سعر الدرهم يرتفع 1.3% مقابل الدولار وينخفض 0.6% مقابل الأورو    واشنطن تطرد سفير جنوب إفريقيا وتصفه بأنه "يكره" ترامب    استئناف الرحلات البحرية بين إسبانيا والمغرب بعد تحسن الظروف الجوية    المغرب يستضيف الدورة 58 للجنة الاقتصادية لإفريقيا ومؤتمر وزراء المالية الأفارقة في مارس 2026    إلغاء ذبح الأضاحي في المغرب يربك مزارعي إسبانيا ويهز سوق المواشي    تأثير "هائل" لخط أنبوب الغاز المغرب-نيجيريا على قطاع الطاقة بإفريقيا    مدرب الأسود يؤكد أن هدفهم انتزاع بطاقة التأهل في أقرب وقت    تأخر إغلاق سد واد غيس يؤدي الى ضياع كميات كبيرة من المياه (فيديو)    توقيف شخص بطنجة تورط في حادثة سير عمدية والفرار من موقع الحادث    بعد "كونراد".. عاصفة "لورينس" تقترب من المغرب    الغذاء المتوازن و صحة القلب في رمضان !!    قراءة في مشروع قانون المسطرة الجنائية من داخل مجلس النواب    سيدي حمدي ولد الرشيد يشارك في أشغال الجمعين العامين للعصبة والجامعة ويُعزز حضور شباب المسيرة في المحافل الكروية الوطنية    كارني: كندا لن تصبح جزءا من أمريكا    التصفيات الإفريقية المؤهلة لكأس العالم 2026: الركراكي يكشف عن لائحة المنتخب الوطني لمواجهتي النيجر وتنزانيا    مندوبية التخطيط تسجل ارتفاع إنتاج الكيماويات والأدوية وتراجع إنتاج النسيج    وسائل إعلام: ترامب يعين ديوك بوكان سفيرا في المغرب تكريسا لدبلوماسية "البزنس أولا"    "التوظيف الأخلاقي للذكاء الاصطناعي: بين الفرص والتحديات في ندوة فكرية بطنجة"    الأمطار تنعش حقينة ‪سدود سوس    هذيان في منتصف الطريق    ما يستطيعه التاريخ اليوم؟    المجلس الأعلى للسلطة القضائية يشدد على ضرورة احترام الأجل المعقول في القضايا    عامل سيدي إفني يحذر رؤساء الجماعات من استغلال وسائل الجماعة لأغراض سياسية    عرقلة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي بسبب ارتفاع الأسعار وترويج المواد الغذائية الفاسدة    جامعة الرباط تحتفي بالفيلم الجامعيّ    بالصدى .. الثقة والزئبق    الرفع من قيمة إعانات "دعم الفقراء" في 2025 ينتظر قرارا حكوميا    تفاصيل استماع القضاء لشقيق بعيوي    ترقّب لمآسٍ بعد محاولات شباب وقاصرين السباحة إلى سبتة خلال العاصفة    هذه مستجدات تحقيقات "نفق سبتة" لتهريب المخدرات    فرنسا تعلن استيراد الحصبة من المغرب    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    السعدي يرد على منتقدي الأداء الحكومي ويثمن جهود زميله برادة للنهوض بقطاع التربية الوطنية    الجولة 25 من الدوري الاحترافي الأول : نهضة بركان على أعتاب التاريخ وصراع المقاعد الإفريقية يشتعل    مندوبية السجون تكشف حقيقة حجز شحنة من مادة "الشباكية" كانت موجهة إلى السجن المركزي مول البركي بآسفي    سفراء الموسيقى الأندلسية المغربية في فرنسا يلهبون حماس الجمهور الباريسي خلال أمسية احتفالية وروحانية    مدرب المنتخب المغربي يوضح "تردد" لاعبين في حمل القميص الوطني    طنجة: توقيف شخص متورط في حادثة سير عمدية مع الفرار    بلباو ولاتسيو إلى دور الربع وروما وأياكس يغادران الدوري الأوروبي    السلطات الموريتانية تتغلب على تسرب للغاز من حقل مشترك مع السنغال    أهمية الفحوصات الطبية خلال شهر رمضان    جماعة العرائش تنظم الدورة الأولى من رمضانيات السماع والمديح    منع مشجعي الوداد البيضاوي من التنقل إلى طنجة لمساندة فريقها    الفرجة الرمضانية بين النقد السريع والنقد المدفوع    السلطات الصينية والأمريكية تحافظ على التواصل بشأن القضايا التجارية (متحدث صيني)    الصين تبدأ رسميا في انتاج هيدروجين عالي النقاء بنسبة 99,999 بالمائة    نيويورك.. وقفة في برج ترامب تندد باعتقال طالب بجامعة كولومبيا مؤيد للفلسطينيين واعتقال 98 شخصا    التحديات المالية للجمعيات الرياضية بطنجة: بين ارتفاع التكاليف والتسعير غير العادل    "ألف يوم ويوم".. سيمون بيتون تحكي الحاج إدمون عمران المليح    سباق التسلح في مجال الطائرات المسيّرة.. المغرب ضمن تحالفات جديدة وتنافس دولي متصاعد    ظاهرة فلكية نادرة مرتقبة فجر يوم غدٍ الجمعة    قالها ملك البلاد‮: ‬أحزاب‮ ‬تستعجل القيامة‮..!‬    جديد دراسات تاريخ الأقاصي المغربية: التراث النوازلي بالقصر الكبير    فضل الصدقة وقيام الليل في رمضان    ماذا يحدث للجسم إذا لم يتناول الصائم وجبة السحور؟ أخصائية توضح    أداء الشعائر الدينيّة فرض.. لكن بأية نيّة؟    دراسة: الوجبات السريعة تؤدي إلى تسريع الشيخوخة البيولوجية    بنكيران .. القرار الملكي لا يدخل ضمن الأمور الدينية وإنما رفع للحرج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حزب العدالة والتنمية في خضم التحولات السياسية الحالية
نشر في هسبريس يوم 27 - 03 - 2011


