بعْدَ سلسلة من الأشكال الاحتجاجية التي خاضتْها النساء السلاليات، للمطالبة بحقهنَّ في أراضي الجموع، وفي خضمِّ الاستعدادات الجارية لتنزيل مضمون الرسالة التي وجهها الملك محمد السادس إلى المناظرة الوطنية حول السياسات العقارية للدولة، والتي دعا فيها إلى تمليك الأراضي السلالية السقوية لذوي الحقوق، شدّدَ مسؤول في وزارة الداخلية على أنَّ أيّ جماعة سلالية ترغبُ في الاستفادة من مدّخراتها من هذه الأراضي يلزمُها أنْ تُشرك العنصر النسوي. وقالَ عبد المجيد الحنكاري، مدير الشؤون القروية بوزارة الداخلية، بلهجة صارمة، في لقاء دراسيّ نظمتْهُ فرق الأغلبية بمجلس النواب، اليوم الثلاثاء: "أيّ جماعة سلالية قدّمتْ طلبَ الاستفادّة من مدّخراتها، إذَا لمْ تُشْرك العنصر النسويَّ نُرجعُ لها ملفّاتها". وأضافَ المتحدّث ذاته: "كانقولولهوم آلرّجال، سيرو دخّلو العنصر النسوي وديكْ الساعة جيبو الملفات ديالكم"، قبلَ أن يتابع بلغة حاسمة: "وإذا لمْ يحصل ذلك يستحيل قبول الملفات". وحسب المعطيات التي قدمها مدير الشؤون القروية بوزارة الداخليّة، تعتبرُ الرشيدية منْ أكثر المناطق التي عرفتْ نموّا مطّردا لتحفيظ الأراضي السلالية، إذ سُجّل فيها أعلى معدّل للتحفيظ، بعدما جرى تحفيظ 300 ألف هكتار خلال سنة 2015. ويُتوقع أن يصلَ عدد الأراضي المحفظة إلى 400 ألف هكتار في أوائل السنة الجارية؛ علما أن مجموع مساحة الأراضي السلالية في المغرب يبلغُ حوالي 15 مليون هكتار، منها 327 ألف هكتار من الأراضي المسقيّة. وبسطَ المتدخّلون خلال اليوم الدراسي عددا من الإشكالات والمُعقيات التي تعترضُ استفادةَ ذوي الحقوق، والذين يُقدّرون بنحو 62 ألف عائلة، من الأراضي السلالية؛ ففي الوقت الذي دعا الملكُ إلى تمليك الأراضي السلالية المسقية، التي تشكّل نسبة 2.8 بالمائة من مجموع الأراضي السلالية، لذوي الحقوق، قالتْ نائبة برلمانية إنَّ التعاطي مع هذه الأراضي يجبُ أنْ يتمّ بناء على مقاربة تشاركية، وإنّ الأراضي البورية هي "المشكل العويص"، مضيفة أنَّ هناك غابات سُلالية تمنع مندوبية الغابات على أصحابها استغلالها. واعتبرَ متدخلون آخرون أنَّ ظهيرَ 1919، المنظم لتسيير وإدارة أراضي الجماعات السلالية، لمْ يعُد يساير التطورات التي يعرفها المجتمع المغربي، "ولمْ يعُدْ هناك مبرر لوجوده"، وفق تعبير أحد المتدخلين. وقال النائب البرلماني عبد الصمد الإدريسي في هذا الصد: "رغم إقرار الجميع بأنَّ القانون المنظم للأراضي السلالية متجاوز، إلا أنَّ أيّ جهة لم تبادر إلى إدخال تعديلات عليه، ولازالَ النواب متحكّمين في الوعاء العقاري، وهو ما يجعل ذوي الحقوق يعتقدون أنّ هذه الأراضي مملوكة للدولة وليس للجماعات السلالية". ووُجّهتْ انتقاداتٌ إلى "النواب" المسؤولين عن إدارة أراضي الجماعات السلالية، والذين يُقدّر عدهم بنحو 8500 نائب، إذ اعتبرَ أحدُ المتدخّلين أنهم "سببُ أغلب المشاكل التي تتخبط فيها الأراضي السلالية". واعترفَ مديرُ الشؤون القروية بوزارة الداخلية بأنَّ "النواب" يوجدُ بينهم "الصالح والطالح"، غيْرَ أنّه أكدَ على ضرورة التعاون معهم، "وعدم تأجيج غضبهم، لأنّ الشروط الزجريّة وحْدها لا تكفي"، على حدّ تعبيره. ووقفَ مدير الشؤون القروية في وزارة الداخلية عند عدمِ تدخّل المشرّع المغربي لتطوير الظهير المنظم لتسيير أراضي الجماعات السلالية، قائلا: "ربما طبيعة هذا العقار هو الذي جعل المشرّع لا يتدخل فيه، لأن أراضي الجموع ليست للدولة بل تعود ملكيتها لمواطنين".