شكل نقل "دوزيم" لفعاليات احتفالات المولد النبوي بالزاوية البودشيشية، ضمن مادة إخبارية، مناسبة من أجل توجيه الشيخ السلفي عبد الحميد أبو النعيم لاتهامات ثقيلة نحو "القناة الثانية"، واصفها إياها ب"القناة الصهيونية التي تأخذ أموال المسلمين في هذا البلد بغير حق"، وفق تقييمه. أبو النعيم، الذي بث مقطع "فيديو" جديد، عبر حسابه الرسمي بموقع "يوتوب"، هاجم الزاوية البودشيشية واحتفالها بذكرى المولد النبوي، وقال: "الدين عند الله الإسلام، ومن يبتغي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه"، ثم شدد على أن "التصوف عرف عددا من المراحل، ولم يكن في البداية يشهد البدع والخرافات"، على حد تعبيره، مؤكدا أن "المرحلة الثانية منه في التاريخ الإسلامي شهدت تصوف المريدين وإشاعة البدع والأهواء، وتقديس الشيوخ والخرافات والدجل، وهذا ما لم يكن لدى تصوف العابدين، ثم جاءت المرحلة الثالثة، وهي تصوف العارفين، وهي الحلول والاتحاد ووحدة الوجود والأقوال المناقضة البعيدة عن التوحيد، والمذاهب الفاسدة التي نزل القرآن لإبعادها وإبادتها"، يقول أبو النعيم. وزاد المتحدث ذاته أن "الصوفية كانت من أدوات التحكم الاستعماري، ووسيلة من أجل دعوة الناس إلى طاعة اليهود والنصارى؛ ولذلك فإن الماسونية والصهيونية والعولمة تريد إسلاما صوفيا مليئا بالبدع، وتسخر من أجل ذلك أقلامها وبرامجها لمناصرة التصوف الخرافي والدجل، الذي لم يكن عند تصوف العابدين". وواصل أبو النعيم هجومه على الطريقة البودشيشية بالقول إنها "مليئة بالخرافات والأوهام"، وإنها "مليئة بالمجاهيل، ولا دليل لها لكي تنتسب إلى آل البيت"، على حد تعبير الشيخ السلفي، الذي اختار التعبير عن وجهة نظره من نافذة موقع "يوتوب". في مقابل ذلك، علق منتصر حمادة، الباحث في الحركات الإسلامية، على رأي "السلفي عبد الحميد" بالقول: "عندما تصبح الحرية غير مسؤولة فمن طبيعي أن نسمع مثل هذا الخطاب من طرف أسماء لا تتردد عن توظيف أي فرصة خدمة لمشروعها، وبالتالي لا نعتقد أن تصريحات السلفي أبو النعيم جاءت بجديد، سوى تكرار خطاب التكفير والشيطنة تجاه مسؤولين ومنابر". وقال حمادة، في حديث لهسبريس، إن "تصريحات أبو النعيم تأتي في إطار سلسلة من الخطابات المُشيطنة لبعض معالم التدين في المجال التداولي المغربي، وصدرت بالتحديد عن بعض الإسلاميين من التيارين الإخواني والسلفي الوهابي"، مضيفا أن "التيار الإخواني يضم العديد من القيادات والقواعد التي تنهل من مرجعية سلفية وهابية، ولا تتردد في كشف ذلك"، مؤكدا أنه اشتغل على ذلك بالأمثلة في كتاب "السلفية الوهابية في المغرب". "هؤلاء أفصحوا عما يؤمنون به وأكدوا مرة أخرى ما الذي سيقومون به في حال كانوا يُمسكون بزمام السلطة"، يضيف حمادة، مشددا على أن "هذه التصريحات تعكس وتُخرِجُ للعلن ما يتم ترويجه في الكواليس، أو ما هو متداول عند بعض الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي، وليس أبو النعيم وحده الذي لا يتردد في وصف القناة المغربية بأنها "قناة صهيونية متآمرة على الإسلام". وتابع المتحدث ذاته بأن هذا خطاب يُروجه العديد من الفاعلين الدينيين الذي يزعمون أنهم "وسطيون ومعتدلون"، مؤكدا أن "هذه معضلة حقيقية ستستمر طالما بقي هذا التواطؤ السائد في تدبير الشأن الديني، وطالما لم يصدر قانون يُجرم التكفير، حتى نساهم في وضع حد لهذا الخطاب التكفيري الخطير، ففي غياب الردع القانوني الصريح سوف تستمر هذه الخرجات التكفيرية".