أدى إقدام بعض الناشطين الأمازيغ على إحراق صورة رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، بداية في مدينة أكادير، ومرة ثانية في الدارالبيضاء، إلى حالة من الانقسام حتى داخل الحركة الأمازيغية، بين من اعتبر ذلك عملا مدانا لا يمكن تبريره، ومن اعتبر أن هذا السلوك ما هو إلا رد على قول رئيس الحكومة، بمناسبة انعقاد المجلس الوطني لحزبه: "السوسي بشحال كيعيش". ويعد إحراق صورة سياسي مغربي سلوكا جديدا على الحركة الاحتجاجية في البلاد، بعدما كان هذا التصرف حكرا على العلم الإسرائيلي، بعد كل عدوان على الشعب الفلسطيني، إذ لم يتم تسجيل مثيل له على الأقل خلال السنوات القليلة الماضية. الناشط الأمازيغي أحمد عصيد أكد أن حرق صورة بنكيران يعتبر عملا "غير مناسب ولا يتلاءم مع عمل الحركة الأمازيغية، ولا يتلاءم حتى مع الوضع الوطني أو الدولي"، حسب تعبيره، مضيفا أن "إحراق الصور طالما استهدف الأعداء، لكن بنكيران وأعضاء حزبه ليسوا أعداء، وإنما خصوم سياسيون في الحياة السياسية، يقفون ضد الحركة الأمازيغية". وأكد المتحدث أنه "ليس هناك مبرر لحرق صورة أي كان، وفي المقابل يمكن لأبناء الحركة الأمازيغية اللجوء إلى طرق في الاحتجاج أكثر إبداعا وأقوى تعبيرا، كالخروج بتصريحات قوية في وسائل الإعلام". ولفت الناشط الأمازيغي إلى أن "حرق صورة بنكيران قد يكون له تأثير عكسي، وقد يؤدي إلى أن يتعاطف معه الناس رغم أنه مخطئ؛ لأن هناك العديد من الأشخاص لا يعرفون خلفية هذا السلوك". وشدد عصيد على أن "مشكلة الناشطين الأمازيغ مع رئيس الحكومة تكمن في أنه يطلق تصريحات غير مسؤولة، إذ لا يفرق بين الفضاء الخاص، حيث يمكنه التصريح بما شاء، وبين الفضاء العام"، مردفا بأنه يجب أن تصل إلى رئيس الحكومة رسالة مفادها أن تصريحاته "غير مسؤولة"، ويجب عليه أن يتوقف عن الإدلاء بها. ومن وجهة نظر الناشط الأمازيغي فإن المغرب يبقى بلدا متقدما على مستوى الحوار في ما يخص العديد من القضايا، بما فيها الأمازيغية، مقارنة مع دول المنطقة، وأصر على ضرورة تعزيز ثقافة الحوار "لأننا أبناء وطن واحد". من جهته اعتبر عبد الله بادو، رئيس الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة، أنه يجب فهم الأسباب التي دفعت بعض الشباب الأمازيغي إلى حرق صورة بنكيران، مشيرا إلى أن هذا السلوك "دليل على درجة الاحتقان بين الفاعلين الأمازيغيين وبين رئاسة الحكومة"، ومعتبرا أن بنكيران "لا يتوانى عن إطلاق التصريحات المستفزة والمستخفة وغير المسؤولة". واعتبر بادو أن حرق صور سياسي مغربي جديدة على الشارع، لكنه أكد أن الجديد أيضا هو أن "فاعلا سياسيا أوصل الناس إلى هذا الاحتقان"، مواصلا بأن هذا التصرف مؤشر على "ضرورة جلوس رئاسة الحكومة والفاعلين إلى طاولة الحوار". وتبقى المسؤولية الأكبر من وجهة نظر المتحدث ذاته ملقاة على عاتق رئيس الحكومة، الذي عليه أن يحتوي هذا الغضب باعتباره مسؤولا عن الحكومة، "وذلك عوض الاستفزاز وتأجيج الاحتقان"، كما عليه أن "يكون مسؤولا في تصريحاته"، حسب تعبير بادو، الذي اعتبر أن طريقة تدبير الحكومة لملف الأمازيغية يستوجب "دق ناقوس الخطر".