دخلت العلاقة بين الحكومة، من جهة، والمعارضة مدعومة بالنقابات، من جهة ثانية، حول أنظمة التقاعد، نوعا من التصعيد، وذلك على بعد أسبوعين من عرض السلطة التنفيذية لمشاريع القوانين على أنظار لجنة المالية بمجلس المستشارين. وتم تأجيل مناقشة المشاريع الحكومية، للمرة الثانية، في لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بمجلس المستشارين، والتي كان يفترض أن تنعقد اليوم الثلاثاء، وذلك بطلب من فرق المعارضة: الأصالة والمعاصرة والاتحاد الاشتراكي والاتحاد المغربي للشغل، بعدما تم تأجيلها في وقت سابق. وبالتزامن مع التأجيل الذي شهده البرلمان، لم تستبعد النقابات العمالية الأكثر تمثيلية خوض إضراب وطني، إذا لم تتراجع الحكومة عن خطتها القائمة على ما تصفه بالثالوث الملعون، وهو الرفع من سن الإحالة على التقاعد، والرفع من نسبة مساهمة الأجراء، وتقليص المعاشات، مستنكرة تحميل الأجير ضريبة الإصلاح الحكومي لصناديق التقاعد التي يتهددها الإفلاس. المستشار البرلماني والنقابي محمد دعيدعة سجل، في تصريح لهسبريس، أن المعارك التي دعت لها النقابات في مواجهة الحكومة لم تكن في المستوى المطلوب، داعيا إلى ضرورة دراسة كل الخطوات النضالية قبل الإقدام عليها، لأن رئيس الحكومة لا يشتغل تحت الضغط. وبعدما أكد دعيدعة عدم وجود قرار حول الإضراب الوطني، نبه إلى أن "فشله في حال القيام به، ستكون له انعكاسات على العمل النقابي المغربي"، مشددا على ضرورة تحمل الحكومة لكلفة الإصلاح، وليس الموظف كما جاء في مشاريعها الحالية. في هذا الصدد، قررت الأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل، في دورة استثنائية، "مواصلة نضالها من أجل التصدي للسياسات الحكومية اللاشعبية والإجراءات التراجعية بكل الأشكال النضالية"، دون أن تستبعد "الإضراب الوطني العام، مع كل مكونات الحركة النقابية المغربية". وبحسب الميلودي مخاريق، الأمين العام، فإن نهج الحكومة في التعامل مع المطالب النقابية "ينذر باحتقان اجتماعي غير مسبوق من جراء انسداد أفق الحوار والتفاوض"، مستنكرا "الإجهاز الممنهج على المكتسبات الاجتماعية والحريات النقابية، وإصرار الحكومة على ضرب القدرة الشرائية لمختلف فئات الجماهير الشعبية؛ وفي مقدمتها الطبقة العاملة المغربية وعموم المأجورين". النقابة المذكورة سجلت، في بيان لها، أن الحكومة ظلت مصرة على إفراغ الحوار الاجتماعي من كل محتوى وقيمة، مستنكرة "محاولتها تمرير المشروع التراجعي للتقاعد، وأمام غياب إرادة سياسية حقيقية لتجنيب بلادنا تبعات مخاطر اجتماعية هي في غنى عنها". الإطار النقابي الأول في المغرب أبدى أسفه العميق لعدم جدية الحكومة واستمرارها في التعنت تجاه المطالب العادلة والمشروعة للطبقة العاملة، وإصرارها على تغييب الحوار والتفاوض الجماعي رغم كل المبادرات الصادقة للحركة النقابية، محملة رئيسها، عبد الإله بنكيران، المسؤولية فيما آلت إليه الأوضاع وما قد ينجم عنها من تداعيات.