احتفل العالم قبل أيام بيومه العالمي للعدالة الاجتماعية، وحلت هذه السنة ذكراها الثامنة التي اهتم بها المغرب في ذكرى تعيدنا إلى تاريخ إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 27 نونبر 2007 باعتبار 20 فبراير يوما عالميا للاحتفال بالعدالة الاجتماعية، وهي المناسبة التي احتضنها مجلس المستشارين بانعقاد البرلمان الدولي للعدالة الاجتماعية ويجمع بذلك هيئات ومنظمات دولية ووطنية لتدارس الأوضاع وأجواء الاحتقان التي يعرفها المجتمع الدولي. لكن الغريب في الأمر، أن الموعد يتزامن مع الذكرى السنوية الخامسة لحراك "20 فبراير"، الذي ترسخ في أذهان المغاربة يوما للاحتجاج والمطالبة بتحقيق العدالة الاجتماعية المحتفى بها، وكيف ينسى المغاربة هذا اليوم الذي جمعت فيه حركة 20 فبراير مئات الآلاف من المواطنين بالإضافة إلى قوى سياسية وحقوقية وجمعوية للتظاهر والاحتجاج على الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي عرفها المغرب ولا زال، من ارتفاع للأسعار والبطالة وتفشي الرشوة والفساد. وكان في مقدمة هاته الحشود التي خرجت فئة واسعة من الشباب المغربي، الذي أكد إثر ذلك بأنه لم يكن عازفا عن المشاركة في الحياة السياسية للبلاد، كما كان يروج لذلك البعض. وقد شكلت هذه الحركة ثورة في حد ذاتها كأسلوب جديد في الاحتجاج والتعبير عن مطالب المغاربة التي أدت إلى زعزعة موازين القوى، حيث شكلت حراكا سياسيا واجتماعيا داخل المغرب في وقت حساس شهدت فيه بلدان مجاورة اندلاع ثورات أدت إلى سقوط ءنظمة سياسية. نددت حركة 20 فبراير بعباراتها الثورية بمطالب الشعب، فرفع شعار " الشعب يريد إسقاط الفساد والاستبداد"، واليوم وبعد أن مرت على تلك المشاهد خمس سنوات، نطرح السؤال بالتزامن مع المناسبة العالمية حول ما تحقق من المطالب الاجتماعية والسياسية ولو بشكل جزئي على الصعيد الوطني. ويشير الواقع إلى أن عددا من تلك المطالب تم إنجازها، فكان للخطاب الملكي ل09 مارس 2011 ردود إيجابية على مطالب الشارع بأن استطاع من خلاله العاهل المغربي أن يمتص وبحكمة الغليان الذي عرفه المجتمع آنذاك.. في حين بادر النظام المغربي بإصلاحات سياسية فورية كتعجيل بتعديل الدستور وحل الحكومة والبرلمان وإجراء انتخابات سابقة لأوانها، إضافة إلى الإفراج عن المعتقلين السياسيين. وإذا كان الاحتفال باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، الذي احتضن احتفاله وتخليده مجلس المستشارين كمؤسسة دستورية، فإنها تعتبر سابقة في تاريخ المغرب المعاصر لتعلن بذلك انفتاح المملكة بمؤسساتها على منظمات وتمثيليات وطنية ودولية لمناقشة وطرح القضايا الاجتماعية على المستوى العالمي. وفيما تبقى المطالب الاجتماعية، التي تحقق جزء يسير منها، مستمرة في ظل الاحتقان الاجتماعي الذي ما زالت بوادره تطل على المغرب في إطار الاحتجاجات الفئوية، كاحتجاجات المعطلين و الممرضين والأطباء الداخليين والمقيمين والأستاذة المتدربين وغيرها.. وهو الواقع الذي لا يجعل من المغرب يشكل الاستثناء الحقيقي في المنطقة.. فما زالت المطالب مستمرة في ضمان الكرامة والعدل والمساواة والأمن والعيش الكريم للمغاربة.