معركة جديدة بين الغريمين في المشهد السياسي المغربي، حزبا العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة، وقودها هذه المرة قضية تقنين الكيف، حيث خرج كل منهما ليؤكد موقفه المعارض للآخر. فبعد أن نظم المجلس الجهوي لطنجة، والذي يقوده الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة إلياس العماري، ندوة حول تقنين الكيف، ورفع ملتمسا إلى الملك بتكليف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي للقيام بدراسة من أجل تقنين وضبط زراعة القنب الهندي وتثمين استعماله في المجالات الطبية والصناعية، نظم مجلس جهة الرباطالقنيطرة، الذي يرأسه القيادي في "البيجيدي" عبد الصمد السكال، ندوة، يوم الأربعاء الماضي، بشراكة مع الائتلاف الوطني لمكافحة المخدرات، حول أضرار القنب الهندي وتأثيراته على السلم الاجتماعي. ندوة الرباط جاءت بعد أسابيع من "نداء طنجة" الذي أعقب ندوة شارك فيها عدد من الخبراء والسياسيين، ورفعت ملتمسا طالب باتخاذ خطوتين أساسيتين؛ الأولى تكليف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي للقيام بدراسة، على أساس تشاوري مع كافة الفاعلين المعنيين، لآفاق تحديد سياسة عمومية بديلة في مجال المخدرات من منظور التنمية المستدامة والتأهيل الاقتصادي والاجتماعي لمزارعي القنب الهندي الفقراء، وتقنين وضبط زراعته، وتثمين استعماله في المجالات الطبية والصناعية. أما الخطوة الثانية، فهي تكليف المجلس الوطني لحقوق الإنسان للقيام بدراسة، على أساس تشاوري مع كافة الفاعلين المعنيين، لآفاق تعديل المنظومة القانونية المتعلقة بالمخدرات من منظور حقوق الإنسان. ردّ العدالة والتنمية على ندوة طنجة لم يقتصر فقط على تنظيم ندوة في مجلس جهة الرباطالقنيطرة، بل إن الأمانة العامة للحزب عقدت، نهاية الأسبوع الماضي، ورشة دراسية حول الإشكاليات المرتبطة بالقنب الهندي، وهاجت حزب الأصالة والمعاصرة محذرة من الحلول المقترحة في الموضوع. إضافة إلى التحذير من دعوات غريمه السياسي، فإن بلاغ "البيجيدي" شدد على ضرورة معالجة حقيقية وجادة لزراعة الكيف تتأسس على التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمناطق المعنية بزراعة هذه المادة، وذلك بالاستمرار في سياسة تطوير بنياتها التحتية، وخلق أنشطة إنتاجية مفيدة لساكنتها، وتحسين ظروفها المعيشية، وعبّر عمّا أسماه "رفضه المطلق لكل المقاربات المشبوهة التي تروم رفع التجريم عن زراعة الكيف وترويجه واستهلاكه، لما في ذلك من خطورة مؤكدة على صحة المواطنين وتماسكهم الاجتماعي". وفي الوقت الذي كانت فيه ندوة طنجة قد دعت إلى تقنين وضبط زراعة القنب الهندي وتثمين استعماله في المجالات الطبية والصناعية، جاء رد العدالة والتنمية بأن الاستعمال الطبي للكيف لا يعدو أن يكون "مجرد تسويق للوهم إلى غاية يومه، ما دام أن الاستثمار الصناعي في هذه المادة ليس محل طلب داخلي أو خارجي يمكن أن يبرر الزراعة الملائمة لمتطلباته"، على حد تعبير بلاغ الأمانة العامة. العدالة والتنمية اعتبر دفاع "البام" عن زراعة القنب الهندي مزايدات سياسية ودعاية انتخابية سابقة لأوانها، مستهجنا "استثمار البعض في معاناة المواطنين من ساكنة بعض الأقاليم الشمالية من أجل تحقيق أغراض انتخابية عابرة بالدعوة إلى حلول وهمية لبعضها وخطيرة في نتائجها". وفي وقت خصص الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، حيزا كبيرا من كلمته أمام أعضاء من حزبه في مهرجان خطابي بمدينة سلا للهجوم على غريمه السياسي إلياس العماري، عاد مجددا اليوم الأحد للحديث عن موضوع زراعة "الكيف". ونقل موقع حزب العدالة والتنمية الإلكتروني عن بنكيران تحذيره، في يوم دراسي حول البرنامج الانتخابي لحزبه، من الانجرار وراء الدعوات المطالبة بتقنين زراعة "الكيف" و"الحشيش"؛ لما لذلك من "تأثير اجتماعي وسياسي وأسري خطير على المغرب"، على حد تعبيره، في إشارة منه إلى الدعوات المتكررة لحزب الأصالة والمعاصرة في هذا المجال. بنكيران، الذي لم يمر على هجومه على العماري سوى 24 ساعة، عاد للقول إن "زراعة "الكيف" و"الحشيش" ستؤدي إلى تنامي انتشار المخدرات، وستؤدي بنا إلى الحالة الكولومبية، وتنامي العصابات، وعندها سيأكل القوي الضعيف، وتنهار الدولة"، حسب تعبيره.