عاد رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، هذا الأسبوع بمجلس المستشارين، إلى ترديد عبارة "مافراسيش" للتأكيد على أنه لم يكن على علم بالتدخل العنيف ضد احتجاجات "أساتذة الغد"، والتي سبق له أن استعملها في أزمات حكومية مع وزرائه داخل الحكومة؛ بداية بخلافه مع وزير الفلاحة، عزيز أخنوش، ونقل صلاحيات الآمر بالصرف في صندوق تنمية العالم القروي، البالغ قيمته 55 مليار درهم، من رئيس الحكومة إلى وزير الفلاحة. وعاد رئيس الحكومة ليرفع شعار "ما فراسيش" في وجه وزير التربية الوطنية، رشيد بلمختار، و"يقرعه" على إصدار مذكرة فرنسة المواد التعليمية، بدعوى أنه لم يكن على علم بأمر المذكرة ولم يتشاور معه بلمختار قبل إصدارها، ويطالبه بسحبها، وهو الطلب الذي لم يمتثل له بلمختار إلى حدود الساعة، على الرغم من مرور شهر على ذلك. وعلى الرغم من أن بنكيران أقسم، في مجلس المستشارين، أنه لم يكن على علم بتعنيف أساتذة الغد، إلا أن وزير الداخلية، محمد حصاد، تحدث، قبل قسم بنكيران بساعات، على أن التدخل تم بالتنسيق مع رئاسة الحكومة، كما أن ذلك جعل الكثيرين يتساءلون عن الأمور التي "يعلمها بنكيران داخل الحكومة"، خصوصا وأنه يخرج أمام المواطنين في كل مرة ليعلن أنه "ما فراسوش" في قضايا مهمة تسترعي اهتمام فئة معتبرة من المواطنين. من جهته اعتبر أحمد البوز، أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق أكدال بالرباط، أن التناقض بين تصريحات حصاد وتصريحات بنكيران حول تعنيف أساتذة الغد "يعتبر خللا في التدبير الحكومي"، مشيرا إلى أن بنكيران "يعرف حساسية الظرفية الحالية وبأننا في سنة انتخابية، لذلك فهناك تخوف من تأثير هذه الملفات على الانتخابات التشريعية". وأكد البوز أن الدستور الحالي يمنح لرئيس الحكومة صلاحيات واسعة لتدبير الشأن العمومي، مواصلا أن تصريح بنكيران بكونه "لا يعلم"، والتصريحات المتناقضة بين المسؤولين الحكوميين، تنم عن "غياب الشجاعة السياسية"، خصوصا وأن عددا من قادة العدالة والتنمية اعتبروا أن التدخل العنيف في حق الأساتذة هو مؤامرة على حزب "المصباح"، "بغرض توسيع الهوة بين الناخبين"، وهي التصريحات التي اعتبرها البوز تنم عن تخوف من تأثير هذه الأحداث على الانتخابات المقبلة. وشدد البوز على أنه في حال كان رئيس الحكومة يعلم بالتدخل في حق الأساتذة "فهي مصيبة"، وإذا لم يكن يعلم "فتلك مصيبة أكبر"، في نظر البوز، على اعتبار أن القانون والدستور ينصان على أن رئيس الحكومة هو المسؤول عن الشأن الحكومي بما في ذلك الإدارة الأمنية، و"أن لا يعلم رئيس الحكومة بما وقع على الصعيد الأمني فهذا يعني أنه لا يقوم بدوره الدستوري والقانوني"، بتعبير البوز. ويرى البوز أن سلوك بنكيران والظهور بمظهر من لا يعلم بما يدور في دواليب حكومته "يعيدنا إلى الوزير الأول وليس إلى رئيس حكومة، وبالتالي العودة إلى دستور 1996 عِوَض دستور 2011". ولفت البوز إلى أن تبرير التدخل بالإيحاء إلى وقوف العدل والإحسان وراء احتجاجات الأساتذة المتدربين "هو أكبر خدمة تقدم لجماعة العدل والإحسان"، موضحا أن هذا التبرير "يعطي تصورا عن الجماعة بأنها قادرة على التعبئة بهذا الشكل الكبير". وحول عدم قانونية التظاهرات التي نظمها أساتذة الغد، أكد البوز أن جميع المسيرات والتظاهرات التي لا تنظمها الجمعيات والأحزاب والنقابات هي مسيرات غير قانونية، "ولكن كيف سيدافع هؤلاء الشباب عن حقوقهم، خصوصا وأنهم التزموا بالسلمية ولم يقوموا بأي سلوك عنيف".