أنقر هنا لقراءة الجزء الأول 20 فبراير ليس يوما عاديا في تاريخ المغرب الحديث. إنه صرخة في وجه الإهانة اليومية التي يعيشها الملايين من المغاربة وعلى رأسهم الشباب. هي صرخة ضد القوانين المتخلفة التي تحكم البلاد، الفقر، البطالة، البطالة المقنعة، الخدمات الاجتماعية والصحية المتردية. لكنها كذلك صرخة من أجل الكرامة، الحرية، الديمقراطية، العدالة الاجتماعية والإصلاح الجذري لنظام سياسي متآكل وغير مقبول. 20 فبراير كانت حركة لشباب صار واعيا كل الوعي بواقعه ورافض للتخلي عن مطالب مشروعة طالما حملتها القوى الديمقراطية في المغرب منذ عقود وعجزت عن تنفيذها وسط نظام سياسي لا يقبل بالإصلاحات الحقيقية والعميقة. الجزء الثاني. الشباب وأزمة الثقافة واللغة فإذا كان واقع التعليم يعيش الأزمة، فإن هذه الأخيرة تمتد إلى باقي مؤسسات التنشئة الاجتماعية والمؤسسات الثقافية الأخرى من مسارح ودور للشباب والثقافة والخزانات وقاعات السينما ومعاهد الموسيقى والفنون والمتاحف. وكلها مؤسسات لها حضور هامشي داخل المغرب. وبالتالي فإن الانعكاس شبه منعدم على المجتمع. والمطلوب هو تكثيف تشييد هذه المؤسسات التي تعد بمثابة "المشاريع الكبرى الحقيقية"، وذلك بكل الجماعات المحلية والقروية وفي كافة جهات المغرب. كما يجب دمقرطة الثقافة لتصير ملكا للعموم مع تسهيل ولوج الشباب لجميع المؤسسات الثقافية من أجل تكوين الذوق وتهذيبه والرقي بالحس النقدي والمعرفة لدى الشباب. وينبغي كذلك الرقي بالمهرجانات لتصير تتويجا سنويا لعمل فني دائم في المنطقة التي تنظم فيها وليس موعدا سنويا لتبذير الملايين من الدراهم. إن إشكالية اللغة ترتبط ارتباطا وثيقا بالقضايا المجتمعية. إنها مرتبطة بهيكل المجتمع وطبقاته الاقتصادية، ومدى تقدم ثقافته مقارنة مع باقي الأمم. لكل أمة لغة تعبر بها عن هويتها وشخصيتها الحضارية. لكن فشل مشروع التعريب هو انعكاس لفشل القرار الوحدوي القومي العربي. غير أن فشل سياسة التعريب في المغرب، ما بعد الاستقلال، لم يأت نتيجة تواجد مشروع لغوي مضاد وإنما جاء نتيجة التماطل والإهمال وغياب الإرادة الفعلية من أجل تنفيذ سياسة تعريب منفتحة ومشجعة لتطور اللغات واللهجات المحلية. وبالتالي فإن غياب الإرادة يعني السماح بانتشار الأمية واللاتمدرس والتبعية، أما إرادة التغيير فكان معناه هو النهوض باللسان العربي وتقويمه وجعله أكثر انفتاحا بدل التخندق في لغة عربية تقليدية قديمة لا تعبر عن حاجة ومأساة وأحاسيس الفرد والجماعة. إن أزمة اللغة تعد تعبيرا حقيقيا عن أزمة الهوية المغربية وغياب تلك اللحمة التي توحد بين الشعب المغربي. وإذا كان الدستور المغربي الذي يحتاج إلى تعديلات عميقة يؤكد أن اللغة الرسمية هي العربية، فإنه من المفارقات الغريبة أن تكون لغة الجامعة والإدارة والاجتماعات الحكومية نفسها غير اللغة العربية. إنه من اللازم اليوم أن تكون اللغة العربية هي الضامن للمساوات بين المواطنين المغاربة أينما وجدوا وأداة التواصل بين الفئات الاجتماعية والعاملة، على أن يتم تعميم التمدرس منذ سن الرابعة عبر تعميم التعليم الأولي والدفع بإصلاح اللسان العربي المغربي وفتح قاموسه أمام مفردات متداولة لتصير اللغة لغة الشعب المغربي وليس لغة نخبه وشعرائه والحفلات الرسمية. إنه المشروع الذي يجب أن يأخذ على عاتقه مهمة جعل اللغة العربية لغة حية قادرة على توليد المصطلحات واحتضان مصطلحات جديدة. والملاحظ اليوم أن الدولة المغربية قامت بتهميش مجموعة من اللغات واللهجات المحلية والإقليمية وعلى رأسها الأمازيغية والحسانية. إنها اللغات التي تعبر عن تنوع الثقافة المغربية. ولعل الديمقراطية تستدعي الاعتناء بهذه اللغات، ومن هنا وجب نضال الشباب إلى جانب الحركات الثقافية من أجل الرقي بهذه اللغات بعيدا عن كل شوفينية ورؤية إقصائية. إنه من حق كل مواطن تعلم لغته المحلية إلى جانب اللغة الوطنية. وبالتالي فإنه من اللازم: • تشجيع تعلم اللغات الاختيارية منذ التعليم الأولي إلى جانب اللغة الوطنية، في إطار مدرسة عمومية مجانية. • الاعتناء باللغات المحلية عبر تشجيع الأنشطة الثقافية الهادفة إلى الرقي بهذه اللغات. • تشجيع الثقافات التي تحملها هذه اللغات. *فاعل جمعوي وسياسي