http://www.elmayssa.com التشهير هو التعرض لشخص بعينه والخوض في حياته الخاصة وعرضه أمام العلن. الحرب الفكرية هي انتقاد لأقوال وأفعال فرد بعينه أو مجموعة أفراد دون المساس بحرماتهم: مال، دم، وعرض. أظننا في حرب فكرية ضد العلمانية وضد المتسلقين على مطالب الشعب لأجل السلطة، حرب سأشهر خلالها كل أسلحتي. بعد التقائي سابقا بأحد أعضاء حركة شباب 20 فبراير، كتبت مقالا عنونته "الإسلام أو لا شيء" تحدثت من خلاله عنهم بكل إيجابية، موضحة أنني لن أشارك بسبب اختلاف ترتيب تركيبة هويتنا. فهويتي تبدأ تركيبتها بالإسلام، ثم تأتي بعدها "تمغربيت". لكن هويتهم بدأت "كما يقولون" بالوطن، والدين يأتي بعده على أنه أمر شخصي. وهنا وقف حمار الشيخ في العقبة. طبعا حين أقول أن الدين يأتي في مقدمة تركيبة هويتي هذا لا يجعلني أبدا عنصرية اتجاه المغاربة الغير المسلمين بل بالعكس، فديني يأمرني بالدفاع عن وطني بكل أعراقه وأجناسه وبطاعة ولي أمري ما لم يظهر في شخصه فساد بائن بالإجماع. يعني أني كمسلمة سأدافع عن وطني جنبا إلى جنب مع كل فئات الشعب المسلمين وغيرهم إن كان دفاعي يصب في أهداف وطنية بحثة. لكن، حين تندس تحت تلك المطالب الوطنية المشروعة أهداف تمس صميم هويتي الإسلامية، أهداف تصل مخالبها إلى حد شطب بند الدستور الذي يقر أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة وإلغاء أي بند يأخذ شرعيته من الدين وتغييره بقوانين مدنية من صنيع أدمغة فئات بشرية لا أكن لها أي ثقة، هنا يقف حمار الشيخ في العقبة مرة ثانية. ثم، حينما أرى في هذه المطالب وبين هاته المسيرات تحالفات مشبوهة لا تمت للمنطق ولا للعقلانية بأية صلة، تحالفات بين يسار شيوعي اقتصاديا وليبرالي سياسيا وعلماني اجتماعيا وبين جماعة منبنية على تقديس مريدها وانتقاد ملكها هنا سقط الشيخ نفسه في العقبة وليس حماره فقط. بعد المسيرة الأولى، أزهقت أرواح وطال التخريب الكثير من المؤسسات العمومية في كثير من المدن، وبغض النظر عمن تسبب مباشره في ذلك، كان على منظمي المسيرة أن يتحملوا كامل المسؤولية أمام الشعب، وعوض ذلك، أخذوا يدافعون عن أنفسهم باتهام الفِتُوّات أو العَوَالم أو الخَوَچَات أو البلطجية أو الهوانم أو ما تيسر لهم من مفردات حفظوها بين المسلسلات والثورات المصرية، ويتهمون كل من دافع عن ثوابت بلده بالمخزنة الفكرية. ورغم ذلك، لا أحد انتقد المسيرة، على أساس أن المسيرات والاحتجاجات هي حق من حقوق المواطنين وتعبير عن الحرية والديمقراطية بالبلد. وتوقعنا أنهم كما حفظوا عن المصريين مفرداتهم ضد المخزن، حفظوا أيضا عن عالمهم الشيخ الشعراوي مفهوم ومبدأ الثورة: "الثائر يثور ليهدأ. يثور ليهدم الفساد.. ثم يهدأ ليبني الأمجاد". ثم فاجأنا جلالة الملك بخطابه المتكامل الذي حمل في طياته خطة إصلاحية شاملة. تتأسس على الإسلام كدين للدولة، والوحدة الترابية والملكية الدستورية كثوابت راسخة، والأمازيغية كموروث ثقافي لكل المغاربة، وتحدث عن الإصلاحات الدستورية وخطوات المغرب الثابتة اتجاه اللامركزية وهوامش الحريات الفردية التي تزيد اتساعا. ونعلم جميعا أن التغيير يحتاج سنوات من الجهد والعمل ولا يأتي بين ليلة وضحاها. وعوض أن يقابل هؤلاء الخطاب بثقة ورغبة في التقدم في ركب الإصلاح بمتابعة التعديلات الدستورية عن كثب والتأهب للمشاركة في الانتخابات القادمة بمواطنة