المجر تجدد دعمها لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية    بنك المغرب يعتزم إحداث صندوق دعم لتشجيع التجار على الأداء الإلكتروني    دوري أبطال أوروبا.. إنتر ميلان يُقصي بايرن ميونخ ويتأهل لمواجهة برشلونة في النصف النهائي    الركراكي يصرح : "لدي عقد مستمر حتى كأس العالم مع المنتخب المغربي    الكاف يغير توقيت نهائي كأس إفريقيا لأقل من 17 سنة بين المغرب ومالي    "جيتكس" يشد انتباه آلاف الزوار    المغرب يجلي 369 شخصا من غزة    شغيلة التعليم تنتفض ضد العنف.. و"إضراب الكرامة" يحصد نجاحا كبيرا    مؤتمر "العدالة والتنمية"يرفض دعوة أخنوش ولشكر.. و"حماس" تحضر    نتائج إيجابية تنهي مداولات البورصة    شهيد: حجج الحكومة للدفاع عن خياراتها السياسية ضعيفة ويطغى عليها التسويف والتبرير    برلمان أمريكا الوسطى في زيارة تاريخية لمدينة العيون.. دعم كامل لمغربية الصحراء    الاتحاد الأوروبي يُنشئ قائمة "الدول الآمنة" تضم المغرب لتسريع ترحيل طالبي اللجوء    حالة الطقس .. اجواء غير مستقرة وزخات متفرقة بعدة مناطق    المغاربة يتصدرون قائمة المسجلين في الضمان الاجتماعي الإسباني    تكريم المغربي طهور يتحول إلى مهرجان حبّ في مراكش    اليد التي علمتني… -إلى روح شهيدة الواجب-    تقرير: مجموع المنشورات في المغرب خلال سنتين بلغ 3725.. 80% بالعربية والأدب في المقدمة    دي ميستورا تحت المجهر.. إحاطة مثيرة للجدل تعيد بعثة الصحراء إلى دوامة الانحياز والمراوغة    الدكتور نوفل الناصري يصدر كتابًا جديدًا بعنوان "مستقبل النظام الدولي في ظل التفاعلات الجيواستراتيجية الراهنة"    تسجيل ثالث حالة إصابة بداء الكلب في مليلية خلال أقل من أسبوعين    أسعار الذهب تبلغ أعلى مستوى لها على الإطلاق    شرطي يُطلق رصاصة تحذيرية لإحباط محاولة فرار سجين من داخل مستشفى    هل هي عزلة أم إقامة إجبارية دولية: هكذا تخلت القوى الكبرى ‮ والدول الصغرى أيضا عن دولة العسكر في الجزائر!    والدة بودريقة أمام الوكيل العام بتهمة سرقة 700 مليون من خزانة شقيقها المتوفى    المكتب الوطني للمطارات: منطقة مغادرة جديدة بمطاري مراكش- المنارة وأكادير- المسيرة    فرنسا توسع خدماتها القنصلية في الأقاليم الجنوبية: مركز جديد لمعالجة التأشيرات بمدينة العيون    بلقشور: إصلاحات "دونور" غير مسبوقة والمركب في أفضل حالاته    جامعة عبد المالك السعدي تُثري فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب ببرنامج ثقافي متنوع في دورته ال30    ملاحظات عامة عن المهرجانات السينمائية المستفيدة من دعم الدورة الأولى لسنة 2025    أنشطة سينمائية بعدد من المدن المغربية خلال ما تبقى من شهر أبريل    «أجساد في ملكوت الفن».. عبد العزيز عبدوس يفتح نوافذ الذاكرة والحلم بطنجة    تساهم في تفشي معدلاته المخدرات، التفكك الأسري، الألعاب الإلكترونية وغيرها .. تلاميذ وأطر إدارية وتربوية تحت رحمة العنف في مؤسسات تعليمية    طعنة في قلب السياسة : لماذا اعتدى شاب على نائب عمدة سلا؟    عمال الجماعات المحلية يعلنون إضرابا واحتجاجا أمام البرلمان بسبب تجاهل مطالبهم    المغرب يتسلح ب600 صاروخ أمريكي لمواجهة التحديات الجوية    هل ما زال للقصائد صوت بيننا؟    