في وقت حرص الشيخ العمودي على التواري عن الأنظار بشكل مثير، ومع شروع جمال باعامر في مباشرة عمليات تفويت ممتلكاته المتواجدة بكل من الدارالبيضاء والرباط ومراكش، بدأ الدائنون الأجانب يطالبون بسداد مستحقاتهم المالية، في الوقت ذاته الذي انطلق فيه ثلاثة خبراء معينين من طرف رئيس المحكمة التجارية في افتحاص الوضعية المالية لشركة "سامير"، في الشق المتعلق بأصولها وديونها طيلة السنوات العشر المالية الأخيرة، من أجل تحديد القيمة المالية الحالية للشركة التي سبق لباعامر أن أكد في تصريح ليومية سعودية أنها تبلغ 5.5 مليارات دولار، مقابل مديونية تناهز 4.5 مليارات دولار. مستحقات الدائنين المغاربة الخبراء الماليون باشروا عقد لقاءات مع الدائنين المحليين، ومن ضمنهم المصارف المغربية التي يبلغ مجموع ديونها المترتبة على "سامير" 8 ملايير درهم، والجمارك التي تبلغ ديونها المترتبة على المصفاة 13 مليار درهم، والمديرية العامة للضرائب التي تطالب بما يربو عن 1.5 مليارات درهم، وفق آخر مراجعة ضريبية أنجزتها في الفصل الأخير من سنة 2015، و800 مليون درهم المترتبة عليها بعد حلول موعد استحقاق مبالغ سندات الاقتراض التي أصدرتها في بورصة الدارالبيضاء. وفي ظل السعي الحثيث لإدارة "سامير" للحصول على حق الحماية الخارجية من الدائنين المحليين، يتساءل مصدر مسؤول في "سامير": "ما مصير الديون المترتبة لفائدة المزودين الأجانب بالمواد البترولية، الذين كانوا يتعاملون مع "سامير" قبل توقفها؟"، وهي الديون التي تفاقمت هذا الأسبوع، مباشرة بعد رفع الحظر التجاري الدولي على إيران، إذ التحقت شركتها الوطنية بركب كبار الدائنين الأجانب المطالبين بمستحقاتهم، ما زاد من تعميق مشاكل المصفاة المالية، إذ انضاف مبلغ 113 مليون دولار المستحق لفائدة شركة النفط الإيرانية. وتصطف 9 مجموعات عالمية تعمل في مجال تزويد مصافي البترول بحاجياتها من النفط الخام ومشتقاته، من أجل المطالبة بديونها المتراكمة على ذمة "سامير"، والبالغة حوالي مليار دولار. رجل الثقة اليمني هذه المجموعات الكبرى، التي كان يشرف على إدارة العمليات التجارية معها عبد الرحمان الجشاعة، رجل ثقة جمال باعامر، الذي وضعه شخصيا على رأس قطب التزويد والمبيعات، وبموافقة ضمنية من ابن بلده محمد الحسين العمودي، وجدت نفسها غير قادرة على تحصيل هذه الديون الفلكية. عبد الرحمان الجشاعة، اليمني الأصل والسعودي الجنسية، مدير قطب التزويد بالمواد البترولية والمبيعات، يعتبر المشرف المباشر على إدارات التزويد بالمواد البترولية، وتحليل النشاط الصناعي، والمبيعات المحلية، وتصدير فائض الإنتاج، والتوازن المادي للمخزونات، وكذلك المسؤول الأول عن كل التصاريح الجمركية والمينائية والتصاريح الموجهة إلى مكتب الصرف والتحويل، ولازال يعتبر أمين سر جمال باعامر، والمسؤول الثاني في الشركة المشرف على كل تدفقات المواد البترولية والتحويلات المالية المرتبطة بها. وتتم عمليات تزويد "سامير" بالنفط الخام عبر اثنين من العقود الآجلة التي كانت تفتح لها "خطابات اعتماد مصرفية مؤكدة"، واجبة الأداء بعد 20 يوما من تاريخ التفريغ، الأول منهما كان مبرما مع مجموعة "أرامكو" السعودية، التي كانت تزود مصفاة المحمدية ب1.5 ملايين برميل من النفط الخام شهريا من نوع "أرابيا لايت"، تحدد تسعيرته في العقد المبرم بين الطرفين بمتوسط سعر شهر الشحن، اعتمادا على مؤشر المعدل الشهري "ICE BWAVE"، الذي تعممه بورصة لندن. أما العقد الثاني فكان يربط المصفاة المغربية بشركة "سومو" العراقية، التي كانت بدورها تزود المصفاة بكمية 1 مليون برميل من البترول الخام من نوعي "كيركوك" و"بصرة لايت"، كان يحدد متوسط السعر لشهر الشحن اعتمادا على مؤشر المعدل الشهري "BRENT DATED"، مصحح بمعامل "OSP"، والذي تعممه بورصة لندن أيضا. وبما أن حاجيات "سامير" من البترول تناهز 4 ملايين برميل شهريا، فإن عبد الرحمان الجشاعة كان يلجأ إلى السوق الدولية، عبر إطلاق طلبات عروض فورية محصورة على بعض الموردين "المحظوظين"، الذين يجدون أنفسهم إلى جانب مؤسسات التمويل الأجنبية أمام شركة غير قادرة على سداد مستحقاتهم المالية المقدرة بما يقارب مليار دولار. ترتيب الدائنين الأجانب وتتربع مجموعة "بي بي إنيرجي"، لصاحبها الملياردير باها باساتني، الصديق الحميم لباعامر قبل اندلاع فضيحة "سامير غيت"، على رأس قائمة أكبر دائني مصفاة المحمدية، بما يناهز 122 مليون دولار، تليها شركة "فيرلاند" في المرتبة الثانية بنحو 113 مليون دولار، والتي كان من المفروض أن تسددها "سامير" قبل فرض العقوبات على إيران، التي رفعت هذا الأسبوع. وتبلغ ديون "سامير" لصالح مجموعة "كلينكور" ما يزيد عن 106 ملايين دولار، تليها مجموعة "بريتيش بيتروليوم" بنحو 86 مليون دولار، ثم "فيتول" بنحو 50 مليون دولار؛ بينما بلغت الديون المستحقة لفائدة مجموعة "سوكار" 37 مليون دولار، ثم "ليتاسكو" بما يزيد عن 22 مليون دولار، و"بيتراكو" بما يقارب 16 مليون دولار، ومجموعة "كونفور" ب8 ملايين دولار. وسبق ل"سامير" أن أبرمت عقد تمويل مسبق، يتم بموجبه ضخ مبلغ مالي في حساباتها، مقابل التزامها بتصدير المواد البترولية المكررة مقابل قيمة المبلغ والفائدة المترتبة عنه لمدة سنتين، وذلك مع كل من كلينكور بقيمة 300 مليون دولار، وبريتيش بيتريليوم بقيمة 200 مليون دولار. ويقدر المبلغ الجاري المتبقي منهما حاليا 110 ملايين دولار و63 مليون دولار على التوالي. وتجدر الإشارة إلى أنه في كل عمليات استيراد النفط الخام كانت "سامير" المشرفة على عمليات استئجار سفن الشحن، والتي كانت تترتب عنها غالبا غرامات تأخير، نظرا لطبيعة البنية التحتية لميناء المحمدية، وهي الغرامات التي يُجهَل مجموع قيمتها إلى حدود شهر غشت 2015، يقول مصدر هسبريس، متسائلا: "هل يفجر غضب الموردين الأجانب لسامير إمبراطورية العمودي في لندن؟".