نافعة حقة، إذا بنا، نفاجأ بميسرة ثانية لم تغير من تحالفاتها شيء، بل أكدت على أن الأمر لا يتعلق برغبة في الإصلاح، وإنما هي حرب فكرية يريدون عبرها ترسيخ فكرة العلمانية من جهة وسعيهم وراء المال والسلطة من جهة أخرى. فمن جهة نرى جماعة العدل والإحسان التي تناست قومتها ورغبتها في الإطاحة بنظام الحكم بالمغرب، من أجل أن يحل الشيخ ياسين محل الملك على أساس أنها خلافة بالبيعة، لتضع يدها بيد من يسب النبي ولا يؤمن بالله ويدافع عن الخمر واللواط ويرغب بتقنين الدعارة، ويخرج علينا كتاب الجماعة من كل حدب وصوب يدافعون عن انفتاحها على الآخر لغرض مصلحة الشعب، ويبررون موقفها بأنها لم تغير من مطالبها شيء بل أن غرضها فقط مساندة الشعب في مطالبه!!! نعام؟ سمحولي مفهمتش مزيان! أشنو؟ نعم، جماعة العدل والإحسان لا زالت عند وعدها بالإطاحة بنظام الحكم بالمغرب وتعويضه بالخلافة في شخص الشيخ ياسين، لكنها خرجت فقط حيت كتحبكوم! تنازلت قليلا على ودكوم! شفتو شحال حنينة؟ لقد التهت جماعة الأحلام بالمسيرات الاحتجاجية لهثا وراء الإطاحة بالنظام لنيل السلطة والكرسي، وتناست وراءها كتب الشيخ ياسين وأفكارها التي ساحت في المجتمع كسيل ملوث، وحين أرادت التحجج بانفتاحها على اليساريين الملحدين غرقت في أفكارها العدلية وأحلامها المترهلة فكشف الله كيدها إن كيدها كان ضعيفا. ذكرتني هذه الجماعة بإعلان قديم في شكل رسوم متحركة كان يبث على القناة المغربية لامرأة كانت تنظف الأواني، فالتهت فجأة بأغراض منزلية أخرى ونسيت صنبور الماء مفتوحا، وحين تذكرته صرخت "ويلي ويلي خليت البزبوز محلول" وركضت لتغلقه فإذا بها تجد أرض المطبخ تغرق في المياه فانزلقت وسقطت على رأسها. وبما أن هذه الجماعة الحنينة تنازلت لبعض الوقت عن سقف مطالبها العالي والواهي كبرج فرعون وهامان لتساعد الشعب في مطالبه، عليها اتجاه هذا الشعب الإجابة عن أسئلة لا زالت عالقة، ولم يتجرأ أحد من هؤلاء الكتاب المجاهدين في الدفاع عنها الإجابة عنهم بعد. ومن بين هاته التساؤلات: كيف لجماعة أن تحارب الملكية بالمغرب كونها تنتقل بالوراثة، ادعاءً أنها تدافع عن الخلافة بالبيعة كما أوصى بها رسولنا عليه أفضل السلام، بينما يقبع الشيخ ياسين على هرم الجماعة منذ أن أنشئت؟ لم لا يكونوا هم أنفسهم مثالا حيا لمبادئهم ويستبدلوا الشيخ ياسين بشاب من شباب الجماعة يتم انتخابه بالبيعة؟ أم يقولون ما لا يفعلون؟ بانت ليهوم غير فالملك ديالنا؟ إن كانوا ضد تقديس الملك ويرون فيه شخصا يحق انتقاده ومساءلته، لم لا يكتب أحد كتاب الجماعة مقالا ينتقد فيه بعض طرق الشيخ ياسين في تسيير الجماعة؟ أم أنه هو فوق الانتقاد وملكنا غير ذلك؟ لم كل من أراد انتقاد الجماعة ومريدها يطلعون عليه بوابل من المتحججات والتبريرات الواهية يسردون خلالها التنظيم المحكم للجماعة ومنظميها؟ ثم سؤال أخير: هل تظنون فعلا أنكم يوما ما ستحكمون المغرب؟ وجه الله؟ هذه جماعة العدل والإحسان من جهة، ومن جهة أخرى، تجد كل من وجد في العلمانية منفذا من محاسبة نفسه بالخطأ والصواب والحلال والحرام، يصب جم أسئلته في سؤال واحد ليسقطنا في فخ أخطائنا: "هل تظنين أن المغرب بلد إسلامي حتى نتحول إلى علمانيين؟ هل تظنين أن المجتمع المغربي مجتمع مسلم أصلا؟" جوابي هو: نعم المجتمع المسلم ليس هو المجتمع المثالي.. إنما هو المجتمع الذي يسمي الأخطاء أخطاء حسب ما جاء به الإسلام. أي نعم المجتمع المغربي ليس مجتمعا "مثاليا". أي نعم المغاربة غارقون في المعاصي والأخطاء، لكنه يظل مجتمعا مسلما طالما لا زلنا نسمي المعاصي معاصي والأخطاء أخطاءً. يوم يسمي المغاربة الأخطاءَ سلوكات إنسانية عادية.. حينها سأقول بأسف، لقد غرقنا في العلمانية. لقد تنبأت فكريا بهذا التحالف قبل أن تلقح بويضة الأحزاب الاشتراكية اليسارية بخلايا العدل والإحسان وتكبر في رحم جمعية حقوق الإنسان لتصبح مضغة تسير على الأقدام سموها حركةً ومسيرةَ إصلاح. هي فقرة ضمنتها في مقالة بعنوان "العسكر خليه ليكوم" يوم الثاني من يناير 2011 ويمكنكم الرجوع إلى الموضوع الأصلي للتأكد: تدخل الدولة في نشاطات المؤسسات الجمعوية ومخزنتها ووقف الوقفات الاحتجاجية السلمية وعدم الإصغاء لمطالبها وحجب كل حركة من تحركاتها رغم كونها لا تمس مقدسات الوطن بسوء أمر خطير جدا قد يثير ثورة عارمة في الصدور ستقسم المجتمع إلى متطرفين يجتمعون في طوائف متشددة ومهددة، وليبراليين هدفهم القضاء بحرياتهم الفردية على إمارة المومنين وفصل الدين عن الدولة، وشباب ضائع مائع همه الغناء والرقص والمسلسلات التركية. وكنت على بينة وأنا أكتب تلك الأسطر، قبل ثورتي تونس ومصر، أن خطرا كامنا يتربص بالدول الإسلامية، وأن أعينا غربية كائدة للإسلام تنتظر الفرصة لتخوض معركتها ضد هذا الدين الذي يأبى إلا أن يتم نوره فيهم ولوكرهوا. والديل على ما أقول جملتين قرأتهما في مقال "ثوار ليبيا يتعهدون بإقامة دولة علمانية وديمقراطية" وأرجو منكم التمعن في هاتين الجملتين جيدا: "وردًا على المخاوف الغربية من تزايد النزعة الإسلامية، قال إن "ليبيا المستقبلية ستكون دولة ديمقراطية وعلمانية. الشعب الليبي معتدل والدولة لن يؤسسها متدينون". وفيما يتعلق بالنفط، تعهد زيدان ب"احترام العقود الموقعة"، مؤكدا أن السلطة المقبلة "ستأخذ في الاعتبار الدول التي قدمت لنا يد العون." خوف الغرب من بقاء الدين الضامن الوحيد لاستقلالية الدول الإسلامية ثقافيا واجتماعيا يقابله تحويل الدول الإسلامية إلى دول علمانية لضمان تبعيتها ثقافيا واجتماعيا بل وحتى اقتصاديا. فتغيير الفكر يتبعه تغيير السلوك، وتغيير السلوك يتبعه ترويج لمنتجات إعلامية أو مادية ستلقى عددا أكبر من المستهلكين الذين سيتزايدون باليوم في ظل دولة لا يسودها أي دين. بل وضمان جيل قادم خارج بالقطع عن الدين تابع بالكل لثقافتهم ومجتمعهم (استعمار فكري اقتصادي) ثم التأكد من حوزة أمريكا والدول الغربية على حاكم تابع لهم في كل بلد من البلدان الإسلامية يمدهم بالموارد الطبيعية والبشرية.. سلبي اتجاه الدفاع عن فلسطين لضمان بقاء وتوسع إسرائيل مقابل إبقائه على كرسي الحكم أكبر مدة ممكنة. (استعمار سياسي اقتصادي) أما عن استعمار الأرض.. التوسع والإمبريالية المباشرة، فلم يعد لها بد إن وجدت تلك الدول مساحة لترويج أفكارها ومنتجاتها وضمانا لبقاء وتوسع مستوطنات إسرائيل. أليست حربا ضد الدين لأجل السلطة والنفط؟ سأترككم مع هذين المفكرين: السياسي الراحل الملك الحسن الثاني: "لا يمكن بالمطلق أن تكون مسلما وعلمانيا في نفس الوقت؛ لا وجود لشيء إسمه الإسلام العلماني" وڤيديو لعالم المنطق والتفسير الراحل الشيخ الشعراوي في العلمانية، وما كانت ردة فعله فور سماعه كلمة "علمانيين". أرجو أن تشاهدوا بتمعن [email protected]