"حقيقة هوليود جماعة البغدادي"، هكذا تمكن قيادي سابق في تنظيم "داعش" من الكشف عن كواليس تصوير "الدواعش" لأشرطة الفيديو ذات الجودة العالية، والتي تحمل رسائل تحريضية ولقطات سفك الدماء وتفجير المنشآت المدنية؛ بما فيها المساجد، حيث يستعمل تنظيم البغدادي مقاتليه لتمثيل ضحاياه والدماء الاصطناعية لإيهام المشاهدين، في مشاهد هي أقرب إلى السينما منها إلى الواقع. وظهر مقاتل يمني، يدعى أبو عطاء الصنعاني، في شريط حمل عنوان "حقيقة هوليود جماعة البغدادي"، من إنتاج مؤسسة "هداية"، المرجح انتماؤها إلى تنظيم القاعدة، وهو يكشف عن تعمد مقاتلي "داعش" إلى تصوير مشاهد تمثيلية وغير حقيقية في أشرطتها المرئية، خاصة ما يتعلق بمشاهد تبادل النار بالأسلحة الرشاشة وقتل الجنود، باستخدام دماء اصطناعية. وقال المتحدث إنه انضم إلى "داعش" في اليمن قبل سنة ونصف السنة، بعد إقناعه من طرف أحد المقاتلين بأن "مشروع الدولة الإسلامية هو الخلافة"، على حد قوله، قبل أن ينكشف ما أسماه زيف الإدعاءات "حيث لم أجد سوى تفجير المساجد والاستهتار بدماء المسلمين وتكفيرهم"، مشيرا إلى أنه كان ينتظر دوره في تنفيذ عملية انتحارية "قبل أن أكتشف، عند اقتراب الموعد، أني سأفجر مسجدا في منطقة بصنعاء". وأشار المتحدث إلى أن المكلف في "داعش" تفاجأ بسؤاله عن مكان تنفيذ التفجير، "قال لي أنت أول شخص يسأل هذا السؤال لأن من قبلك ينفذون دون معلومات"، فيما كشف أن المسجد الذي كان سيفجره يضم مسلمين سنّة "وأن داعش تبرر تنفيذها العملية بأن الحوثيين يصلّون في مثل تلك المساجد، خاصة وأنهم نفذوا تفجيراً مماثلا". وتوقف "الداعشي" السابق عند شريط أصدره التنظيم قبل أسابيع، تحت عنوان "أباة الضيم"، مضيفا أن "كثيرا من الناس انخدعوا بإعلامهم"، حيث أورد أن مسؤول الإعلام في "داعش" بمدينة حضرموت طلب من مقاتلين، ضمنهم أبو عطاء الصنعاني، الخروج، "قال لنا إن هناك فيلما قصيرا سيصدر ويحتاجون لبعض المشاهد". وتابع المتحدث، الذي لعب دور البطولة في الفيلم ذاته، أن المسؤول الإعلامي "طلب منا أن نمثل وأن نتشابك مع الجبل ونوهم أننا نشتبك مع الحوثيين"، حيث كشف الصنعاني لقطات يظهر فيها وهو ملثم، ويحمل سلاحا رشاشا، ومشتبك مع الجبال، موردا أن المشهد الثاني همّ تنفيذ دور الحوثيين وهم يفرّون من مقاتلي "داعش"، "لم يصور بسبب قدوم عوام الناس إلى منطقة التصوير". في مشهد ثالث، يضيف المتحدث أن مسؤول "داعش" في الإعلام طلب منهم "أن نوهم المشاهد أننا حوثيون، وأنهم اقتحموا علينا البيت"، وهي المشاهد التي شارك فيها، "بعد مشهد الاقتحام بدا أحدنا وقد تم قتله ليسقط على الأرض وتسيل الدماء التي لم تكن سوى اصطناعية"، وأظهر الشريط مكان التصوير وأعاد الصنعاني تمثيل كل المشاهد كما ظهرت في شريط "داعش". تأتي هذه الاعترافات في وقت كشفت فيه تقارير غربية ما وصف بهوس التنظيم المتطرف بهوليوود في إنتاجه السمعي البصري الدعائي، إذ سبق لصحيفة "إيل موندو" الإسبانية أن نشرت تقريرا أورد أن "داعش" مهووس بالأعمال السينمائية الأمريكية، حيث إن المقاطع التي تظهر في عمليات التنظيم مستوحاة من أفلام أمريكية شهيرة مثل "The Matrix"، و"American Sniper"، و"V For Vendetta"، إلى جانب ألعاب الفيديو "call of duty"، و"Grand Theft Auto"، و"Mortal Kombat". وتشير المصادر ذاتها إلى أن أزيد من 15% من الحملات التي يشنها "داعش" على مواقع التواصل الاجتماعي مستوحاة من مواد ترفيهية معاصرة، بل إنه عمد إلى "السطو" على بعض الأعمال السينمائية الغربية، كما حصل مع "أمريكان سنايبر" الذي تحول في النسخة الداعشية إلى "قناص" "داعش"؛ فيما تم الكشف أن حضور الخطاب الديني في أشرطة التنظيم لا يتجاوز 20 فيديو من أصل قرابة ألف فيديو أو فيلم بثه التنظيم على امتداد السنوات الثلاث الماضية.