بعد مسيرة الدارالبيضاء، والإضراب الوطني في الوظيفة العمومية والجماعات المحلية، انتقلت المركزيات النقابية الأربع الأكثر تمثيلية، وهي الاتحاد المغربي للشغل، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد العام للشغالين بالمغرب، (انتقلت) إلى تفعيل الخطوة الثالثة من برنامجها التصعيدي ضد الحكومة، بخوضها اعتصاما أمام مبنى البرلمان بالعاصمة الرباط. وتتهم المركزيات النقابية الأربع الحكومة بأنها "لا شعبية، ولا اجتماعية"، وب"تغييب الحوار الاجتماعي وضرب المكتسبات التي راكمتها الطبقة العاملة بنضالاتها المريرة". بينما ملف التقاعد، بعدما حسمت الحكومة في تنزيل المشروع الإصلاحي الذي جاءت به دون الالتفات إلى معارضة النقابات، تصدّر الأسباب التي دفعت بالمركزيات النقابية الأربع إلى الاعتصام أمام البرلمان. وقالت النقابات المعنية، في بلاغ مشترك، إن خطوتها الاحتجاجية الجديدة تروم التأكيد على "رفض المخطط الحكومي التراجعي" في مجال التقاعد. وتعارض النقابات المرتكزات الأساسية التي بنت عليها الحكومة مشروعها لإصلاح نظام التقاعد المتعلق بالوظيفة العمومية، والمحددة في الرفع من الاقتطاعات، والرفع من سن التقاعد، وتخفيض المعاشات. وبدا عدم الانسجام جليا في تجمّع مناضلي المركزيات النقابية الأربع أمام البرلمان، إذ غاب التنسيق على مستوى ترديد الشعارات، لكنّ مضمونها توحّد في توجيه انتقادات حادة لحكومة بنكيران، خاصة في الشق المتعلق بالسياسة المتبعة من طرفها في المجال الاجتماعي، والتي قال المحتجون إنها أدت إلى تدهور الوضعية الاجتماعية والاقتصادية لعموم الموظفين، وتدهور قدرتهم الشرائية. وطالب المحتجون حكومة عبد الإله بنكيران، التي وصفوها ب"حكومة الديباناج"، بالرحيل، ورددوا شعارات منددة بها من قبيل: "يا بنكيران يا مسؤول هادشي ماشي معقول... عيّيتينا بالتماطل"، "allez dégage"، "يا حكومة المهزلة". وحضرت قضية الأساتذة المتدربين الذين تعرضوا لتدخل أمني عنيف يوم الخميس الماضي خلال تجمع المركزيات النقابية الأربع أمام مبنى البرلمان، من خلال رفع لافتات تحمل عبارات منتقدة لما طال الأساتذة المتدربين، وترديد شعارات من قبيل: "بالروح بالدم نفديك يا أستاذ"..."يا أستاذ ارتاح ارتاح سنواصل الكفاح". الكاتب العام الوطني للاتحاد الوطني للموظفين والموظفات، التابع للاتحاد المغربي للشغل، قال في تصريحات صحافية إن الاعتصام الذي دعت إليه المركزيات النقابية الأربع يأتي للاحتجاج على "سياسة فرض الأمر الواقع التي تنهجها الحكومة، وانفرادها بملف التقاعد، وإخراجه من دائرة اللجنة الوطنية التي سهرت على إعداده، واتخاذ قرارات ومشاريع قوانين تكرس الحيف"، على حد تعبيره. وفي حين أبدت الحكومة تمسكها بالدفع بمشروع إصلاح نظام تقاعد الموظفين العموميين، الذي أحالته على البرلمان، قال الهندوس إن "المشروع لن يحلّ الأزمة التي تعاني منها المعاشات، بل سيؤجلها إلى سنة 2022"، مضيفا أن "المركزيات النقابية تطالب بإخراج مشروع القانون الذي أعدته الحكومة، وإعادة طرحه على طاولة النقاش"، كما دعا الحكومة إلى بدء حوار اجتماعي "جدّي ومسؤول"، وتطبيق ما تبقى من بنود اتفاق 26 نونبر 2011.