اهتمت الصحف التونسية، اليوم السبت، بالمسألة الاجتماعية في ظل الجدل حول الرفع من سن التقاعد والتلويح بحركات احتجاجية قطاعية، فيما توقفت الصحف الجزائرية عند احتجاجات الأساتذة المتعاقدين المطالبين بالإدماج. ففي تونس، تناولت الصحف الجدل الدائر حاليا حول سن التقاعد وجدوى الدعوات إلى رفعه، كأحد الإصلاحات التي وصفتها صحيفة (المغرب) ب"الموجعة" والضرورية للمنظومة الاقتصادية والاجتماعية، و"التي إلى اليوم لم نبدأ بأي واحد منها بصفة مباشرة وحاسمة". ورأت الصحيفة في افتتاحيتها أن هناك ثلاثة عناصر تتدخل لتحديد معادلة منظومة التقاعد، تتمثل في نسبة مساهمة الأجير والمؤجر وسن التقاعد ونسبة معاشات التقاعد، موضحة أنه في حال الرفع من المساهمة فسيكون ذلك إثقالا لكاهل المؤسسة بالنسبة للقطاع العام والدولة (الوظيفة العمومية)، وفي حال الرفع من سن التقاعد (من سنتين إلى خمس سنوات كمقترح)، فإن ذلك سيكون له كلفته الاجتماعية على مستوى التوظيف "لنكون قد داوينا جراح الصناديق الاجتماعية، وفاقمنا من نسب البطالة، خاصة لدى حاملي الشهادات العليا". وفي حال التخفيض من معاشات التقاعد كأحد المقترحات المطروحة، تقول الصحيفة، فإن ذلك قد يفاقم المشاكل الاجتماعية بدل حلها، خالصة إلى أن "الأكيد أن الإصلاح لن يكتمل إلا عندما نتوافق على منظومة تقاعد تمول ذاتها بذاتها على الأقل للعقدين القادمين". أما صحيفة (الصباح) فقد عادت إلى تصريحات سابقة لوزير الشؤون الاجتماعية، محمود بن رمضان، جاء فيها أن سنة 2016 هي بداية الدخول في مرحلة العجز بالنسبة لصندوق الضمان الاجتماعي، وأن الرفع من سن التقاعد لن يمنع "الكارثة"، لكن فقط سيسمح بإرجائها إلى سنوات قليلة، مبديا تمسكه بخيار رفع سن التقاعد الذي وصفه ب"الإجراء الجيد". ونقلت الصحيفة عن قيادي في "الاتحاد العام التونسي للشغل" (المركزية النقابية القوية في البلاد) أن تصريحات الوزير بن رمضان يمكن تضمينها تحت عنوان "سحب المكاسب ونسف كل ما حققته الحركة العمالية منذ الاستقلال". وفي تقدير وزير الشؤون الاجتماعية السابق، خليل الزاوية، فإن الحل لإنقاذ الصناديق الاجتماعية هو تمويل التقاعد بمعنى مراجعة آليات التمويل، وحتى الرفع من سن التقاعد هو آلية مؤقتة وليس جذرية، مفيدا للصحيفة بأن الحلول الجذرية "يجب أن تكون في إطار خطة إنقاذ كاملة بإجراءات قصيرة ومتوسطة وطويلة وتكون في إطار التوافق". إلى ذلك، تناقلت الصحف أن الدراسة ستتوقف في الإعدادي والثانوي بداية من يوم الأربعاء المقبل بدعوة من "النقابة العامة للتعليم الثانوي"، احتجاجا منها على "ضرب مصداقية التفاوض"، وعلى "عدم وفاء الوزارة الوصية بتعهداتها حول نتائج الترقيات المهنية...". وعبرت جريدة (الصباح) عن أسفها لكون الاحتجاجات الاجتماعية عادت للبروز في الآونة الأخيرة، واشتدت "المنافسة الاحتجاجية" بين العديد من الفئات التي صعدت من لهجتها وانحازت كلها إلى مبدإ الاعتصامات، مهددة في الوقت ذاته بنسف الهدنة الاجتماعية التي تحاول الحكومة، مع مختلف الأطراف، أن تحافظ على الحد الأدنى منها. أما في الجزائر فقد تناولت الصحف المحلية حالة الشد والجذب بين وزارة التربية الوطنية والأساتذة المتعاقدين، الذين دخلوا، منذ أسبوع، في حركة احتجاجية. وفي هذا الصدد، أشارت صحيفة (الخبر) إلى أن الأساتذة المتعاقدين يواصلون مسيرتهم، التي كانت قد انطلقت يوم الأحد الماضي من مدينة بجاية باتجاه العاصمة، للمطالبة بالإدماج المباشر في القطاع، مشيرة إلى أن هؤلاء الأساتذة أدوا أمس ب"البويرة" ما أسموه ب"جمعة الكرامة والإدماج"، تعبيرا منهم عن تنديدهم بما تعرضوا له من قمع من طرف الشرطة أثناء وقفة سابقة بالعاصمة، وعزمهم على مواصلة المسيرة والنضال السلمي إلى غاية تلبية مطلبهم الوحيد. وأضافت الصحيفة أن الملاحظ هو ارتفاع عدد المشاركين والمشاركات في المسيرة، بعدما التحق بهم العشرات عندما وصلوا إلى مدينة البويرة (القريبة من العاصمة)، كما شوهد نقابيون ونواب ضمنهم، من بينهم أعضاء من المكتب الوطني والمكاتب الولائية لنقابة (المجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس للقطاع ثلاثي الأطوار للتربية) "كنابست". ونقلت صحيفة (الشروق) عن الأمين الوطني المكلف بالإعلام لنقابة "الكنابست"، مسعود بوديبة، الذي التحق بالمسيرة أمس قوله في تصريح صحيفي إن نقابته كانت قد حذرت وزارة التربية في عدة مناسبات من قرار تغيير نمط إجراء المسابقة من التوظيف على أساس الشهادة إلى نمط المسابقة الكتابية، حيث إن هذا التغيير سيمس حقوق شريحة الأساتذة المتعاقدين، الذين يتمتعون بالخبرة المهنية، في حين يتوجب الإبقاء على أولوية التوظيف بالنسبة لهؤلاء، مضيفا أن استمرار الوزارة في التمسك بقرارها الذي وصفه ب"غير المدروس" هو الذي حرك الأساتذة اليوم للمطالبة بحقهم الشرعي . في المقابل نقلت صحيفة (البلاد) عن مصادر مسؤولة قولها، في تصريحات صحفية، إن الوزير الأول عبد المالك سلال أعطى تعليمات لتسوية وضعية المتعاقدين محاولة من الحكومة لتهدئة غليان الجبهة الاجتماعية والحفاظ على الاستقرار، حيث ستفصل اللجنة الوزارية المشتركة مع الوظيفة العمومية، اليوم، في كيفية احتساب خبرة هؤلاء في مسابقة التوظيف المقررة نهاية شهر أبريل. وأضافت الصحيفة أن قرار الحكومة جاء "لتسوية وضعية المتعاقدين الذين أصبحوا يشكلون خطرا على استقرار البلاد، جراء احتجاجاتهم المطلبية المتكررة، التي نقلوها مؤخرا إلى قصر الرئاسة ثم مسيرة من بجاية للعاصمة".