في كل من أوربا وأمريكا الشمالية بما فيهم العديد من الكتاب، والمفكرين وقادة رأي من خلفية عربية وإسلامية يقيمون في المهجر بدول أوروبا وأمريكا الشمالية. يبدو أن السحر أخد ينقلب على الساحر خاصة بعد تصاعد موجة العداء للإسلام وللمسلمين في الشرق وفي الغرب على حد سواء على إثر تنامي الإرهاب الإسلامي في الأرض من مشرقها إلى مغربها وتوسع وتمدد مساحات الاقتتال بين المسلمين أنفسهم باسم الله وباسم الإسلام، ناهيك عن قتل وتهجير واضطهاد الأقليات الدينية والعرقية في العالم الإسلامي وما يترتب عن كل ذلك وذاك من استنكار واستهجان من طرف الرأي العام الدولي.