لماذا الاقتران بين الثقافة والحرية يتساءل جابر عصفور المفكر والناقد المصري ، وزير الثقافة السابق، في معرض حديثه عن عنوان كتاب جديد صدر له بعنوان " عن الثقافة والحرية". أولا, يجيب جابر عصفور في تقديمه لكتابه الصادر عن مؤسسة " الأهرام "للنشر المصرية ، لأن الثقافة مرادفة للحرية والشرط الأول لحضورها وازدهارها ، بوصفها أفقا من الوعي المفتوح على المستقبل الواعد في كل مجال، والذي "يدرك حضوره الخلاق في تمرده على كل ثقافة منغلقة على أية سلطة تحول دون حرية الإنسان في أن يصنع لنفسه ولغيره عالما حرا ، تقترن فيه الحرية الفردية بالحرية الاجتماعية " . وثانيا - يضيف جابر عصفور- لأن مضامين الكتاب "تدور كلها حول الثقافة من حيث هي سلطة معرفة، ووعي ملازم للحوار ، ونقيض حتمي لكل أشكل التمييز ، وأفق لا نهائي من الحرية بكل أنواعها ". إنه جابر عصفور، " الباحث دائما عن حرية التعبير، صاحب العقل المستنير"، هكذا قالت عنه أمل الصبان، الأمينة العامة للمجلس الأعلى للثقافة، خلال ندوة تخللت حفلا لتوقيع كتاب "الثقافة والحرية" أقيم في نهاية الأسبوع الماضي بالقاهرة ، بحضور كوكبة من المفكرين والمثقفين المصريين ، منوهة بهذا الكتاب"الذي يدافع عن حرية الثقافة والإبداع، وحرية الوطن والمواطن". وأضافت أمل الصبان، أن جابر عصفور يدافع في هذا الكتاب عن الثقافة والمعرفة والحرية، وقالت " فهو الناقد الأدبي الذي حوóل النقد الأدبي إلى تنوير وتثقيف،وهو حائط الصد والمدافع الأول عن حرية المواطن داخل الدولة المدنية"، مستعرضة تجربته وهو في منصب أمين عام المجلس الأعلى للثقافة بمصر ، وما كان في هذه التجربة من "إيجابيات أحدثت تغيرا في الاستراتيجية الثقافية". ومن جهته أكد الكاتب محمد الشاذلي، أن جابر عصفور ، في كتابه، "ما زال يقف بين الثقافة والحرية في رحلة حياته الفكرية" ، وأشار إلى أن الجمع في العنوان بين "الثقافة والحرية " يلخص موقف جابر في كل حياته المهنية والفكرية، ويؤكد إيمانه بالثقافة، ك" سلطة لها تأثيرها الفعال في حركة المجتمع سواء بالإيجاب أو بالسلب، ولكن تأثيرها مؤكد في كل الأحوال". وأضاف أن المؤلف ينتصر لثقافة التقدم ويسعى إلى الإيمان بالعقل والمنهج العلمي وثقافة الحوار وحق المعرفة لكل مواطن، وقال إن "الكتاب عريضة دفاع لحرية الثقافة والمعرفة والإبداع وضد التمييز الديني، كما أنه انتصار للتنوع الثقافي وسعي وراء ثقافة المستقبل". وقال أحمد السيد النجار، رئيس مجلس إدارة مؤسسة (الأهرام)، الذي قدم درع المؤسسة كهدية لجابر عصفور، تقديرا لدوره في خوض معركة التنوير بمصر ،ولكونه "من أبرع النقاد في العصر الحديث"، إن أهمية الكتاب،تكمن في كونه " يضم مجموعة رسائل تنويرية مهمة"، حول أهمية الثقافة في تحقيق الانتصار لحقوق الإنسان، وأن "هوية الوطن هي القاعدة الأساسية في الثقافة وقيمتها في تغيير السلوك والتطور الثقافي". ومن جانبه، أشار المفكر السيد يسين، إلى أن جابر عصفور ،حاول في كتابه " عن الثقافة والحرية " أن يشخص سلبيات الثقافة المصرية، مقدما الحلول، "كما تناول الفرق بين ثقافة التخلف وثقافة التقدم، محددا مفردات كل ثقافة من هذه الثقافات، وكيفية تحليل ثقافة التخلف في المجتمع المصري مطبقا المؤشرات الكمية لوصفها بأن معدل الأمية بلغ 26 في المائة من الشعب المصري، وكيف نعيد صياغة المجتمع صياغة حقيقية تعطي للناس حقوقهم" كما تطرق ياسين إلى فهرسة وتقسيم الكتاب إلى عدة أقسام، مسلطا الضوء على "كارثة الثقافة المصرية وأحوالها وكيفية إنقاذها". ومن جهته، أشار رفعت السعيد المفكر والسياسي المصري ، إلى عدة نقاط في كتاب "عن الثقافة والحرية" شدت انجذابه له وتعكس مدى الترابط الشديد بين التنوير والحرية والديمقراطية والمواطنة والعدل الاجتماعي، وقال إنه "بدون عدل اجتماعي لن يكون هناك شيء آخر". كما ناقش رفعت السعيد "نقطة مهمة "في الكتاب تحدث فيها جابر عصفور عن تقسيم المثقفين إلى مجموعتين، إحداهما تدافع عن الحرية والتنوير، والأخرى من المثقفين المتخلفين. وفي كلمة لجابر عصفور، ردا على ما قيل في الكتاب خلال الندوة التي تخللت حفل توقيعه ، أشاد بالملاحظات والمناقشات التي تناولت بعض القضايا التي أثيرت في المؤلف ، مؤكدا على ضرورة وجود تعليم متميز يفرز أدباء ومفكرين مثل نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس. كما أكد ضرورة تجديد الخطاب الديني، وقال إن " الخطاب الديني خطاب ثقافي في أول الأمر، ودين الإسلام دين سماحة". وكتاب " عن الثقافة والحرية " هو كتاب من القطع الكبير من 423 صفحة ،ويتكون من أربعة أقسام، تناول فيها جابر عصفور محاور كبرى هي " عن الثقافة "، و" دفاعا عن حرية الفكر والإبداع " و " ضد التمييز الديني والإعتقادي" ، و" ثورة 1919 من منظور مغاير". * و.م.ع