يروج بعض المتحمسين لمشروع فصل التوظيف عن التكوين "ضمانات" وحلول غير منطقية في اطار دفوعاتهم لتلميع صورة الفصل، والتي تدل على ان فصل التوظيف عن التكوين لا يراعي الجودة المطلوبة. فعلى سبيل المثال يروج انه في اطار هذا الفصل سيتم اجراء مباريات للتوظيف، فيتم ادماج الناجحين من المؤهلين في القطاع العمومي. اما والراسبون فسيقترحون على القطاع الخاص لتوظيفهم، اي ان التوظيف في القطاع الخاص يأتي من حيث الاهمية في الدرجة الثانية من اهتمامات السياسات العمومية. يحق لكل متتبع ان يتساءل هل لا تعنينيا الجودة بالقطاع الخاص ؟ ولماذا نقترح عليه الراسبين ولا نقترح عليه المتميزين ؟ ألن يؤثر ذلك على نظرة القطاع الخاص الى من سيستقبلهم فينقص منهم ويعتبرهم "شياطة" لا تستحق ادنى شروط العمل ؟ الا يتنيه هذا الفهم عن التعاقد معهم مقابل ظروف عمل جيدة واجور محترمة ؟ وكيف سيتفاعل القطاع الخاص عامة الجاد خاصة مع هذه الرؤية السلبية التي تحدد نصيبه من الاطر "المؤهلين" في فئة الراسبين ؟. نتوقع ان يخلق هذا التصور لدى من لم يوفق من المؤهلين في المباريات عقدا نفسية، تؤثر على ادائهم، وان دفعهم الى القطاع الخاص بمثابة عملية انتقامية من الفاشلين . قبل ذلك نعتقد ان الجواب الاول من القطاع الخاص، وتعامله مع الخريجين سينطلق من هذه التحليلات، وسيعتبر كل مؤهل يتقدم اليه ولو كان الاول في دفعته من الراسبين غير الاكفاء. وربما سيمتنع عن استقبال خريجي مؤسسات التأهيل والتكوين تفاديا لما قد يضر سمعة القطاع في المجتمع. فإقرار القطاع الخاص الانخراط في مشروع فصل التوظيف عن التكوين، وقبول تشغيل خريجيه سيشكل ضربة عميقة ل سمعته في المجتمع. والاكيد ان الكثير من الاباء واولياء امور المتعلمين ستتضاءل لديهم جدية هذا القطاع، ومن حقهم ان يتخوفوا على مستقبل ابنائهم في حال قبول القطاع الخاص بتوظيف من سبق لهم ان رسبوا في اختبارات ولوج القطاع العمومي. ينبغي ان نعلم انه ضمن القطاع الخاص مؤسسات جادة، تبحث عن كفاءات اعلى واكثر تأهيلا من الاطر والنخبة التي يعتبرها القطاع العمومي "كوادر" مفششة. وانه بعد عمليات التنقيب المضني لم يستطع الخصوصي العثور على الطاقات التي تناسب ما سيناط بها من مهام وخدمات في كثير من القطاعات خصوصا التعليم. فضمانا لجودة الموارد، يعمل العديد من مؤسسات القطاع الخاص على تكوين مواردها البشرية. وتصرف لاجل ذلك ميزانيات ضخمة، وتعتمد ضمن مشروعها الاستثماري برنامج التكوين المستمر والمرافقة والمصاحبة الدائمة. لهذا فان تخصيص القطاع الخاص بالراسبين من المتدربين، يعبر عن تصور لا زال بعيدا عن اعتباره شريكا اساسيا في التنمية وقاطرة يمكنها ان تنهض بقطاعات ستتخلى عنها الدولة لصالحه. فما دمنا ننظر اليه بدونية، ونخصصه بالكفاءات الاقل تأهيلا فذلك من اكبر معضلات فصل الجودة عن التكوين، وان فصل الجودة عن الخريجين الموجهين الى القطاع الخاص سيعتبر من معضلات فصل التوظيف عن التكوين. يعتبر قطاع التعليم مجرد مثال من القطاعات الخصوصية كالصحة والنقل والمالية... التي تقدم خدمات اجتماعية، لا تحتمل غياب الجودة، ولا تقبل ان تخصص لها الكفاءات المتواضعة من الخريجين. لذا فان تداول توجيه الراسبين الى القطاع الخاص، ستكون له انعكاسات ذات ابعاد متعددة، ستجعل القطاعات الخاصة متهمة بغياب الجودة. *أستاذ باحث -المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين