ليس لدي أي مؤاخذات قانونية أو دستورية على موعد الانتخابات الذي صادقت عليه الحكومة في مجلسها الأخير مادام أنها تحترم الولاية المنصوص عليها دستوريا، لكن الموعد المحدد ليس مثاليا وقد يؤثر على السير العادي لبعض المقتضيات الدستورية خصوصا تلك المتعلقة بإعداد والمصادقة على القانون المالي لسنة 2017 الذي سيتم الشروع في إعداده ابتداء من شهر يونيو المقبل وفق ما ينص على ذلك القانون التنظيمي للمالية. السيد مصطفى الخلفي وزير الاتصال قال خلال ندوته الصحفية بعد اجتماع المجلس الحكومي الأخير أن هذا التاريخ لا يؤثر على أعداد القانون المالي نظر للاستمرارية المؤسسات، اعتقد أن هذا كلام وإن كان مشروعا من الناحية القانونية فإنه لا يستقيم من ناحية الملائمة السياسية وذلك للاعتبارات التالية: 1- إجراء الانتخابات في 7 أكتوبر سيجعل من المستحيل أن تضع الحكومة المنتخبة بصماتها السياسية والبرنامجية على القانون المالي الذي سيلزمها طيلة سنتها الأولى حيث ينص الفصل 48 من القانون التنظيمي للمالية على ضرورة إيداع مشروع القانون المالي لدى مجلس النواب في 20 أكتوبر على ابعد تقدير وهو ما يجعل الفترة الفاصلة بين الانتخابات وأجال الإيداع لا تتجاوز 13 يوما وهي فترة تبقى غير كافية لتضع الحكومة قانون مالي بعد اطلاعها على كافة الملفات المالية المتوفرة. 2- القانون المالي ليس مجرد أرقام جافة وتوقعات رياضية تعده بيروقراطية وزارة الاقتصاد والميزانية بل يفترض أنه يعبر عن حمولة سياسية ونوع من التدبير الحكومي لموارد ومصاريف سنة مالية وفق نموذج تنموي محدد تضع خطوطه العريضة الحكومة المنتخبة . 3- إن تكفل الحكومة المنتهية ولايتها بإعداد القانون مالي لسنة 2017 يدخل ضمن المجال الزمني للحكومة اللاحقة، وهذا ما يتعارض مع منطوق الفصل 62 من الدستور الذي حدد الولاية التشريعية التي تنبثق عنها الولاية الحكومية في خمس سنوات، ولذلك فإن تكفل حكومة بنكيران بإعداد مشروع القانون المالي لحكومة 2016 يعد بمثابة زيادة سنة في ولايتها مما يعتب تدخلا سافرا في خيارات الحكومة القادمة وترامي على جزء من زمنها السياسي، صحيح أن الحكومة المنتخبة بإمكانها إدخال تعديلات على القانون المالي لكن الأمر سيكون مكلف تشريعيا وماليا وزمنيا. 4- ينبغي ألا يغيب عن الأذهان أن القانون المالي في جوهره يعد احد الآليات السياسية والمالية لتنزيل الدستور خصوصا الفصل 88 المرتبط بتطبيق البرنامج الحكومي الذي يصادق عليه البرلمان، ولذلك فإن إشراف الحكومة المنتهية ولايتها على إعداد القانون المالي للحكومة المقبلة نوع من مس بالأساس الدستوري والتعاقدي لقوانين المالية. 5- يترتب عن ما سبق أن إعداد الحكومة الحالية للقانون المالي لسنة 2017 سيكون متناقضا مع القيم الدستورية المتمثلة في المسؤولية والمحاسبة لأنه سيدخل ضمن باب العبث ان تلتزم حكومة المنتهية ولايتها بتحقيق نسبة نمو او عجز معينة وهي تدرك أنها لن تكون توقعاتها مثار محاسبة في حالة فرز صناديق الاقتراع لائتلاف حكومي جديد 6- دفاع الحكومة عن قانون المالي بعد الانتخابات يتعارض بشكل صريح مع القانون التنظيمي المنظم لإشغال الحكومة الذي حدد على وجه الحصر الأعمال الجارية للحكومات المنتهية ولايتها وليس من ضمن تلك المهام إعداد أو الترافع البرلماني على مشروع قانون مالي ستتولى حكومة أخرى تنفيذه. لهذه الأسباب ينبغي أن تنأى حكومة بنكيران عن التقرير في المشروع القانون المالي لسنة 2017، ولضمان سير المؤسسات ما عليها سوى تحضير المعطيات المالية وترك الحكومة القادمة اتخاذ القرار ولو تطلب الأمر تأخير المصادقة إلى ما بعد دجنبر والاكتفاء بإصدار مراسيم تتضمن اعتمادات مالية لضمان سير المؤسسات كما ينص على ذلك الفصل 75 من الدستور.