عرفت الدراجة النارية ثلاثية العجلات، المعروفة ب"التريبورتور"، أو ما يطلق عليها لقب "آخر فرصة"، انتشارا واسعا وسط فئة عريضة من المواطنين، خاصة الطبقة الهشة، بعد الغزو الكبير للمنتجات الصينية، مؤخرا، للمغرب، ونظرا لتشجيع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية الشباب العاطل على مزاولة أنشطة مدرة للدخل. تبعا لذلك، سارع عدد مهم من المواطنين إلى شراء "التريبورتور"، والتوجه إلى الأسواق أو محطات المسافرين لنقل البضائع أو الحيوانات، ما ضايق سيارات نقل البضائع والعربات المجرورة بالدواب، فيما حوّلها أخرون إلى وسيلة نقل تنافس سيارات الأجرة، وأدخل أخرون تغييرات على هيكلها وجعلوها دكانا متحركا، سواء بالمدن أو القرى. إلا أن هذه الوسيلة تحولت إلى كابوس يجوب الشوارع، خاصة وأن صاحبها لا يخضع إلى تكوين ولا يحتاج إلى رخصة لقيادتها، بالإضافة إلى تهور بعضهم، والأعطاب التي تلحقها، فيخلّف ذلك حوادث سير مميتة. "التريبورتور" يقتل يتسبب "التريبورتور" في حوادث السير بسبب وضعيته التقنية المتهالكة أو تهوّر السائقين، وقد توفي طفل يبلغ من العمر6 سنوات، خلال الشهر الجاري، بعدما صدمته دراجة نارية ثلاثية العجلات، على مستوى حي 3 مارس ببلدية الدروة، التابعة للنفوذ الترابي لإقليم برشيد. كما عثر الشهر الماضي على جثة شابة، في عقدها الثالث، مضرجة وسط الدماء، في ظروف غامضة بشارع الجنرال الكتاني بالقرب من حي الكمال غرب مدينة سطات، ليتبين فيما بعد أنها كانت رفقة أحد الأشخاص على متن "تريبورتور" فسقطت ولقيت مصرعها في الحين، ليغادر صاحب "التريبورتور" المكان تاركا الهالكة تواجه مصيرها المحتوم، إلا أن كاميرا إحدى المؤسسات التعليمية الخصوصية رصدته وكشفت أمره للمحققين، فتم توقيفه في اليوم الموالي للحادثة، بالإضافة إلى الكثير من الحوادث المختلفة التي يسببها "التريبورتور". "التريبورتور" مشروع لإدماج السجناء جمعيات المجتمع المدني الشريكة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية اعتبرت "التريبورتور" مشروعا مدرا للدخل ومساعدا على التنمية، خاصة لذوي الدخل المحدود أو العاطلين عن العمل، في إطار التشغيل الذاتي، بل تعدى ذلك إلى إعادة إدماج السجناء بعد إطلاق سراحهم. عبد الكريم التيال، مسؤول قطب الإعلام والتواصل بجمعية الإنماء بسطات، في تصريحه لهسبريس، أفاد بأن الدراجات ثلاثية العجلات، كظاهرة أصبحت منتشرة، يجب مقاربتها بين دورها كمساعد على توفير دخل قار لعدد مهم من المواطنين الذين يعانون من الهشاشة والفقر من جهة، وبين المخاطر التي يمكن أن تتسبب فيها من جهة ثانية، مؤكدا على إجبارية توفر أصحابها على رخصة السياقة، مع ترقيمها. وأضاف المسؤول الجمعوي أن "جمعية الإنماء بسطات انخرطت في مشروع التريبورتور رغم المخاطر، وذلك من أجل إدماج فئة السجناء وفق معايير مضبوطة؛ كحسن السلوك، وعدم العودة إلى ارتكاب الجرائم، والتزام المستفيدين منها بعدم تفويتها لآخرين"، مشيرا إلى أن جمعيته وزعت 15 دراجة ثلاثية العجلات، تحملت تكاليفها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بنسبة 70 في المائة، والمستفيدون والجمعية بنسبة 30 بالمائة، ويدخل فيها التأطير ومصاريف التملّك. وقد تم تحديد مجالات نشاط المستفيدين من هذه الوسيلة لتحسين مستواهم المعيشي في استغلالها في نقل البضائع، يقول المسؤول الجمعوي نفسه، إلا أن هناك من وظفها في البيع المتجول للسلع المختلفة، وهناك من استغلها في نقل الأشخاص، مبررا ذلك بالمناسبات التي يعاني فيها قطاع النقل من الاكتظاظ، كالأعياد والمهرجانات، يستدرك عبد الكريم، الذي أوضح أن جمعيته حين أقدمت على المشروع كانت صارمة في معايير الاختيار، وعبّر عن التزام الجمعية بتأطير هؤلاء المستفيدين بخصوص قانون السير بشراكة مع جمعيات مختصة في المجال. وحول المشاكل التي تعرقل المشروع، أفاد عبد الكريم بأنها ذات طابع قانوني ومالي، موضحا أن الحكومة ترصد مبالغ مالية غير كافية لتتبع مثل هذه المشاريع، مما يضعف قدرة الجمعية على إدماج السجناء في القطاع المهيكل. وفي هذا الصدد، وجه رسالة للمسؤولين على قطاع النقل من أجل إيجاد صيغ لإدماج هؤلاء المستفيدين، بشكل قانوني، في قطاع النقل دون تهديد لسلامة المواطنين. الترقيم إجباري ورخصة السياقة محمد أيت عسيلة، مسؤول بمركز تسجيل السيارات التابع لوزارة النقل والتجهيز واللوجستيك بسطات، قال إن عملية ترقيم "التريبورتور" ستبدأ انطلاقا من شهر يونيو، مفيدا بأن المصلحة تلقت مذكرة مركزية تنص على تفعيل عملية ترقيم الدراجات العادية وثلاثية العجلات، حيث جرى إخبار جميع المالكين، عبر وسائل الإعلام وغيرها، من أجل التوجه، في الوقت المحدد، إلى مراكز تسجيل السيارات، مصحوبين بوثائق الملكية وبطاقة الفحص التقني بعد أداء واجبات التمبر بالمصالح التابعة لوزارة المالية. وحول رخصة السياقة التي من المنتظر أن تفرض على سائقي الدراجات ثلاثية العجلات، أفاد أيت عسيلة بأن الإدارة التي يشرف على إحدى مصالها لم تتوصل، إلى حد الآن، بأي مراسلة في هذا الباب من الوزارة الوصية على القطاع، موضحا أن هذه الإجراءات تهدف إلى التأكد من حجم أسطوانات هذه الدراجات وتصنيفها في خانة المركبات الملزمة بالترقيم، وتوفر سائقيها على رخصة السياقة، ويتعلق الأمر بالدراجات النارية التي يجب أن تتوفر على سند ملكية مسلم من طرف الإدارة، عن طريق مركز الفحص التقني، ولوحة معدنية تحمل الرقم الترتيبي.