حادثة سير خطيرة تودي بحياة شاب بأكادير    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    رئيس مجلس الدولة الصيني يدعو لتعزيز الطلب المحلي في مواجهة التوترات التجارية مع واشنطن    بيلينغهام : واثقون من تحقيق ريمونتادا تاريخية أمام أرسنال    حكيمي: "الحقيقة أننا لا نهتم بهوية منافسنا.. لأنه للفوز بدوري أبطال أوروبا عليك أن تواجه الأفضل"    المنتخب الوطني المغربي للمواي طاي يشارك ضمن فعاليات البطولة الإفريقية بطرابلس    "Prev Invest SA" تنهي مساهمتها في رأسمال CFG Bank ببيع جميع أسهمها    إسرائيل: "لن تدخل غزة أي مساعدات"    كلب مسعور على حدود المغرب .. والسلطات الإسبانية تدق ناقوس الخطر    "جيتيكس إفريقيا".. توقيع شراكات بمراكش لإحداث مراكز كفاءات رقمية ومالية    وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة وشركة "نوكيا" توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز الابتكار المحلي    المغرب يعزز درعه الجوي بنظام "سبايدر".. رسالة واضحة بأن أمن الوطن خط أحمر    بطولة إسبانيا: توقيف مبابي لمباراة واحدة    وفاة أكثر من ثلاثة ملايين طفل في 2022 بسبب مقاومة الميكروبات للأدوية    دراسة أمريكية: مواسم الحساسية تطول بسبب تغير المناخ    فايزر توقف تطوير دواء "دانوغلبرون" لعلاج السمنة بعد مضاعفات سلبية    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المقاربة السادية في تدبير الشأن العام
نشر في هسبريس يوم 26 - 01 - 2016

يعتبر تدبير الشأن العام والشأن المحلي من صلاحيات المنتخبين، فهم من يتحمل المسؤولية أمام الناخبين والمواطنين عموما،وحرصا من المشرع المغربي على توفير آليات ومقاربات كفيلة بمساعدة هؤلاء المنتخبين في مهامهم والمفوضة لهم، فقد شرعن دستور 2011 المقاربة التشاركية باعتبارها مبدأ ديمقراطي يعتمد على إشراك المواطنين في تحمل جزءا من مسؤولية تدبير الشأن العام.
واستحضارا لسياق ما يسمى "الربيع العربي" و ما واكبه من تفاعل لكافة قوى المجتمع المغربي، التواقة للانتقال إلى مرحلة تجسيد الديمقراطية العملية، والتي يتفاعل فيها ومعها الفرد والجماعة، من أجل الوطن لا غير،في ظل هذه المعطيات كان رهان المواطن المغربي هو العيش على الأقل في إطار توفير أبسط مقومات الدول الديمقراطية .
مما لاشك فيه أن دستور 2011 جاء موضحا منهجية تدبير الشأن العام من جهة، ومقسما مراحل هذا التدبير بين المنتخبين وفعاليات المجتمع المدني والمواطنين من جهة ثانية، مما يفيد أن الحكومة ملزمة فقط بتنزيل مقتضيات هذا الدستور في شكل قوانين منظمة لكافة المجالات الإجتماعية والاقتصادية بل والسياسية معتمدة على إشراك الفئات المعنية، مما يعني مرة أخرى ضرورة الرجوع إلى الشعب من قصد مناقشة كيفية تنظيم شؤونه، والاستماع إلى آراء كل طبقة في ظل احترام تام لضوابط الدستور، إن كان هم الحكومة هو ترجمة الدستور المسطور إلى البناء المنشور.
إلا أن تجاوز العمل وفق مبدأ المقاربة التشاركية في ظل الحكومة الحالية، أدى إلى الإفراط في الاجتهاد التأويلي-المشخصن لمنهجية تدبير الشأن العام، وهو الأمر الذي وسع الهوة بين مدبري الشأن العام وبين الشعب، بل أصبح المنطق المعمول به هو "كل من ليس معي فهو ضدي" مما نجم عنه الخلوص إلى تبني مقاربة مبنية على إقصاء ومهاجمة بل ومحاكمة كل من ينتقد هذا التوجه الجديد في تدبير الشأن العام .
