أكدت نزهة الوفي النائبة البرلمانية بمجلس النواب عن حزب العدالة والتنمية، المقيمة بايطاليا، على أن ثورة الشعب العربي في تونس ومصر التي أسقطت الاستبداد والثورة الجارية بالعالم العربي، جعلتنا نعيش لحظة يجب أن تنهي طبيعة العلاقة غير المشرفة التي كانت تحكم علاقة الغرب بالعالم العربي والإسلامي، داعية خلال مشاركتها في الندوة التي نظمها الحزب الديمقراطي الإيطاليPD بمدينة طورينو، بعنوان "موجة التغيير بالعالم العربي والعلاقة مع الغرب: آفاق الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان" يوم الجمعة 11مارس2011، إلى إعادة النظر في تلك العلاقة التي ظلت مؤسسة على مقاربة جيوسياسية أمنية ونفعية بالحرص على المصالح الاقتصادية للغرب دون مبالاته بدعم الديمقراطية والحرية واحترام حقوق الإنسان والكرامة للإنسان العربي، تقول الوفي :" يجب على المحبين للديمقراطية والحرية والكرامة أن يطالبوا الحكومات بإعادة النظر في هذه العلاقة بشكل ينسجم مع مبادئ غرب الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان لا أن يتم وضع هذه المبادئ جانبا عندما يتعلق الأمر بحماية مصالح الغرب"، مضيفة ب"أن هذا دور المواطنين والسياسيين ومنظمات المجتمع المدني للضغط على الحكومات الغربية". ومن جهة أخرى أكدت الوفي، على أن الثورة أسقطت فزاعة الإسلاميين التي كانت داعمة للآلة الاستبدادية منذ قديم، في ترويج الخوف الأصولي، وهو ما تبناه الغرب في تنميط الإسلاميين بل وحتى المسلمين و"شيطنة" هذه الفئة من الناشطين سياسيا وعدم أخذ بعين الاعتبار لأي تمايز بينهم، مستغربة في هذا الصدد كيف يقبل الغرب تولي مجموعة من الأحزاب ذات المرجعية الدينية الحكم أكثر من مرة كما هو الشأن في بلجيكا، وعندما يرتبط الأمر بأحد تلك الأحزاب بالعالم العربي يتم وضعها داخل المربع الأسود، مربع الأصولية والتطرف، داعية الغرب إلى التحقق من الحجة الدائمة لعدد من الأنظمة في تبرير وجودها وهيمنتها ونظامها الكلي بفزاعة الإسلاميين، كما ظهر ذلك في الحالة التونسية والمصرية، تقول الوفي :" لا يمكن إنكار التطورات الهائلة التي شهدتها الحركة الإسلامية بتونس وكذا بمصر والمغرب على المستويين النظري والعملي، في تبنيها لقيم التعددية والديمقراطية وتوسيع حدود المرجعية ورفضها لأي عمليات عنفية"، مبرزة بأن الغرب تعرف على نموذج قريب من بعض الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية وهو النموذج التركي للعدالة والتنمية، والأكثر قربا من طرحه عربيا حتى الآن. وأكدت الوفي في موضوع متصل على أن العالم العربي يريد فعلا ديمقراطية حقيقية، وأنه يستطيع إعمال التعددية من خلالها وأن الإسلام عامل إغناء وليس عامل عرقلة، مشددة على أن المواطن العربي لم يعد يطيق مشاهدة الغرب ذلك المهووس بالإسلاموفوبيا والخوف الأصولي، بل يريد أن يرى غربا داعما لحقوق المواطنة والعدالة الاجتماعية غير القابلة للتأجيل. وفي معرض حديثها عن الحالة المغربية، قالت الوفي :" إن المغرب منذ 1999 حاول تدشين عهد جديد بخوض مجموعة من الإصلاحات في العشرية الأولى ميزته على المستوى الإقليمي والعربي من خلال طي صفحة الماضي، والقطع مع سنوات الرصاص وانتهاك حقوق الإنسان"، مشيرة إلى أنه "امتحان خاضه المغرب ولا يزال يخوضه، وأعتقد أن المتغيرات الإقليمية تفرض على الدولة المغربية القيام بكل ما يجب القيام به من ضمانات وإعداد المناخ المناسب من أجل تدشين عهد مغرب يحترم حقوق الإنسان، فضلا عن باقي الإصلاحات الأخرى التي ميزت المغرب، ومنها مدونة الأسرة ومدونة الشغل"، مضيفة بأن "العشرية الثانية لحكم محمد السادس فتحت ورش له علاقة بالإصلاح المؤسسي بالمغرب، وهو ورش الجهوية الموسعة كخيار استراتيجي، تعنى بالحكامة الترابية"، لكن تستدرك الوفي قائلة :" وهذا لا يدفع إلى القول بأن المغرب قد طوى بشكل نهائي ملف الجيل الأول من الإصلاحات، فنحن نثمن هذه الإصلاحات المميزة للمغرب التي فتحها في العشرية الأولى المتعلقة بالإصلاحات ذات البعد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، لكن نؤكد أن المغرب يستطيع المضي بأسرع مما هو الحال عليه إذا كانت هناك إرادة قوية وفعلية للإصلاح والقطع مع ما عاشه المغرب في السنوات الأخيرة من تراجعات على مكتسبات الفترة الجديدة، سيما التراجع على المستوى السياسي بتدخل السلطة بإحداث حزب سلطوي بحلة جديدة . وأكدت الوفي، من جهة أخرى، على أن المتغيرات العربية كان لها أثر كبير بالمغرب حيث عرف حراكا احتجاجيا كبيرا كانت له عناوين اقتصادية واجتماعية وسياسية، وأجاب يوم 9 مارس الخطاب الملكي على العديد من المطالب التي كانت تنادي بها القوى السياسية والنقابية والشبابية المغربية"، مؤكدة بأنه "إشارة ذكية وقوية من الدولة المغربية لتدشين عهد جديد حيث دعا الملك إلى مراجعة دستورية تصل إلى وضع ملامح دستور جديد في محاولة للجمع بين الملكية والديمقراطية، بالانتقال من ملكية تنفيذية إلى ملكية متوازنة تُقتسم فيها السلطة بين المؤسسة الملكية والوزير الأول"، وفي هذا السياق طالبت الوفي باتخاذ قرارات أخرى مثل العفو عن المعتقلين السياسيين، وكل المظلومين ورسم مرحلة جديدة فعليا لمغرب المواطنة والكرامة واحترام حقوق الإنسان من أجل أن تربح بلادنا رهان الانتقال الديمقراطي ويصبح رائدا في المنطقة.