بعد المنع الذي تعرض له نُشطاء إسلاميون مغاربة من تأسيس هيئة "رساليّون تقدميون"، عام 2013، بداعي أنهم "شيعة"، أطلق المعنيون بالمعطى دعوة لتأسيس ما وصفوه ب"تيار رساليّ تقدميّ، كبديل فكري وسياسي، يهدف إلى مواجهة التخلف والتطرف، مقابل فشل اليمين الإسلامي"، بتعبيرهم المشير إلى حزب العدالة والتنمية. وأصدر خمس نشطاء مغاربة وثيقة "من أجل بديل رساليّ تقدميّ بالمغرب" موقعة بأسمائهم إلى جانب "الرساليّون التقدميون"، تحيل إلى مبادرة قالوا إنها تجمع "فعاليات مغربية مستقلة انحدرت من تجارب حركية مغربية مختلفة"، وهي الخطوة التي ترصد، من منظورهم، "أعطاب التحول الديمقراطي والمشاركة الشعبية في العملية السياسية؛ أهمها القوى الرجعية وقوى الانتهاز". وتوقف النشطاء عند ما قالوا إنه "فشل اليمين الإسلامي في تدبير الحكم وانطلاقة الموجة الثانية من التغيير"، في إشارة إلى حزب العدالة والتنمية، بحسب ما صرح أحد الموقعين على الوثيقة لهسبريس، وهو عبد الرحمان الشكراني، الذي أكد، انطلاقا من المبادرة، "عدم قدرة اليمين الإسلامي على ضبط الحدود الفاصلة بين المشروع الإسلامي التقدمي وبين الرأسمالية الاقتصادية، ظهر معه متماهيا مع المنظومة الاقتصادية الغربية وأبعد عن شعاراته الإسلامية". ويتهم النشطاء حزب العدالة والتنمية ب"الإضرار بحقوق الأقليات الدينية والمذهبية والمرأة وانخراطه في مشروع مناهض للحريات الفردية وحقوق الإنسان"، فيما ترى الوثيقة ذاتها أن الخطاب المذهبي والطائفي طاغٍ لدى هذا "اليمين الإسلامي"، إلى جانب "النزعة الشمولية لديه والرغبة في الاستئثار بالحكم، والتهديد باستعمال قوة الفوضى لتثبيت الامتيازات"، مع "عدم القدرة على الوفاء لشعارات ربيع الثورات (مناهضة الفساد والاستبداد) والتكيف مع الفساد والمصالحة معه بتوظيف ديني (عفا الله عما سلف)". وتهدف هيئة "رساليون تقدميون"، المزمع إطلاقها في القادم من الأيام عبر إعادة تقديم ملف تأسيسها لدى السلطات، إلى "الدفاع عن حقوق الأقليات الدينية والمذهبية، والقبول بالاختلاف والتنوع الثقافي والعرقي و الديني والإثني وبحرية المعتقد"، و"إيجاد دولة مدنية حديثة، وتجريم كل أنواع التمييز على أساس الجنس والثروة واللون والمعتقد"، و"استقلالية الحقل الديني عن الحقل المدني، وضمان حيادية المؤسسة الدينية الرسمية عن منطق التجاذبات السياسية والإيديولوجية". عبد الرحمن الشكراني أكد أن المقصود ب"اليمين الإسلامي" في الوثيقة هو حزب العدالة والتنمية، فيما نفى أن يكون الواقفون وراء المبادرة هم "شيعة مغاربة"، موضحا: "التيار الذي نؤسس له ليس تيارا خاصا بالشيعة، بل هو كوكتيل يشمل يساريين وملحدين ولا دينيين وشيوعيين وشيعة وسنة"، مضيفا أن الغرض الأساسي يبقى "جبهة عريضة لمواجهة الفكر الوهابي في المغرب". وتابع الشكراني، في تصريح أدلى به لهسبريس، أن حكومة عبد الإله بنكيران "آذتنا وهاجمتنا ومنعتنا من التأسيس حين تقدمنا بذلك عام 2013 لأننا نؤمن بالمؤسسات الدستورية"، موردا أن المنع تم بدون مبررات، حيث: "مورس علينا حظر عملي مثل ما حصل للاتحاد الوطني لطلبة المغرب منذ عقود، فمنعنا دون أي ورقة إثبات تمنعنا قانونيا". وكشف الناشط ذاته أن "الدولة منعتنا لأنها ترانا شيعة، وهذا هو عمق المشكل، لأن الواقفين وراء هذا التيار هم مجموعة من النشطاء المنتمين لمختلف التوجهات السياسية والمدنية ممن رأوا الحاجة ملحة في مواجهة الإرهاب ضمن خندق واحد"، موردا: "صحيح أن هذا التيار يضم نشطاء شيعة لكنهم ليسوا وحدهم"، على حد تعبير الشكراني.