في الوقت الذي تعرف فيه العلاقات الرسمية بين الرباط ومدريد تطورا إيجابيا، فإن العلاقة بين الرباط وحزب "بوديموس" الإسباني، الذي يصل لأول مرة إلى البرلمان، لن تكون جيدة، خصوصا وأنه يعتبر المغرب بلدا "يعرف تعذيبا ممنهجا للأفراد وينتهك حقوق الإنسان بشكل مستمر"، بحسب توصيف الحزب في مقترح قانون قدمه للبرلمان الإسباني حول عدم ترحيل المهاجرين غير الشرعيين المغاربة نظرا للوضع الحقوقي ببلدهم. ووجه الحزب الإسباني المثير للجدل العديد من الاتهامات للمغرب، باعتباره بلدا "لا يحترم حقوق الإنسان ويمارس التعذيب"، وذلك لتبرير مشروع قانونه الرامي إلى منع ترحيل المهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون إلى التراب الإسباني عبر مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، "لأن هؤلاء المهاجرين قد يتم انتهاك حقوقهم في المغرب"، بحسب زعمه. ويطالب مشروع القانون الحكومة الإسبانية بأن تأمر عناصر الحرس المدني الإسباني بعدم تسليم المهاجرين غير الشرعيين الذين تسللوا من معبري سبتة ومليلية إلى عناصر الأمن المغربي، "لأن هذا الإجراء ينتهك الإجراءات القانونية التي تنضم عملية الترحيل ولا تحترم حقوق الأجانب"، وفق مشروع القانون. "بوديموس" قال إن الحكومة الإسبانية حاولت تقنين الترحيل المباشر عبر إضافة 10 إجراءات جديدة إلى القانون المنظم للحقوق والحريات بالنسبة للأجانب في إسبانيا، حيث عملت على وضع نظام خاص للتعامل مع المهاجرين الذين يتم إلقاء القبض عليهم وقد تسللوا إلى إسبانيا من سبتة ومليلية. وشدد الحزب الإسباني على أن المبادئ الدولية لعدم الترحيل، "تمنع على الدول ليس فقط إعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى بلدهم الأصلي، ولكن أيضا عدم إرجاعهم إلى دول حيث حقوقهم الأساسية غير محمية"، بحسب مشروع قانونه الذي اعتبر أن المملكة "تعرف تعذيبا ممنهجا وسوء المعاملة التي يتعرض لها المهاجرون غير الشرعيون على أيدي قوات الأمن المغربي". وفي الوقت الذي ركز فيه مشروع القانون على الأمن المغربي، فإنه لم يتحدث عن الممارسات التي يقوم بها الحرس المدني الإسباني ضد المهاجرين غير الشرعيين؛ من استخدام للعنف والإساءة للمهاجرين. وأثار الحزب الإسباني تقارير دولية دون أن يقدم أمثلة ملموسة تبرهم على أن "المغرب يعرف تواجد حالة من التعذيب المنهجي"، التي ادعى الحزب الإسباني أنها "الرؤية نفسها التي نتقاسمها". ويبدو أن مشروع القانون لن يزيد إلا في تأزيم العلاقة بين المغرب و"بوديموس" الذي ظل، إلى وقت قريب، يحاول أن يحافظ على علاقة طبيعية مع الرباط، بيد أن إصرار عدد من أعضائه على دعم الطرح الانفصالي ومحاولة اللقاء ببعض انفصاليي الداخل، جعل الوضع معقدا، بل إن الحزب يرى أن "الرباط تعتبر بوديموس حزبا معاديا لها".