نريد حزبا كبيرا

تسارعت من حولنا الأحداث الفارقة والمنعطفات التاريخية التي يشهدها حاليا عالمنا العربي وتطورات مشهدنا السياسي والدستوري المغربي، انعكست طفرات سياسية وفكرية عميقة داخل مجتمعاتنا ، فأصبح الشعب فاعلا أساسيا في تحديد مساره ومستقبله بعد تغييب وقهر له طيلة عقود من الاستعمار والاستبداد، فتجاوز بذلك في كثير من الأحيان الأنظمة الشائخة والنخب المترهلة التي لم تستوعب المتغيرات المجتمعية والتقنيات التواصلية المتوسطة كآليات مستجدة في مخاطبة وتحريك الشباب بصفة خاصة والجماهير الشعبية بصفة عامة . إزاء هذه الدينامية الجديدة الذي يعرفها واقعنا العربي والمغربي تعتريني حسرة ومرارة من ضعف تفاعل حزب العدالة والتنمية مع هذه المتغيرات والطفرات التي رفعت من وعي المجتمع بكافة شرائحه ونخبه ، إذ دخل بكل أسف ، ويا للمفارقة ، مرحلة كمون وانكماش في الوقت الذي اشرأبت له الأعناق للبحث عن بصماته في هذا الحراك الشعبي ، وقد خبره الشعب سباقا في الدعوة والدفاع على مقدرات البلد وهويته الأصيلة ومبادرا لطرح أطروحة نضالية ديمقراطية متميزة، تدعو معالمها الكبرى لإصلاحات دستورية وسياسية تهم كافة المؤسسات، غير أنه منذئذ تقاعست مؤسساته القيادية عن تفعيل وتفصيل لمبادرته تلك رغم مناداة العديد من مناضليه بذلك وكانت محطة الدورة العادية للمجلس الوطني للحزب لسنة 2010 شاهد على ذلك ، مما جعل الحزب يبدو غير جاهز للمواكبة الآنية لهذا الحراك الدستوري والسياسي والفكري فضلا عن طرح رؤيته التفصيلية لما تستفى حوله الهيئات السياسية والمجتمعية، ورفع حرارة النقاش السياسي والدستوري سواء على المستوى الداخلي والوطني ، ولا نترك عرضة لردود الأفعال.. إن الخوف كل الخوف أن نخطئ موعدنا مع التاريخ ، لأن التاريخ قد يرسمه آخرون ممن تفرزهم الدينامية الجديدة .. سواء في اللجان المغلقة أو في الشارع المفتوح أو في الالتحام مع الجماهير .... ,إننا لنضع أيدينا على قلوبنا .. لأننا نحس بأننا لسنا حاضرين في كل تلك الساحات التي يصنع فيها الرأي العام و كذا القرار السياسي ..

