يزور وزير خارجية المملكة العربية السعودية، عادل الجبير، الجزائر اليوم، في أول تحرّك يقوده نحو هذا البلد المغاربي، وسط "أزمة صامتة" اندلعت بين البلدين منذ أشهر، بسبب تراكم وقائع وأحداث أفضت إلى حدوث شرخ في العلاقات الثنائية، ومنها الموقف من بشار الأسد، وأسعار النفط. وفيما أوردت وسائل الإعلام الرسمية بالجزائر والسعودية أن لقاء الجبير برمطان العمامرة، وعدد من كبار المسؤولين بالجزائر، يروم أساسا بحث دعم العلاقات الثنائية بين البلدين، أكد مراقبون أن حلحلة الأزمة الحاصلة هي غاية الزيارة، التي تدخل في سياق انعقاد الدورة الثالثة للجنة التشاور السياسي الجزائرية السعودية. وتوقفت صحف جزائرية مقربة من قصر المرادية عند خلفيات زيارة المسؤول السعودي الرفيع، واعتبرتها فرصة سانحة من أجل إزالة فتيل التوتر الذي تمر منه العلاقات بين الجزائروالرياض، نتيجة لتباين وجهات النظر بين البلدين حيال بعض أزمات المنطقة، وتحديدا الوضع السوري واليمني. وبينما سعت السعودية إلى الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد، رفضت الجزائر هذا المنحى خلال قمة الدوحة سنة 2013، كما أن الجزائر نأت بنفسها عن المشاركة في التحالف الذي أعلنته الرياض لمحاربة الحوثيين باليمن، ولم تُستدع للانضمام إلى التحالف الإسلامي العسكري ضد الجماعات الإرهابية. وبخلاف السعودية والعديد من الدول العربية والإسلامية، اختارت الجزائر طريق الاصطفاف إلى جانب الأسد، والدفاع عن "الدولة السورية" وحق الشعب السوري في تقرير مصيره بيده، بل حرص الرئيس بوتفليقة على تهنئة الأسد أكثر من مرة، واستقبل مفتي سوريا، الشيخ بدر حسون، وهو أحد مقربي الأسد. ومن مظاهر الأزمة السياسية الصامتة بين البلدين بشأن الملف السوري، ما جرى، مؤخرا، داخل أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة، عندما قررت الجزائر رفض المقترح السعودي بخصوص وضعية حقوق الإنسان في سوريا، حيث كانت الدولة العربية الوحيدة الرافضة. الأزمة التي تحاول الجزائر أن تنزع فتيلها مع السعودية، تعمقت عندما حاولت هذه الأخيرة، جهد إمكانها، محاربة المد الإيراني، بينما الجزائر سعت، في الآونة الأخيرة، إلى مد جسور التصالح مع طهران في المجالين الدبلوماسي والاقتصادي، وهو ما قابلته الرياض بعدم الرضا. ولن تنسى السعودية ما ورد على لسان عمار سعداني، الأمين العام للحزب الحاكم في الجزائر، قبل أشهر خلت، عندما اتهمها بتنفيذ مؤامرة مع الإدارة الأمريكية بورقة النفط، لإضعاف الدول التي ترفض التدخل عسكريا في دول الجوار ومنطقة الساحل التي تشهد توترات عديدة.