ويكفي أن نستحضر أن مجمل الملفات الاجتماعية وذات الحساسية تم تدبيرها بمعزل عن الشعب، وفق منظور أن مؤسسة رئاسة الحكومة تعرف وتعلم علم اليقين ما هو صالح للمواطن المغربي، ويكفي أن نحصي عدد الوقفات الاحتجاجية والمظاهرات التي عرفتها الولاية الحالية لحكومة الدستور الجديد والتي كانت في مجملها ناجمة عن الإفراط في تحقير الشعب من جهة ، وإقصاء غير مبرر لأراء وتوجيهات المواطنين من جهة ثانية ، أضف إلى ذلك توظيف الديماغوجية السياسية والتي تعبر في ظاهرها عن حب الوطن والمصلحة العليا لكن في باطنها و باستقراء الواقع المعاش تعكس خلاف ذلك وهو ما يؤكده الإفراط في التأويل للنص الدستوري والممزوج طيلة ولاية كاملة بنوع من "الشعبوية" والذي أدى إلى التنزيل المعوق لمبدأ المقاربة التشاركية، كمدخل لترسيخ ثقافة الإعتراف بالمواطن.
إن الإفرازات الناجمة عن سوء تدبير الشأن العام في المغرب بعد دستور 2011 ، وما رافق ذلك من تدمر لغالبية الطبقات الاجتماعية من أساتذة وأطباء وطلبة وغيرهم، وفي ظل غياب آليات الحوار والإنصات من قبل الحكومة، كلها مؤشرات تتقاطع في إيقاع نوع من العذاب والألم بالمواطنين.
يبدو أن التلذذ بايقاع هذا الألم بالآخر ( المواطن) أصبح بمثابة مقاربة جديدة في تدبير الشأن العام بطريقة رمزية أو معنوية، وذلك من خلال شرعنة الفساد بصوره المختلفة، الفساد الأخلاقي والمادي والمعنوي، من طرف الساهرين على تدبير الشأن العام خصوصا بنهج سياسة عفى الله عما سلف أو سياسة العين بصيرة واليد قصيرة، كمبررات لحمل الراية البيضاء في تحقيق إصلاح واقعي بعيدا عن الشعارات . ومما لاشك فيه ان هذه السلوكات تؤدي بالمواطن إلى الإحساس بنوع من الاحتقار والتهميش خصوصا وأن حقوقه الأساسية معرضة دوما للإنتهاك دون أدنى محاسبة . إنها نوع من السادية السياسية التي أصبحت ظاهرة مؤثثة للمشهد السياسي المغاربي عموما والمغربي خصوصا.
وقبل الحديث عن "المقاربة السادية" في تدبير الشأن العام، لا بأس من التذكير أن السادية لا تنتمي إلى حقل علم السياسة وعلم الإدارة بل تم نقلها من علم النفس لتفسير سلوكات المدبرين للشأن العام، خصوصا في ظل ارتفاع منسوب معاناة وآهات المواطنين من جراء القرارات والتدابير المتخذة باسم تدبير الشأن العام بالمغرب. والسادية باختصار هي حب تعذيب الآخرين (المواطنين مثلا) بغض النظر عن نوعية هذا التعذيب، جسدي، نفسي، معنوي، رمزي...
لا يمكن الحديث عن التقارب والانسجام بين الحكومة والمواطنين داخل هذا الوطن ، في ظل توظيف واعتماد آليات وأساليب تعود إلى القرون الوسطى والمكرسة أيضا لنوع من النفور من الوطن بل والتنفير منه، في الوقت الذي نجد أن التوجه السائد في الديمقراطيات الصاعدة هو الإهتمام بالفرد من خلال الإعتراف به كمكون وفاعل أساسي للدولة في القرن 21 ، وهو ما يدفع إلى القول بضرورة توفير شروط تحقيق هذا الإعتراف، ولعل الدستور المغربي في حديثه عن المقاربة التشاركية لمح إلى إحدى مداخل ترسيخ نظرية الإعتراف التي تعود في جدورها إلى الجيل الثالث لمدرسة فرنكفورت وبالخصوص الفيلسوف أكسل هونث ويورغن هابرماس، فهل يمكن بلوغ أهداف هذه النظرية في المجتمع المغربي في ظل اعتماد المقاربة السادية في تدبير الشأن العام .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.