نعم ، في الوقت الذي يمور المشهد السياسي المغربي عقب الخطاب الملكي التاريخي يوم 9 مارس بالتفاعلات المتضاربة بين مرحبة ومتحفظة وأخرى مشككة ، وتشكلت لجنة للصياغة ، وانطلقت الهيئات السياسية والنقابية والمجتمعية تجمع لجان البحث والتفكير ، واشتعل الشارع السياسي في مسالك 20 فبراير و20 مارس و 10 أبريل والحبل على الجرار.. فيما ازداد وهج النقاشات الافتراضية التي قل فيها نصيبها إلا من بعض شبابنا الواعدين.... توقفت ، إزاء كل هذه الدينامية الجديدة ، عقارب الحزب أمام صنم المساطر، وانقسم المختلفون في توقيت اندلاع هذا الارتباك الداخلي الحالي بين من يرجعه إلى تصريح الأخ الأمين العام الناطق الرسمي للحزب حول مسيرة 20 فبراير دون الرجوع لمؤسسات الحزب ، وبين من يرجعه إلى البلاغ المؤطر لقرار مشاركة بعض مناضلي الحزب في مسيرة 20 فبراير المخالف لقرار الأمانة العامة القاضي بكونها غير معنية بذاك الحدث .. واعتمادا على أي من ذاك التوقيتين قاما موقفين مختلفين يدعي أحدهما نصرة مشروعية المؤسسات والمساطر، فيما يتخوف الآخرعلى مصداقية المشروع وخذلانه للجماهير .. وسارع أصحاب الرأي الاول الداعين للانتصار للمشروعية إلى إعلان أن الأولوية للمحاسبة .. وبذلت في ذلك اجتماعات على أكثر من مستوى وشحذت استفسارات وأرسلت استدعاءات وتحركت هواتف وبرد إلكترونية ، ودبجت بلاغات داخلية باسم الأمانة العامة تم بعثها للصحف ونشرت في موقع الحزب - في سابقة خطيرة - لتخبر كل من يهمه ولا يهمه الأمر بأنها برأت - بالإسم - بعضا من مناضلي الحزب وأمهلت آخرين إلى حين .. ولم تنس أن تمنح نقطا حسنة لآخرين .. ثم عادت وسحبت ذلك البلاغ التنظيمي الداخلي من موقع الحزب .. لكن بعد أن أصبح في علم الجميع .. وهو ما خلف استغرابا لهذا التسرع وهذا الحماس التنظيمي غير المسبوق من قبل كثير من مناضلي الحزب المتزامن مع الأسف مع حالة الكمون السياسي التي يعرفها حاليا الحزب .

ولقد كان للتضخم غير المسبوق للمقاربة التنظيمية الضيقة للحزب مع تجاهل غير مفهوم لأسابيع طويلة للحراك الشبابي والشعبي العربي والمغربي ومآلاته على المشهد السياسي ، رد غير مسبوق من قبل أحد أعضاء المجلس الوطني بالدعوة لتفعيل المادة 79 من النظام الداخلي لإقالة الأخ الأمين العام ، وهو ما اعتبره البعض دعوة غير مسبوقة لتفعيل أحد بنود الأنظمة الداخلية للحزب ، تلقاها إخوة آخرون بتشنج ،وأخذت ردود بعضهم منحى شخصانيا عاطفيا لايليق أن يكون هو محور نقاشنا السياسي بحزبنا، حيث دبج أخ عزيز من أكادير مرافعة عز نظيرها بعنوان "رفع الملام عن تصريحات الأمين العام" فيما أكد لنا أخ كريم من طنجة ب " أن الأخ الأمين العام معروف، معروف طبعه معروف أسلوبه" لنا عندما انتخبه المؤتمر السادس ، وظني بالأخوين الكريمين قد أساءا للأخ الأمين العام وبالحزب عندما شخصنا القضية واختزلا الحزب في شخص الأمين العام حتى كادا أن يصورا العلاقة بين الأمين العام والأعضاء كعلاقة شيخ _ يرفع عنه الملام _ ومريدين سيمر عليهم وقت طويل قبل أن يستوعبوا مواقفه الحالية ونظره البعيد.

إن تفاعل حزبنا مع هذه المنعطفات الحالية يجب أن يرتفع لمناقشة القضايا الكبرى التي تهم الهوية والوطن وأخشى ما أخشاه أن تصدق علينا مقولة أستعيرها من المفكر المرحوم مالك بن نبي بعد واجب الاعتذار إليه لما ألحقتها بها من تحوير : " أصحاب الأحزاب الصغيرة يناقشون الأشياء، وأصحاب الأحزاب المتوسطة يناقشون الأشخاص، وأصحاب الأحزاب الكبيرة يناقشون الأفكار"

إن المرحلة حساسة و بلادنا في منعطف تاريخي، والخصوم يتربصون بمشروعنا وهويتنا ، فلا يمكن أن نستنفد جهدنا في متابعة فلان أو استقالة فلان و طلب إقالة فلان ، فوجب إحالة محاسبة بعض الأعضاء بما فيهم الأمين العام إلى وقت لاحق أو إلى المؤسسة المخولة بذلك وهي المؤتمر الوطني، إذ لا يعقل بحال أن يمر أكثر من شهر على بداية حراك المشهد السياسي الوطني وأكثر من أسبوعين على الخطاب الملكي ليتم التفكير في إحياء اللجنة الحزبية لمدارسة مشروع الإصلاحات الدستورية على عجل ، بعد طول تلكؤ ، وبعد استعجال الآخرين للأحزاب المترهلة لأن اللجنة المكلفة لها أجندة ولن تنتظر المتأخرين.

إن واجب الوقت الآن الذي ينتظره الوطن منا جميعا هو طرح إجابات واضحة وتصورات تفصيلية ، يسهر على إنضاجها وإثرائها كل طاقات الحزب ، مما سيعطي قوة وثقلا لمذكرة الحزب حول الإصلاحات الدستورية وما سيتبعها أو يواكبها من تدابير قانونية أو تنظيمية ضرورية لندخل حقا عهد " الملكية الثانية " كما أبدع في وصف هذه المرحلة الموعودة العالم المجدد الدكتور أحمد الريسوني.

نريد قيادة بحجم رجال الدولة يستوعبون كل الوطن بكل فئاته وشرائحه ، نريد عقلاء وحكماء يؤلفون ويجمعون و يرون من خلال رحابة محيط الدائرة لا من ثقب المسطرة، نريد مفكرين يبدعون ويقومون لا أن يقرضوا فقط الحواشي على المتون أو إصدار أحكام قيمة على المخالفين أو تقسيم الناس إلى فسطاطين من وازنين وآخرين غير ذلك .. نريد حزبا كبيرا يستوعب كل مفردات ومستجدات الحاضر، ويستشرف متغيرات المستقبل ،يراعي إكراهات المحيط ولا يهمل تطلعات الجماهير لأشواق الحرية والعدل والكرامة.

فهل نرتقي جميعا إلى مصاف الأحزاب الكبيرة.. فنحفظ بذلك مشروعيتنا وهيبتنا التنظيمية ونحافظ أكثر على مصداقيتنا وتعاقدنا النضالي أمام مناضلينا وناخبينا..

بخلاصة ، نريد حزبا كبيرا لا يناقش الأشخاص ، لكن يناقش وينتج الأفكار ويلتحم بالجماهير .. وإلا فإن الشعب سيسقط الأحزاب الصغيرة.

* عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.